مقالات

أهداف ثورة الإمام الحسين (ع) من خلال نصوص الزيارات

الشيخ عبد الغني العرفات

 

يمكن استكشاف أهداف حركة الإمام الحسين عليه السلام من خلال النصوص التاريخية والروايات الواردة عن الأئمة عليهم السلام، ولا شك أن الزيارات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام في حق الإمام الحسين هي من أدق النصوص إذا ما أردنا استكشاف أهداف نهضته عليه السلام منها، كونها صادرة عن معصوم، وفيها بيان مقاماته، والثناء على حركته، وذمّ أعدائه لأنهم يقفون ضدًّا مناوئًا لحركته، ومن خلال ذلك يمكن استكشاف معالم حركته أيضًا، والأمور تعرف بأضدادها.

ونصوص الزيارات كثيرة، وقد اخترت من بينها نصوص كامل الزيات لابن قولويه (ت ٣٦٨) لكثرتها فيه، ولأنه من أقدم المصادر إذا لم نقل إنه أقدمها، ولكون رواياته مسندة، وكثير منها صحيحة بحسب المقاييس الرجالية عند من تشدد في رفض بعض الروايات بتهمة الغلو في رجالها، أو بتهمة أخرى كالكذب أو التخليط.

 

وسنستعرض ما وجدناه من إشارة إلى تلك الأهداف في هذه الزيارات

وردت هذه الزيارات في الباب (٧٩) من كتاب كامل الزيارات، وعددها ثلاث وعشرون زيارة.

وسأشير إلى رقم الزيارة، ثم إلى الهدف الذي نظن أنه من أهداف حركته عليه السلام.

- رقم (١) : "أشهد أنك أمرت بالقسط ودعوت إليه.. قتل الله من قتلك بالأيدي والألسن".

فهذا النص يشير إلى دعوة الإمام إلى القسط (العدل) وقد يقال بأن القسط أشمل من العدل، وأن هناك من وقف في وجه هذه الدعوة بلسانه فشوهها ونال منها ومن صاحبها.

والأمر بالقسط ورد في الزيارة رقم (٢٣) أيضًا.

ثم تصف الزيارة هؤلاء بأنهم: "كذبوا رسلك وهدموا كعبتك وحرفوا كتابك وسفكوا دماء أهل بيت نبيك". فقيام الإمام كان في وجه فئة أرادت نقض أساس الإسلام فكان عليه السلام بالضدّ منها، ولم تكن دعوته فقط للقسط في الجانب الاقتصادي.

وورد هذا المضمون بهدم الكعبة ..الخ في الزيارة رقم (١٧).

- رقم (٢): "أشهد أنك جاهدت في سبيل ربك ".

فهذه الزيارة تصف عمل الإمام عليه السلام بالجهاد.

- رقم (٣): "وجاهدتم في سبيله. أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر واتبعت الرسول وتلوت الكتاب حق تلاوته ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".

فما معنى أن الإمام أقام الصلاة ..الخ، معنى ذلك هو الدعوة إلى الصلاة والزكاة (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ). [سورة الحج: 41] أي دعوا إليها ونشروا أحكامها ورغبوا الناس إليها، وكذلك الزكاة فليس معنى إيتاء الزكاة أنهم أدوها على مستوى فردي، بل يدعون إلى تفعيل الزكاة على مستوى المجتمع.

 

ونلاحظ أن هذا المضمون يتكرر في كثير من الزيارات التالية

وورد فيها أيضًا: "وأشهد أن دعوتك حق وكل منصوب غيرك فهو باطل مدحوض". فالإمام هو الذي ينبغي أن يكون صاحب الدعوة والمنصوب، فهو الولي الواجب الطاعة وهو إشارة إلى أحقيته في الخلافة.

- رقم (٥): "أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر".

وورد هذا المضمون كذلك في رقم (٧) ورقم (٨) ورقم (٩) ورقم (١٠) ورقم (١٩) ورقم (٢٣).

- رقم (١٣): "أشهد أنك قد حلّلت حلال الله وحرّمت حرام الله وأقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر". فهذه الزيارة تشير إلى أن هناك من عبث بالشريعة فقام الإمام ليعيد الأمور إلى نصابها.

- رقم (٢٣): "وجعلته هاديًا لمن شئت من خلقك والدليل على من بعثته برسالاتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك والمهيمن على ذلك كله". وهذا النص يشير إلى ما أراد أن يقوم به عليه السلام في الأمة فمنع منه وهو إقامة العدل والفصل والقضاء بين المسلمين وفق أحكام الدين.

وتشير هذه الزيارة أيضًا إلى غصب المنصب الذي يفترض أن يتسنّمه الإمام: "أشهد أنكم قد بلغتم ونصحتم وصبرتم وقتلتم وغصبتم وأسيء إليكم فصبرتم".

 

إن الإمام عليه السلام وفق هذه الزيارات :

١- قام من أجل إعادة الدين إلى مساره الصحيح بعد وقوع التحريف فيه وجاهد في سبيل ذلك.

٢- ودعا إلى إقامة العدل والقضاء العادل.

٣- أراد استرداد الحق المغتصب في الخلافة.

٤- وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ودعا إلى إقامة الصلاة والزكاة .

هذه خلاصة هذه النصوص، وهو بحث يمكن تعميقه أكثر بالنظر إلى بقية الزيارات والروايات التي تصف حركته عليه السلام، لكن الزيارات فيها خلاصة ما يمكن أن يقال في الارتباط الروحي بين الزائر والمزور، وقد حاولنا جمع ما يتعلق بالهدف من الحركة والنهضة، وإلا فإن فيها كنوزًا ومعارف فيما يتعلق بالمكانة السامية والملكوتية للإمام عليه السلام، وهي محل بحث آخر.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد