
السيد جعفر مرتضى
نص الشبهة:
ويروون عن علي بن الحسين «عليهما السلام»، عن أبيه، عن علي «عليه السلام»: أنه بينما كان يستعد لنقل فاطمة «عليها السلام» وعنده شارفان من الإبل، كان أخذهما من خمس غنائم بدر، قد أناخهما إلى جانب حجرة لبعض الأنصار، وإذا بحمزة بن عبد المطلب قد خرج عليهما من بيت كان يشرب فيه، وعنده قينة تغنيه: «ألا يا حمز للشرف النواء» خرج عليهما وهو سكران؛ فجب أسنمتهما، وبقر خاصرتيهما، وأخرج كبدهما، ومضى لسبيله. فشكاه علي «عليه السلام» إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»؛ فجاء معه الرسول ورأى ما رأى، فنظر إليه حمزة، وصعد النظر إليه، وقال: وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟ فتركه «صلى الله عليه وآله» وانصرف، وذلك قبل تحريم الخمر (البخاري ط سنة1309 ج2 ص120 كتاب الخمس حديث1 وكتاب المغازي باب12 وكتاب المساقاة، وصحيح مسلم كتاب الأشربة ج6 ص85 و 86، ومسند أحمد ج1 ص142، والبداية والنهاية ج3 ص245، والإصابة ج4 ص378، والسيرة الحلبية ج2 ص161، وتفسير البرهان ج1 ص498، وتفسير الميزان ج6 ص131 كلاهما عن العياشي، وراجع: مشكل الآثار ج2 ص287. وبهجة المحافل ج1 ص279 وشرحه للأشخر اليمني، والجامع لأحكام القرآن ج6 ص287، وغرائب القرآن مطبوع بهامش جامع البيان ج7 ص29 و30 و31، وأسباب النزول ص118 و119 ومدارك التنزيل للخازن ج1 ص147.
ولكن النص الموجود في المصادر الأخيرة قد ذكر نزول آية سورة المائدة في هذه المناسبة، مع وجود مخالفة ظاهرة للرواية المذكورة في المتن أعلاه. مع أن سورة المائدة قد نزلت بعد سنوات من استشهاد حمزة في حرب أحد. وذلك ظاهر؛ لأنها إنما نزلت في أواخر حياة النبي (صلى الله عليه وآله). فراجع: الدر المنثور ج2 ص252 عن مصادر كثيرة.). وفي رواية: أن حمزة قد فعل ذلك في واقعة أحد، حتى إن الرسول إنما رضي عنه في وسط المعركة، وبعد أن حمل عدة حملات صاعقة على العدو (راجع: البحار ج20 ص114 و 115 عن المجالس والأخبار ص57 و 58، وتفسير العياشي ج1 ص339 و 340.).
الجواب:
وذلك لا يصح، أما :
أولاً: فلأن مختلف الروايات الواردة في زواج أمير المؤمنين تقول: إنه «عليه السلام» لم يكن يملك إلا درعه الحطمية، التي باعها وأنفق ثمنها على الزفاف، وتضيف بعض الروايات فرسه أيضاً.
ولو كان عنده شارفان من الإبل، لكان الأولى أن يذكرهما للنبي «صلى الله عليه وآله» حينما سأله عما يملك، مما يريد أن يقدمه مهراً، فلم يذكر له إلا درعه الحطمية؛ فلتراجع الروايات المتقدمة.
وثانياً: إن من المعلوم: أن زفاف فاطمة قد كان قبل أحد بعدة أشهر، فكيف تقول الرواية الثانية: إن ذلك قد كان في أحد؟.
كما أنهم قد قرروا: أن حمزة كان يوم أحد وقبله صائماً 1.
فكيف يكون قد شرب الخمر، وفعل ما فعل في ذلك اليوم، أو في الذي قبله؟!.
وثالثاً: إن الخمر لم تكن سمعتها حسنة عند العرب، وكانوا يدركون سوءها، وقد حرمها عدد منهم على نفسه قبل مجيء الإسلام، مثل: أبي طالب 2 وعبد المطلب 3، وتقدم ذلك عن جعفر بن أبي طالب أيضاً كما رواه في الأمالي.
وذكر ابن الأثير: أن ممن حرمها على نفسه عثمان بن مظعون، وعباس بن مرداس، وعبد المطلب، وجعفر، وقيس بن عاصم، وعفيف بن معد يكرب العبدي، وعامر بن الظرب، وصفوان بن أمية، وأبو بكر، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن جدعان 4.
وإن كنا نشك في ذلك بالنسبة إلى بعض من ذكرهم، مثل أبي بكر، وعبد الرحمن بن عوف، كما سنرى.
وأما ذكر عمر بن الخطاب مع هؤلاء، فلا شك في أنه من إضافات النساخ، جرياً على العادة في ذكر هذه الأسماء، لأنه كان من أشرب الناس للخمر في الجاهلية، بل لقد استمر على ذلك حتى بعد أن أسلم كما أوضحه العلامة الأميني 5. وسيأتي إن شاء الله بعض من ذلك أيضاً.
ومهما يكن من أمر، فقد عد ابن حبيب ممن حرم الخمر على نفسه أيضاً: ورقة بن نوفل، وأبا أمية بن المغيرة، والحارث بن عبيد المخزوميين، وزيد بن عمرو بن نفيل، وعامر بن حذيم، وعبد الله بن جدعان، ومقيس بن قيس، وعثمان بن عفان، والوليد بن المغيرة، وشيبة بن ربيعة، وعبد المطلب بن هاشم 6.
وإنما حرمها هؤلاء على أنفسهم، لأنهم رأوها لا تناسب كرامتهم وسؤددهم، كما يظهر من روايـة تنسب إلى أبي بـكـر؛ فقد روى ابن عساكر ـ وإن كان سيأتي عدم صحة هذه الرواية، لكننا نذكرها لدلالتها على سوء سمعة الخمر عند العرب ـ: أنه قيل لأبي بكر في مجمع من الصحابة: هل شربت الخمر في الجاهلية؟!
فقال: أعوذ بالله.
فقلت: ولم؟
قال: كنت أصون عرضي، وأحفظ مروءتي، فإن من شرب الخمر كان متضيعاً في عرضه ومروءته الخ.. 7.
وقال ابن الأثير: «وكان العباس بن مرداس ممن حرم الخمر في الجاهلية، فإنه قيل له: ألا تأخذ من الشراب، فإنه يزيد في قوتك؛ وجراءتك؟
فقال: لا أصبح سيد قومي، وأمسي سفيهاً، لا والله لا يدخل جوفي شيء يحول بيني وبين عقلي أبداً» 8.
ومن عرف حمزة، واطلع على سمو نفسه، وعزته، وأنفته، وسجاياه، فإنه يرى: أنه لا يقصر عن هؤلاء، ولا عن غيرهم ممن حرمها على نفسه، إن لم يكن يزيد عليهم في كثير من الخصال والسجايا، التي تجعله يربأ بنفسه عن أمر كهذا.
ولعل حشر حمزة، بل وحتى أمير المؤمنين «عليه السلام»، الذي ربي في حجر النبوة، ليس إلا من أولئك الحاقدين على الإسلام وحماته، ممن يهمهم الطعن في كرامة كل هاشمي، كما هو ظاهر سيرة الأمويين والزبيريين، وأذنابهم ومن يتزلف لهم، ولو بالكذب والدجل والافتراء.
ورابعاً: إن الأقوال والروايات تكاد تكون متفقة على مخالفة رواية الشارفين المذكورة، لأن رواية الشارفين تقول: إن تحريم الخمر كان حين زفاف فاطمة «عليها السلام» 9.
• 1. مغازي الواقدي ج1 ص211، وشرح النهج ج14 ص224.
• 2. راجع: السيرة الحلبية ج1 ص113.
• 3. راجع: السيرة الحلبية ج1 ص4 و113، وشرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص279، وأسنى المطالب ص58.
• 4. أسد الغابة ج3 ص113، وراجع: شرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص279، وعن عباس بن مرداس راجع: الإصابة ج2 ص272.
• 5. راجع: الغدير ج6 ص95 ـ 103.
• 6. المنمق ص531 و 532، وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص279.
• 7. الصواعق المحرقة ص73 عن ابن عساكر، وقال ابن حجر: وهو مرسل غريب سنداً ومتناً.
• 8. أسد الغابة ج3 ص113.
• 9. الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الخامسة، 2005 م. ـ 1425 هـ. ق، الجزء السادس.
كيف يصنع الدماغ العادة أو يكسرها؟
عدنان الحاجي
بين الأمل والاسترسال به (1)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الذّكاء المصنوع كعلم منظور إليه بعين الفلسفة من الفيزياء إلى الميتافيزياء
محمود حيدر
معنى (توب) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
مناجاة الذاكرين (4): بك هامت القلوب الوالهة
الشيخ محمد مصباح يزدي
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
الشيخ محمد صنقور
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
ضحكات المطر
حبيب المعاتيق
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
(مبادئ الذّكاء الاصطناعيّ) محاضرة في مجلس الزّهراء الثّقافيّ
كيف يصنع الدماغ العادة أو يكسرها؟
بين الأمل والاسترسال به (1)
الذّكاء المصنوع كعلم منظور إليه بعين الفلسفة من الفيزياء إلى الميتافيزياء
معنى (توب) في القرآن الكريم
جلسة حواريّة بعنوان (مرايا القراءة)
مناجاة الذاكرين (4): بك هامت القلوب الوالهة
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
فريق بحث ينشر اكتشافًا رائدًا لتخليق الميثان
معنى (خشع) في القرآن الكريم