إذا أردنا للبعد المعنوي في وجودنا وشخصيتنا أن ينتصر على البعد المادّي، وأن يتغلّب الجانب «الملكوتي» على الجانب «الناسوتي»، فينبغي لنا أن نحشد مجموعة من «العوامل» التي تمدّ الجانب الروحي وتدعمه.
وفي هذا السياق ثّمة نظريات متعدّدة بين علماء الأخلاق والسلوك، حيث يذهب كلّ منهم إلى رأي معيّن في المسألة. وبالإضافة إلى علماء الأخلاق والسلوك، هناك آراء الفلاسفة ومواقفهم تجاه القضية، حيث ذهب كلّ من فلاسفة ما قبل الإسلام وما بعده إلى رأي خاص إزاء القضيّة، فيما اشترك علماء النفس في بحث الموضوع من زاوية اختصاصهم العلمي لينتهوا بدورهم إلى مجموعة أخرى من النظريات.
وبشكل عامّ علينا أن نؤكّد أنّ العلماء اختلفوا فيما بينهم في طبيعة «العوامل» التي تساعد الإنسان على الانتصار في معركته الداخليّة وصراعه مع نفسه، بحيث ذهب مجموعة منهم إلى أنّ «العقل» قادر على تمكين الإنسان من تحقيق النصر في هذه المعركة؛ وبالتالي اعتبر هؤلاء «العقل» العامل الأساسي في حسم الصراع الداخلي.
بينما ذهب فريق آخر من العلماء إلى أنّ «العلم» هو العامل الحاسم الذي يدفع الإنسان نحو النصر والغلبة في مسير الجهاد الأكبر. فأفلاطون وتلامذته مثلاً هم من أنصار هذه المدرسة التي تعتقد بأنّه كلّما ازداد «علم» الإنسان، زادت فرصه في تحقيق الانتصار في صراعه الداخلي مع نفسه.
أمّا الفئة الثالثة فتذهب إلى أنّ العامل الحاسم في تمكين الإنسان من الانتصار هو «الوجدان الأخلاقي» أو ما يعبّر عنه القرآن بـــ «النفس اللوّامة». وهؤلاء يرون أن يقظة «الوجدان الأخلاقي» في شخصية الإنسان يفضي إلى قدرة الإنسان للسيطرة على «النفس الأمّارة».
والقسم الرابع من المفكّرين يعتمد على مبدأ «التربية الصحيحة» كعامل مؤثّر وفعّال، لأنّ الإنسان الذي يلقى تربية صحيحة يكون بمقدوره أن يتغلّب على القوى المادية في معركة الجهاد الأكبر.
أمّا الفريق الخامس فيعتقد أنّ من غير الممكن للإنسان أن ينتصر في معركته مع نفسه إلّا بـــ «القانون» كعامل حاسم ووحيد.
وثّمة فئة سادسة من العلماء تذهب إلى أنّ «الرقابة الاجتماعية» «1» هي العامل الحاسم الذي بمقدوره أن يحقّق النصر للإنسان.
والذي ننتهي إليه من خلال الإشارات السريعة الآنفة، أنّ البحث في الموضوع واسع، ولكنّه لسنا بصدد الخوض في تفاصيله، وإنّما يعنينا أن نشير إلى أنّ الإسلام ينظر إلى أهميّة العوامل الستّة الآنفة، ويعتبرها مؤثّرة في السيطرة على نوازع الفرد والمجتمع، بيد أنّه لا ينظر إلى أيّ منها على أنّه كاف وحده في «تهذيب النفس»، حيث نجد أنّ هذه العوامل تفتقد فاعليتها وأثرها في المراحل الحسّاسة واللحظات العنيفة العاصفة من الصراع الداخلي الذي يعيشه الإنسان ويواجهه في حياته.
لذلك نستطيع أن نقول: إنّ هذه العوامل قادرة في الظروف العادية على تمكين البعد المعنوي للإنسان من الغلبة والانتصار، ولكنّها عاجزة في غير ذلك عن الفعل والتأثير.
حالتان غريزيتان
لإعطاء صورة أوضح للبحث، علينا أن نذكّر بأنّ للغرائز والميول النفسيّة حالتين؛ هما:
أ: الحالة العادية الطبيعية، ومثالها حالات الجوع والعطش الطبيعي التي يمر بها الإنسان ويكون بمقدوره السيطرة عليها. وكذا يقال بالنسبة للنوازع والميول النفسية الأخرى كحبّ الرئاسة والمال، وحبّ الدنيا، والغريزة الجنسية، إذ الملاحظ أنّ هذه الميول عندما تكون في حدودها الطبيعية وحالاتها العادية يكون من الممكن ضبطها والسيطرة عليها من خلال «العوامل» الستّة الآنفة.
ب: حالات الأزمة، وذلك حينما تطغى غرائز الإنسان وتتجاوز الحدود الطبيعية. ففي مثل هذه الحالات لا يمكن لأيّ عامل من العوامل الستّة الآنفة أن يضبط الغريزة ويسيطر على طغيانها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المقصود بـــ «الرقابة الاجتماعية» هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد جواد البلاغي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد عبد الأعلى السبزواري
محمود حيدر
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الحب في اللّه
العرفان الإسلامي
جمعية العطاء تختتم مشروعها (إشارة وتواصل) بعد 9 أسابيع
الرؤية القرآنية عن الحرب في ضوء النظام التكويني (2)
قول الإماميّة بعدم النّقيصة في القرآن
معنى كون اللَّه سميعًا بصيرًا
الصابئة، بحث تاريخي عقائدي
الاستقامة والارتقاء الروحي
إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا
ماهية الميتايزيقا البَعدية وهويتها*