السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي ..
خلاصة :
قد علم كان عاقل بلغته الدعوة الاسلامية ، أن محمّداً (ص) بشر جميع الاُمم بدعوتهم إلى الإسلام ، وأقام الحجّة عليهم بالقرآن ، وتحداهم بإعجازه ، وطلب منهم أن يأتوا بمثله وإن كان بعضهم لبعض ظهيراً ، ثم تنزل عن ذلك فطلب منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، ثم تحدّاهم إلى الإتيان بسورة واحدة.وكان من الجدير بالعرب ـ وفيهم الفصحاء النابغون في الفصاحة ـ أن يجيبوه إلى ما يريد ، ويسقطوا حجّته بالمعارضة ، لو كان ذلك ممكناً غير مستحيل. نعم كان من الجدير بهم أن يعارضوا سورة واحدة من سور القرآن ، ويأتوا بنظيرها في البلاغة ، فيسقطوا حجّة هذا المدعي الذي تحدّاهم في أبرع كمالاتهم ، وأظهر ميزاتهم ، ويسجلوا لأنفسهم ظهور الغلبة وخلود الذكر ، وسمّو الشرف والمكانة ، ويستريحوا بهذه المعارضة البسيطة من حروب طاحنة ، وبذل أموال ، ومفارقة أوطان ، وتحمّل شدائد ومكاره.
قد علم كان عاقل بلغته الدعوة الاسلامية ، أن محمّداً (ص) بشر جميع الاُمم بدعوتهم إلى الإسلام ، وأقام الحجّة عليهم بالقرآن ، وتحداهم بإعجازه ، وطلب منهم أن يأتوا بمثله وإن كان بعضهم لبعض ظهيراً ، ثم تنزل عن ذلك فطلب منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، ثم تحدّاهم إلى الإتيان بسورة واحدة.
وكان من الجدير بالعرب ـ وفيهم الفصحاء النابغون في الفصاحة ـ أن يجيبوه إلى ما يريد ، ويسقطوا حجّته بالمعارضة ، لو كان ذلك ممكناً غير مستحيل. نعم كان من الجدير بهم أن يعارضوا سورة واحدة من سور القرآن ، ويأتوا بنظيرها في البلاغة ، فيسقطوا حجّة هذا المدعي الذي تحدّاهم في أبرع كمالاتهم ، وأظهر ميزاتهم ، ويسجلوا لأنفسهم ظهور الغلبة وخلود الذكر ، وسمّو الشرف والمكانة ، ويستريحوا بهذه المعارضة البسيطة من حروب طاحنة ، وبذل أموال ، ومفارقة أوطان ، وتحمّل شدائد ومكاره.
ولكن العرب فكّرت في بلاغة القرآن فأذعنت لأعجازه ، وعلمت أنها مهزومة إذا أرادت المعارضة ، فصدق منها قوم داعي الحق ، وخضعوا لدعوة القرآن ، وفازوا بشرف الإسلام ، وركب آخرون جادة العناد ، فاختاروا المقابلة بالسيوف على المقاومة بالحروف ، وآثروا المبارزة بالسنان على المعارضة في البيان ، فكان هذا العجز والمقاومة أعظم حجّة على أن القرآن وحي إلهي خارج عن طوق البشر.
وقد يدعي جاهل من غير المسلمين : أن العرب قد أتت بمثل القرآن وعارضته بالحجّة ، وقد اختفت علينا هذه المعارضة لطول الزمان. وجواب ذلك : أن هذه المعارضة لو كانت حاصلة لاعلنتها العرب في أنديتها ، وشهرتها في مواسمها وأسواقها. ولاخذ منه أعداء الاسلام نشيداً يوقّعونه في كلّ مجلس ، وذكرا يرددونه في كلّ مناسبة ، وللقنه السلف للخلف ، وتحفظوا عليه تحفظ المدعي على حجّته ، وكان ذلك أقرّ لعيونهم من الاحتفاظ بتاريخ السلف ، وأشعار الجاهليّة التي ملأت كتب التاريخ ، وجوامع الأدب ، مع أنا لا نرى أثراً لهذه المعارضة ، ولا نسمع لها بذكر. على أنّ القرآن الكريم قد تحدّى جميع البشر بذلك ، بل جميع الإنس والجنّ ، ولم يحصر ذلك بجماعة خاصة. فقال عز من قائل : ( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) [ ١٧ : ٨٨ ].
ونحن نرى النصارى وأعداء الإسلام ، يبذلون الأموال الطائلة في الحط من كرامة هذا الدين ، والنيل من نبيّه الأعظم ، وكتابه المقدّس ، ويتكرّر هذا العمل منهم في كلّ عام بل في كلّ شهر. فلو كان من الميسور لهم أن يعارضوا القرآن ، ولو بمقدار سورة منه ، لكان هذا أعظم لهم في الحجّة ، وأقرب لحصول الأمنية ، ولما احتاجوا إلى صرف هذه الأموال ، وإتعاب النفوس.
( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) [ ٦١ : ٨ ].
على أن من مارس كلاماً بليغاً ، وبالغ في ممارسته زماناً ، أمكنه أن يأتي بمثله أو بما يقاربه في الاُسلوب ، وهذا مشاهد في العادة ، ولا يجري مثل هذا في القرآن ، فإن كثرة ممارسته ودراسته ، لا تمكن الانسان من مشابهته في قليل ولا كثير ، وهذا يكشف لنا أن للقرآن اُسلوباً خارجاً عن حدود التعليم والتعلّم ، ولو كان القرآن من كلام الرسول وإنشائه ، لوجدنا في بعض خطبه وكلماته ما يشبه القرآن في اُسلوبه ، ويضارعه في بلاغته. وكلمات الرسول (ص) وخطبه محفوظة مدونة تختص باُسلوب آخر. ولو كان في كلماته ما يشبه القرآن لشاع نقله وتدوينه ، وخصوصاً من أعدائه الذين يريدون كيد الإسلام بكلّ وسيلة وذريعة. مع أنّ للبلاغة المألوفة حدوداً لا تتعدّاها في الأغلب ، فإنا نرى البليغ العربي الشاعر أو الناثر تختصّ بلاغته في جهة واحدة ، أو جهتين أو ثلاث جهات ، فيجيد في الحماسة مثلاً دون المديح ، أو في الرثاء دون النسيب ، والقرآن قد استطرد مواضيع عديدة ، وتعرض لفنون من الكلام كثيرة ، وأتى في جميع ذلك بما يعجز عنه غيره ، وهذا ممتنع على البشر في العادة.
مقتبس من كتاب البيان في تفسير القرآن
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد هادي معرفة
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ باقر القرشي
الشيخ حسين مظاهري
السيد عباس نور الدين
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ جعفر السبحاني
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
ياسر آل غريب