السيد عباس نور الدين
إنّ قوّة الشخصية تأتي بالدرجة الأولى من ثقة الطفل بقدراته المختلفة. والثقة بالنفس ـ كما هو شائع في التعبير ـ هي في الواقع ثقة بقدراتها وهي تتشكّل عبر التجارب المتكرّرة لاستعمال القدرة، سواء كانت جسدية أو فكرية أو حتى عاطفية. فحين ينجح الطفل في الوصول إلى مراده من خلال استخدام قدراته، فسوف تتعزّز حالة الثقة وتأتي معها قوّة الشخصية.
لأجل تنمية القوّة في الشخصية ينبغي أن نعزّز ثقة الطفل بالقدرات والإمكانات التي يمنحه الله إياها ـ حتى لو لم تكن هذه القدرات ذاتية، وإنّما يمكنه استعمالها. ففي الكثير من الحالات يشعر الطفل أنّه سيحصل على المساعدة أو الدعم عند الطلب؛ فيكون ذلك من عوامل الثقة بالقدرة. لهذا، فالأفضل أن تكون التجارب المتكرّرة، التي نعمل على مرور ولدنا بها، تجارب معاينة القدرة بمعزل عن كونها ذاتية أو خارجية. وهذا ما نطلق عليه الثقة بقدرة الله وحوله وقوّته ودعمه وإعانته.
فبحسب الرؤية الكونية الإسلامية يكون الكون كلّه محل ظهور قدرة الله، ويكون الفيض الإلهي المطلق واصلًا إلى جميع الخلق، حيث يشتمل هذا الفيض المطلق على كلّ الكمالات ومنها القدرة؛ أي إنّ الله تعالى دائم المدد بالقدرة لكلّ عباده، والمهم أن يعرف العباد كيفية الاتّصال بمنبع القدرة الإلهية. والعلم وحده لا يكفي ـ خصوصًا بالنسبة للأطفال ـ حيث يحتاجون إلى التجربة والمعايشة. وهنا يأتي دور التربية في جعل المتربين يختبرون هذا المدد حتى يصلوا إلى مرحلة الإيمان التام والثقة المطلقة بأنّ الله تعالى لا يمكن أن يتركهم من دون عون ومدد في أي موقف إن هم سألوه، وأنّه تعالى إن منع عنهم ذلك يومًا فذلك لمصلحتهم.
تصوّر لو أنّ الإنسان آمن بأنّه متّصل بمصدرٍ يفيض عليه بالقدرة المطلقة متى ما شاء، فهل تتصوّر حدًّا لشعوره بالقوّة؛ وهذه المرّة لن يكون الشعور متوهّمًا لأنّ القدرة التي اختبرها هي قوّة الله لا قوّة النفس، وهذه الثقة التي يعيشها هي الثقة بالله لا الثقة بالنفس وشتان ما بين قدرة البشر وقدرة الله، وشتان ما بين أن تثق بالله وأن تثق بالنفس. فالنفس هي عين العجز والضعف والجهل، والله هو الكمال المطلق اللامتناهي.
لا تحتاج التربية على الثقة بالله، لأجل تقوية الشخصية، إلى كثرة إبداع؛ يكفي أن نوجّه أولادنا إلى هذه الحقيقة وندعوهم لأن يختبروها في حياتهم، {وَإِذا سَأَلَكَ عِبادي عَنِّي فَإِنِّي قَريبٌ أُجيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجيبُوا لي وَلْيُؤْمِنُوا بي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون}.[i]لكن علينا أن نعتني بالمرحلة العمرية الأولى أكثر من أي شيء آخر، لأنّ الطفل في هذه المرحلة لا يرى ربًّا له ولا ممدًّا سوى والديه؛ وحين يفشل الوالدان في التواجد لتقديم الدعم في الوقت المناسب تتزعزع ثقة الطفل بكل هذا العالم المحيط به.
فحذار من ترك الولد في محيطٍ أو ظرفٍ يتعرّض فيه لقوّة قاهرة لا يمكنه مقاومتها وهي تقوم بإيذائه وقمعه؛ إنّ من شأن تجربة واحدة مثل هذه أن تترك ندوبًا عميقة لا تبرأ إلا على مدى زمنٍ طويل. ولأجل ذلك، يجب أن نحيط أولادنا في السنوات الأولى من أعمارهم بكل شروط الأمان والسلامة من دون أن نظهر لهم قلقنا وخوفنا الزائد؛ فقد يؤدّي القلق والاهتمام المبالغ به إلى إشعار الطفل بوجود تهديد، والتهديد الخفي قد يكون أشد وقعًا من التهديد الظاهر.
ـــــــــــــــــــ
[i]. سورة البقرة، الآية 186.
السيد محمد باقر الحكيم
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد جعفر مرتضى
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
تجربتي في إدارة سلوكيات الأطفال، كتاب للأستاذ حسين آل عبّاس
الفروق الحقيقيّة بين المكي والمدني
كيف نصبح من الذاكرين؟
التفكير التصميمي: الإبداع وإيجاد حلول للمشكلات
الهدية وأثرها في البيت الزوجي
محاضرة في نادي الخطّ الثّقافيّ حول التّفكير النّقديّ
ورشة بيئيّة في نادي الخويلديّة الرّياضيّ
أمسية تكريميّة وتدشين كتاب للرّاحل علي آل رضي في عرش البيان
الوجود ليس باطلًا
الشيخ عبد الله النمر: المنهج القويم معيار السلامة