
الشيخ حسن المصطفوي
مقا- وحد : أصل واحد يدلّ على الانفراد. من ذلك الوحدة ، وهو واحد قبيلته ، إذا لم يكن فيهم مثله. ولقيت القوم موحد موحد ، ولقيته وحده ، ولا يضاف إلّا في قولهم : نسيج وحده ، أى لا ينسج غيره لنفاسته ، وهو مثل. والواحد :المنفرد.
مصبا- وحد يحد حدة من باب وعد : انفرد بنفسه ، فهو وحد ، وكسر الحاء لغة. ووحد وحادة ووحدة فهو وحيد كذلك. وكلّ شيء على حدة ، أي متميّز عن غيره ، وجاء زيد وحده. قال سيبويه : إنّه معرفة أقيم مقام المصدر ويقوم مقام الحال ، وبنو تميم يعربونه بإعراب الاسم الأوّل ، وزعم يونس : إنّ وحده بمنزلة عنده. والواحد مفتتح العدد ، ويكون بمعنى جزء من الشيء ، فالرجل واحد من القوم ، أي فرد من أفرادهم ، والجمع وحدان. وأحد أصله وحد ، ويقع على الذكر والأنثى- لستنّ كأحد من النساء. ويكون بمعنى شيء. ويكون مرادفًا لواحد في موضعين سماعًا : أحدهما- وصف اسم الباري تعالى ، فيقال هو الواحد وهو الأحد ، لاختصاصه بالأحديّة ، ولهذا لا ينعت به غير اللّه تعالى. والموضع الثاني- أسماء العدد للغلبة وكثرة الاستعمال ، فيقال : أحد وعشرون ، وواحد وعشرون. وفي غير هذين يقع الفرق بينهما في الاستعمال ، بأنّ الأحد لنفي ما يذكر معه فلا يستعمل إلّا في الجحد لما فيه من العموم ، نحو ما قام أحد ، أو ما قام أحد الثلاثة مضافًا.
العين 3/ 280- الوحد : المنفرد ، رجل وحد وثور وحد. والرجل الوحد : الّذي لا يعرف له أصل ، والوحد خفيف : حدة كلّ شيء. والوحد : منصوب في كلّ شيء ، لأنّه يجري مجرى المصدر خارجًا من الوصف. وكلّ شيء على حدة : بائن من آخر. ولا يقال غير أحد وإحدى في أحد عشر وإحدى عشرة ، ويقال واحد وعشرون وواحدة وعشرون. وإذا حملوا الأحد على الفاعل أجري مجرى الثاني والثالث ، وقالوا : هذا حادي عشرهم.
التحقيق
أنّ الأصل الواحد في المادّة : هو انفراد في ذات أو صفة. وسبق في فرد : إنّه انفراد من جهة المقارن في قبال الزوج.
وقلنا في أحد : إنّ بين مادّتي أحد ووحد اشتقاق أكبر ، وليس الأحد مقلوبًا من الوحد ، بل كلّ واحد منهما صيغة مستقلّة.
ويؤيّد هذا المعنى : استعمال المادّتين بمعنى الانفراد في وحد ، والعدد في أحد ، في العبريّة والسريانيّة وغيرهما- كما في فرهنگ تطبيقي.
فالمادّة غير متعديّة وبمعنى الانفراد في ذات أو صفة ، وهذا المعنى ينطبق على موارد مختلفة ، من اللّه العزيز ، ومن الأمور الروحانيّة ، ومن الموضوعات فيما وراء عالم المادّة ، ومن الموضوعات الماديّة ، ومن الأعمال والأمور الخارجيّة.
ففي مورد اللّه المتعال : كما في :
. {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39] . {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16]. {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } [ص: 65] .فاللّه عزّ وجلّ هو المنفرد في ذاته وصفاته حقًّا ، وهذا المعنى يختصّ به تعالى ولا شريك له من جهة الذات ولا في صفاته ، فإنّه نور غير متناه لا حدّ له بوجه ذاتًا وصفة ، وهو الذات المطلق الأزليّ الأبديّ بذاته الغنيّ في ذاته الحيّ المطلق القيّوم.
فالواحد والوحيد والأحد : من أسمائه الحسنى. والنظر في الواحد : إلى قيام الانفراد به. وفي الوحيد : إلى الاتّصاف والثبوت. وفي الأحد : إلى الفرديّة الخالصة ومن حيث هي ، أي الأحديّة الّتي لا عدد غيرها.
وقد ذكرنا تفصيلًا حقيقة الأحديّة في باب 33 من كتاب الأحاديث الصعبة الرضويّة.
ويذكر بعد اسم الواحد اسم القهّار : والقهر عبارة عن إعمال القدرة والغلبة في مقام العمل والإجراء ، فالقهّار هو الّذي يجرى قدرته وتفوّقه وغلبته على جميع خلقه ، وهو الحاكم النافذ على الإطلاق.
ولمّا كان مفهوم الوحدة فيه توهّم الضعف : يشار بالقهّاريّة إلى أنّه تعالى متفوّق وغالب على جميع الخلق ، وهو القاهر النافذ المطلق.
ثمّ إنّ الواحد بمناسبة كلمة اللّه قد ذكر معرّفا باللام ، فإنّه علم. وهذا بخلاف ذكره مع كلمة إلاه ، فيذكر تابعه نكرة : كما في : . {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} [المائدة: 73] . { لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النحل: 51] . {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} [ص: 5]. والإله في الأصل مصدر بمعنى العبادة مع التحيّر ، ثمّ جعل اسمًا بالغلبة على ما يعبد من الأصنام أو غيرها حقًّا أو باطلًا.
وأمّا ذكر الواحد في موارد الموضوعات الماديّة : فكما في :
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ } [البقرة: 61] . { لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} [يوسف: 67]. {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ .. يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ} [الرعد : 4].
يراد التفرّد من جهة الذات والصفات في هذه الموضوعات.
وأمّا ذكره في موضوعات ممّا وراء المادّة : كما في :
{فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 13، 14]. . { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ} [الصافات: 19]. . {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} [الحاقة: 13] الزجر : هو المنع عن عمل بواسطة كلام وبيان ، ومن مصاديقه الصيحة الشديدة ، والخطاب ذو حدة في مقام إيجاد تحوّل. والسهر : هو فقدان النوم والغفلة مع توجّه بالليل.
والتوصيف بالوحدة : يشير إلى شدّة ونفوذ تامّ في الزجرة والصيحة والنفخة بحيث تكفى واحدة منها في مقام تحصيل الغرض.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1]. {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} [الأنعام: 98].. { خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } [النساء: 1]. النفس : تشخّص من جهة الذات وترفّع ، أي الفرد المتشخّص المطلق ، مادّيًّا أو روحانيًّا. والزوج : من يكون له جريان خاصّ معادلاً ومقارنًا لفرد آخر ، وكلّ من المتعادلين زوج.
هذه الآيات الكريمة ناظرة إلى جهة الخلق المادّيّ والتكوين الظاهريّ ، والمجموع المركّب من الروح والبدن ، وهو المتبادر من كلمة الشخص.
وليس النظر فيها إلى الجهة الروحانيّة ، ويؤيّده القرائن الموجودة في الآيات ، كالزوج والخلق والبثّ وغيرها.
وتدلّ على هذا أيضا الآيات الكريمة :
{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ .. فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ } [البقرة: 213].
{ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا } [يونس: 19]. فإنّهم كانوا من نفس واحدة أبوهم آدم وأمّهم حوّاء ، لا اختلاف بينهم في الشكل الظاهر ولا في الصفات النوعيّة ، وكانوا منفردة من جهة الذات والصفات.
___________________
• - مقا - معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، ٦ مجلدات ، طبع مصر . ١٣٩ هـ.
• - مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
شكل القرآن الكريم (3)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (6)
محمود حيدر
الاعتراف بالذنوب يقرّبنا إلى الله
الشيخ محمد مصباح يزدي
طرق الوقاية والعلاج من حبّ الدنيا
الشيخ مجتبى الطهراني
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
شكل القرآن الكريم (3)
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (6)
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
الزهراء عليها السّلام إشراقات مباركة
(سنابل يوسف) جديد الكاتب عبدالعزيز آل زايد
واحد وثلاثون عملاً للحبارة في تحدّي (إنكتوبر 2025)
الاعتراف بالذنوب يقرّبنا إلى الله
طرق الوقاية والعلاج من حبّ الدنيا
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)