
ما إن يهل هلال شهر رمضان المبارك في سماء المعمورة، وينشتر نوره القدسي موشياً صفحاتها، حتى تنتفض قرائح الشعراء مرحبة بقدومه، مودعة شهر شعبان الأغر،كما جاء في قصيدة لابن دراج القسطلي (347هـ/958م- 421هـ/1030م) يقول فيها:
فَلَئِنْ غَنِمْتَ هُنَاكَ أَمْثَالَ الدُّمَى/ فَهُنَا بُيُوْتُ الـمِسْكِ فَاغْنَمْ وَانْتَهِبْ
تُـحَفًا لِشَعْبَانَ جَلا لَكَ وَجْهُهُ/ عِوَضَاً عَنِ الوَرْدِ الذي أَهْدَى رَجَبْ
فَاقْبَلْ هَدِيَّتَهُ فَقَدْ وَافَى بِـهَا/ قَدَرًا إِلى أَمَدِ الصِّيَامِ إِذَا وَجَبْ
وَاسْتَوْفِ بَـهْجَتَهَا وَطِيْبَ نَسِيْمِهَا/ فَإِذَا دَنَا رَمَضَانُ فَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ
ويقول المؤيد في الدين الشيرازي (المتوفى 470 هـ / 1087 م وهو عالم إسماعيلي) بأن قدوم شهر رمضان رحمة للعالمين، وأن فيه النعيم المقيم، بعد أن كان سبقه إلى الخير والفضل شهر رجب وشهر شعبان، وكل شهر بالنسبة إليه لا تنقضي أيامه إلا ليبشر بشهر آخر يتبعه بشرف جسيم:
وَرَحْـمَةُ رَبِّنَا فِيْنَا تَـجَلَّتْ/ وَذَاكَ الفَضْلُ مِنْ رَبٍّ رَحِيْمِ
وَلَيْسَ سِوَاهُ يُسْأَلُ عَنْ نَعِيْمٍ/ إذا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنِ النَّعِيْمِ
أَتَى رَجَبٌ يُؤَمِّمُ مِنْكَ شَـمْسَ السَّعادةِ بَدُرُهَا بَدْرُ العُلُوْمِ
وَيَأْتي بَعْدَهُ شَعْبَانُ شَهْرُ النبيِّ الطَّاهِرِ الطُّهْرِ الكَرِيْـمِ
وَشَهْرُ اللهِ يَتْلُوْهُ وَكُلٌّ/ يَدُلُّ عَلَى أَخِي شَرَفٍ جَسِيْمِ
وليس أقوى من اشتعال نار الحنين بردًا في قلوب المحبين، حين تلمع بارقةٌ من هلال الشهر الفضيل، وترى الناس متحلّقين يرحبون بطلوعه، يتغزّلون بجماله، ويغتنمونها فرصة لحث الناس على ضرورة الاهتمام بهذا الضيف القادم من بعيد، وحسن الضيافة لا يتم إلا من خلال قراءة القرآن الكريم، والقيام بأعمال البر. وفي هذا يقول ابن الصباغ الجذامي (شاعر صوفي أندلسي) احتفالًا بإشراقة هلال شهر رمضان المبارك:
هَذَا هِلَالُ الصَّوْمِ مِنْ رَمَضَانِ/ بِالأُفْقِ بَانَ فَلا تَكُنْ بِالوَانِـي
وَافَاكَ ضَيْفًا فَالْتَزِمْ تَعْظِيْمَهُ/ وَاجْعَلْ قِرَاهُ قِرَاءَةَ القُرْآنِ
صُمْهُ وَصُنْهُ وَاغْتَنِمْ أَيَّامَهُم/ وَاجْبُرْ ذِمَا الضُّعَفَاءِ بِالإِحْسَانِ
ويقول الشاعر العراقي عبود الطريحي إن شهر رمضان المبارك شهر الاستعداد للتقى والصلاح، فهو شهر الرحمة وتلاوة القرآن، مركزاً على ضرورة الابتعداد عن الملاهي والالتزام بالعبادة وقراءة الأدعية ومناجاة الله سبحانه وتعالى:
أَقْبَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ قُمْ وَاسْتَعِد/ لِصَوْمِهِ مَعَ التُّقَى وَالصَّلاح
شَهْرٌ بِهِ الرَّحْمَةُ قَدْ أُنْزِلَتْ/ وَكُلُّ خَيْرٍ لِلتُّقَى فِيْهِ لَاح
فَقَدْ أَحَبَّ للهُ أَنْ تَكُوْنَ/ تِلَاوَةُ القُرْآنِ عِنْدَ الصَّبَاح
دَعِ الـمَلاهِي عَنْكَ وَادْعُ بِه/ دُعَا النَّهَارِ وَدُعَا الافْتِتَاح
ونور الشهر الكريم، نورٌ حبيب كما يصفه الشاعر الجزائري محمد الأخضر، ومع الحبيب تحلو النجوى فيبثه من قلبه خلجات حيرى شارحًا له حال الناس الذين طغوا في هذه الدنيا وأصبحوا لا يستجيبون لدعوات الصلاح، كما يدعوه لأن يذكّر الناس بالعهود السالفة حينما كان الصوم معنى للتسامي والرقي والرحمة:
اِمْـلأِ الـدُّنْيَا شُعَاعَـًا/ أَيُّـَها النُّـْورُ الـحَبِيْـب
اُسْكُبِ الأَنْـَوارَ فِيْـهَا/ مِـنْ بَعِـيْدٍ وَقَـرِيْـب
ذَكِّـرِ النَّـاسَ عُـهُوْدَاً/ هِيَ مِنْ خَيْرِ العُهُوْد
يَوْمَ كَانَ الصَّـْوُم مَــْعنَىً/ لِلتَّسَامِي وَالصُّعُوْد
يَنْشُرُ الرَّحْـمَةَ في الأَرْضِ عَلَى هَذَا الوُجُوْد
أما الأديب مصطفى صادق الرافعي (أصله من طرابلس الشام وتوفي في طنطا) فنجده يعبر عن إحساسه بهذا الشهر الكريم واصفًا إياه بغمام الخير الذي يسّاقط فوق ربى هذه الدنيا رحمة، فتنتظره الخلاق التي تعلم حقيقة أمره، والتي بلغت بالصيام مناها من حيث تعلّق الوجدان بلطائف المعبود والتماسه أسرار الصوم:
فَدَيْتُكَ زَائِرًا في كُلِّ عَامِ/ تُـحَيَّا بِالسَّلامَةِ وَالسَّلَامِ
وتُقْبِلُ كَالغَمَامِ يَفِيْضُ حِيْنًا/ وَيَبْقَى بَعْدَهُ أَثَرُ الغَمَامِ
وَكَمْ في النَّاسِ مِنْ كَلِفٍ مَشُوْقٍ/ إِلَيْكَ وَكَمْ شَجِيٍّ مُسْتَهَامِ
وَلَـمْ أَرَ قَبْلَ حُبِّكَ مِنْ حَبِيْبٍ/ كَفَى العُشَّاقَ لَوْعَاتِ الغَرَامِ
فَلَوْ تَدْرِي العَوَالِـمُ مَا دَريْنَا/ لَـحَنَّتْ لِلصَّلاةِ وَلِلصِّيَامِ
هو ربيع الحياة البهيج الذي يتبدّى للنفس فيزهر فيها وينزع من الأضغان ويصفّيها ، لكأنه لقمان الحكيم يعالج بحكمة كل معضلات النفس لترقى من حضرة الشهر إلى حضرة الخالق، وفي هذا يقول الشاعر عبد القدوس الأنصاري :
تَبَدَّيْتَ لِلنَّفْسِ لُقْمَانَـهَا/ لِذَاكَ تَبَنَّتْكَ وِجْدَانَـهَا
وَتَنْثُر بَيْنَ يَدَيْكَ الزُّهُوْرَ/ تُـحَيِّيكَ إِذْ كُنْتَ رَيْـحَانَـهَا
فَأَنْتَ رَبِيْعُ الـحَيَاةِ البَهِيْجُ/ تُنَضِّرُ باِلصَّفْوِ أَوْطَانَـهَا
وَأَنْتَ بَشِيْرُ القُلُوْبِ الذي/ يُعَرِّفُهَا الله رَحْـمَانَـهَا
فَأَهْلاً وَسَهْلاً بِشَهْرِ الصِّيَامِ/ يَسِلُّ مِنَ النَّفْسِ أَضْغَانَـهَا
معنى (زرب) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
بين الإيمان والكفر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
ما الذي يهمّ أنت أم أنا؟ يتذكر الأطفال ما هو مهم للآخرين
عدنان الحاجي
مناجاة الذاكرين (5): بذكره تأنس الرّوح
الشيخ محمد مصباح يزدي
بين الأمل والاسترسال به (1)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الذّكاء المصنوع كعلم منظور إليه بعين الفلسفة من الفيزياء إلى الميتافيزياء
محمود حيدر
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
الشيخ محمد صنقور
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
سيّد النّدى والشّعر
حبيب المعاتيق
الإمام الباقر: دائرة معارف الإمامة
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (زرب) في القرآن الكريم
بين الإيمان والكفر
سيّد النّدى والشّعر
شهر رجب محضر الله
ما الذي يهمّ أنت أم أنا؟ يتذكر الأطفال ما هو مهم للآخرين
مناجاة الذاكرين (5): بذكره تأنس الرّوح
باقر العلوم
الإمام الباقر: دائرة معارف الإمامة
(مبادئ الذّكاء الاصطناعيّ) محاضرة في مجلس الزّهراء الثّقافيّ
كيف يصنع الدماغ العادة أو يكسرها؟