القصاصون على حقيقتهم
إنه وإن كان كثير من الأعيان والمعروفين كانوا يحضرون مجالس القصاصين، ويستمعون إليهم (1)، وقد استمر ذلك إلى وقت متأخر نسبياً، إلا أن أمرهم قد افتضح، وظهر لأكثر الناس ما كان خافياً.
وبدأ الناس يجهرون بالحقيقة، ويصرحون بها، ونحن نذكر هنا بعضاً من ذلك ليتضح الأمر، ويسفر الصبح لذي عينين، فنقول:
1 ـ قال أبو قلابة: «ما أمات العلم إلا القصاص، يجلس الرجل إلى القاص السنة فلا يتعلم منه شيئاً» (2). وقريب من ذلك ما عن أيوب السختياني (3).
2 ـ لقد ذكر أحد الصحابة لواحد من القصاصين: أن ظهور القصاص كان هو السبب في ترك الناس لسنة نبيهم، وقطع أرحامهم (4).
3 ـ عن أحمد بن حنبل: أكذب الناس السؤال، والقصاص (5).
4 ـ وقال محمد بن كثير عن القصاص: أكذب الخلق على أنبيائه (6).
5 ـ وصرح البعض: أن السبب في انتشار الإسرائيليات في كتب التاريخ والتفسير هم القصاصون (7).
6 ـ وقال إبراهيم الحربي: «الحمد لله الذي لم يجعلنا ممن يذهب إلى قاص، ولا إلى بيعة، ولا إلى كنيسة» (8).
7 ـ وقال ابن قتيبة: «إن القصاص على قديم الزمان كانوا يميلون وجوه العامة إليهم، ويستدرون ما عندهم بالمناكير، والغريب، والأكاذيب من الحديث» (9).
8 ـ ويقول آخر: «كانوا يضعون الأحاديث في قصصهم قصداً للتكسب والارتزاق، وتقرباً للعامة بغرائب الروايا ، ولهم في هذا غرائب وعجائب، وصفاقة وجد لا توصف» (10).
9 ـ وعن أيوب: ما أفسد على الناس حديثهم إلا القصاص.
10 ـ ولما قص إبراهيم الحربي أخرجه أبوه (11).
مع تفاصيل أخرى، ولا يقتصر الأمر على ما ذكر، فإنهم يقولون عن القصاصين أيضاً:
1 ـ ما هم إلا غوغاء يستأكلون أموال الناس بالكلام (12).
2 ـ إنهم لا يحفظون الحديث (13).
3 ـ إنهم ينسبون ما يسمعونه من الناس إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، ويخلطون الأحاديث بعضها ببعض، ويتصنعون البكاء، والرعدة. ومنهم من يصفر وجهه ببعض الأدوية، وبعضهم يمسك معه ما إذا شمه سال دمعه، ويتظاهرون بالصعقة، ويعملون على استمالة النساء، وغير ذلك (14).
4 ـ وقد أحدثوا وضع الأخبار (15).
5 ـ وعامة ما يحدث به القصاص كذب (16).
وحسبك من جرائمهم على الحق وعلى الدين:
1 ـ أن قصة الغرانيق من صنعهم (17).
2 ـ ومنهم من روى: أن يوسف حل تكته، فلاح له أبوه (18).
3 ـ وأن قصة داود وأوريا من وضعهم (19).
4 ـ وأن قراءة القرآن بالإلحان قد جاءت من قبلهم (20).
5 ـ ووضع بعضهم في ساعة واحدة أحاديث كثيرة حول فضل صيام يوم عاشوراء، حسب اعترافه.
إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه.
موقف علي عليه السلام من القصاصين
أما بالنسبة لموقف علي «عليه السلام» المتشدد جداً من القصاصين، الذين كان منهم شخصيات مشهورة، وذات قيمة لدى بعض الفئات، فنكتفي هنا بالإشارة إلى موقف السائرين على نهج أمير المؤمنين علي «عليه السلام»، وذلك في الفقرة التالية.
السائرون على نهج علي عليه السلام
إننا إنصافاً للحقيقة وللتاريخ نسجل: أن المواقف السلبية من القصاصين لمن عدا شيعة أهل البيت «عليهم السلام» قد جاءت متأخرة نسبياً عن موقف أتباع مدرسة أهل البيت «عليهم السلام»، الذين كانوا يسجلون إنكارهم وإدانتهم لهذا الاتجاه في صور ومستويات مختلفة.
وقد تجد ذلك قد ورد على صورة نصائح ربما جاءت خافتة إلى حد ما، وذلك انسجاماً مع مقتضيات الواقع الذي كان يفرض قدراً من التحاشي عن الجهر بما يخالف سياسات الحكم، ولو بهذا المستوى الضعيف والضئيل.
ولا نريد هنا أن نسبر أغوار التاريخ لنلتقط الدلائل والشواهد الكثيرة والغزيرة من هنا وهناك، بل نكتفي بذكر نماذج تشير إلى ذلك، وهي التالية:
1 ـ روى مسلم بسنده عن عاصم قال: «كنا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي ـ ونحن غلمة أيفاع ـ فكان يقول لنا: لا تجالسوا القصاص غير أبي الأحوص، وإياكم وشقيقاً. وكان شقيق هذا يرى رأي الخوارج، وليس بأبي وائل».
2 ـ عن عبد الله بن خباب بن الأرت قال: مر بي أبي، وأنا عند رجل يقص، فلم يقل لي شيئاً حتى أتيت البيت. فاتزر، وأخذ السوط يضربني، حتى حجره الزنو، وهو يقول: أمع العمالقة؟! أمع العمالقة؟! ثلاثاً. إن هذا قرن قد طلع، إن هذا قرن قد طلع، يقولها ثلاثاً.
3 ـ بل إن ابن مسعود الذي يقال: إنه يميل إلى علي «عليه السلام»، رغم أننا نجد: أنه كان يتأثر خطى عمر بن الخطاب بصورة ملفتة وواضحة، قد سجل أيضاً إدانته للقصاص من أهل الكتاب، فما ظنك بغيره من أهل العلم والمعرفة بالدين؟!
4 ـ وتقدم قول أبي قلابة: ما أمات العلم إلا القصاص، وإن الرجل يجلس إلى القاص السنة، فلا يتعلم منه شيئاً.
5 ـ وتقدم أيضاً قـول أحد الصحابة: إن القصاص هم السبب فـي ترك الناس لسنة نبيهم، وقطيعة أرحامهم. إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. راجع : القصاص والمذكرين وغيره .
2. ربيع الأبرار ج3 ص588 والقصاص والمذكرين ص107 وراجع ص108 وأضواء على السنة المحمدية ص124 .
3. السنة قبل التدوين ص213 عن الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع ص147 .
4. راجع : مختصر تاريخ دمشق ج10 ص202 ومجمع الزوائد ج1 ص189 وغير ذلك .
5. القصاص والمذكرين ص83 وراجع : طبقات الحنابلة ج1 ص253 وعن قوت القلوب ج2 ص308 . والحوادث والبدع ص102 .
6. القصاص والمذكرين ص84 وراجع : تحذير الخواص ص80 .
7. تاريخ المذاهب الإسلامية ج1 ص15 .
8. القصاص والمذكرين ص109 .
9. تأويل مختلف الحديث ص355 ـ 357 .
10. الباعث الحثيث ص85 .
11. القصاص والمذكرين ص107 .
12. ربيع الأبرار ج3 ص589 .
13. القصاص والمذكرين ص62 ـ 63 .
14. راجع : القصاص والمذكرين ص78 و79 فما بعدها إلى آخر الباب .
15. القصاص والمذكرين ص18 .
16. المصدر السابق ص19 .
17. المصدر السابق .
18. المصدر السابق ص96 و97 .
19. المصدر السابق ص84 .
20. صحيح مسلم ج1 ص15 والقصاص والمذكرين ص107 .
الدكتور محمد حسين علي الصغير
السيد محمد حسين الطهراني
عدنان الحاجي
السيد عباس نور الدين
د. سيد جاسم العلوي
الفيض الكاشاني
الشيخ محمد صنقور
السيد علي عباس الموسوي
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد جعفر مرتضى
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
مجاز القرآن بإطاره البلاغي العام (1)
معرفة النفس طريق إلى معرفة الله
اكتشاف حالة نصف نارية نصف ثلجة جديدة في مادة مغناطيسية
اختطاف عشوائي، جديد (أضواء) للفنون المسرحيّة
المحطّة الأولى من سفر الكمال.. وشروطها العشرة
التطور التاريخي لفيزياء الجسيمات الأولية (1)
غربال العمر، جديد الكاتبة نازك الخنيزي
صناعة الله تعالى
اختتام حملة (ومن أحياها)، بنسختها الثّانية والعشرين
مجاز القرآن عند الرّوّاد الأوائل