سر السعادة في تحديد الأولويات.. كيف تعيقنا الأعراف وتُكبلنا الترندات؟
الضلالة تعني سلوك غير الطريق الموصل إلى السعادة. هناك أنواع من الضلالة، أحدها يتمثل في عدم رعاية أولويات الحياة.
ترتيب قضايا الحياة بحسب الأهم فالأهم أو الأولويات إمّا أن ينشأ من رغباتنا وأهوائنا، وإمّا أن ينشأ من الحق. بالنسبة لمن نشأ على اتّباع الأهواء والرغبات، يصعب عليه أن يعرف معنى الحق وكيف يكون معيارًا.
تشق قضايا الحياة الطريق الموصل إلى السعادة بنفسها، شرط أن نتعامل معها بحسب الأهمية والأولوية. أي عبث بهذا الترتيب يعني تضييع الطريق.
قد نخلق لأنفسنا قضايا لا تمت إلى جوهر الحياة بأي صلة، وهذا نوعٌ آخر من الضلالة.
لدينا إذًا نوعان من القضايا؛ قضايا جوهرية ومصيرية، وقضايا وهمية وعبثية. لمن لا تمثل عنده الحياة رحلة إلى هدف مميز، لا يهم التمييز والتفريق بين النوع الأول والثاني.
تتحدّد القضايا المصيرية على ضوء المغزى الواقعي للحياة والهدف من وجودنا على هذه الأرض. كلما أدركنا هذا الهدف واستحضرناه تراءت أمامنا هذه القضايا بصورة واضحة.
بعض القضايا قد تفرض نفسها علينا بقوة، وذلك بسبب طريقة تفكيرنا وتربيتنا، وليس لأنّها أساسية أو مصيرية. إن نشأتَ في بيئة تعيش القلق الدائم تجاه المعيشة، سيصبح الرزق قضية محورية في حياتك؛ ربما ستحدد مسارك كله على أساسها. وذلك بخلاف ما إذا نشأت في بيئة ترى الرزق شأنًا إلهيًّا تكفّل به الرب الرحيم. بين الحالتين مسافة فاصلة كالفرق بين السماء والأرض!
تحديد القضايا المصيرية بعد تمييزها عن القضايا الوهمية والعبثية، يُمثل خطوة ضرورية نحو ترتيبها بشكلٍ صحيح بحسب الأهمية والأولوية. نحتاج إلى تحديد الأولويات حين يحصل التعارض والتزاحم بين القضايا. بمجرد أن نحدد قضايا حياتنا الكبرى ستتضح أحجامها لنا، فنضع كل واحدة موضعها على سلم الأولويات، ولا يبقى سوى الالتزام بهذه الأولويات. الالتزام بالأولويات حين تتزاحم هو التحدي الأكبر عند أي إنسان عاقل.
إذا كنت تعتقدين أن تحقيق ذاتك (بالمعنى الدارج) هو القضية الأساسية في حياتك، فقد ابتعدتِ تمامًا عن مغزى الحياة. لن تتمكني بعدها من رؤية حجم قضية الزواج والأسرة وقضية تربية الأبناء ورعايتهم، وقضية العمل والمهنة والعلاقات و..
إذا كانت قضايا الحياة تُمثل القنوات التي تمر عبرها أرزاقنا المادية والمعنوية، المعيشية والعاطفية، الروحية والفكرية، فإن ترتيبها بحسب الأولوية هو الذي يجعلنا نركب هذه القنوات بالشكل الذي يتيح لأكبر قدر من هذه الأرزاق والفيوضات أن تصل إلينا. مع عدم رعاية هذا الترتيب، يتعقد الأمر ويضيق إلى الدرجة التي نشعر معها بالحرمان الدائم والتعقيد المستمر. هذه هي المعيشة الضنكة.
والآن إن شخصنا بأن أهم ما في الحياة هو أن نعيش سعداء مفعمين بالطاقة الإيجابية من الروح والفكر والمعنى والعاطفة، فمن الذي يشك بأنّ أفضل قنواتها هي الأسرة المتماسكة. انطلاقة الإنسان في عمله وفي علاقاته واندفاعه بكامل النشاط نحو الإبداع والعطاء يعتمد اعتمادًا كبيرًا على تواجده في أسرة متفاهمة منسجمة متعاطفة تبث السكينة والطمأنينة وتشحن النفس بالقوة والبهجة.
الأسرة هي محور يُفترض أن تدور حوله الأعمال والأنشطة المختلفة، فتكون في خدمته وبذلك تنال ما تحتاج من استقرار ونشاط واندفاع. لا يمكن مقارنة ما تحققه لنا المهنة التي نزاولها مع ما تحققه لنا الأسرة التي نعيش فيها.
مهما تفوقتِ ونجحتِ في عملك سيبقى فؤادك فارغًا إن لم يكن لك مصدر تلجئين إليه للاستمداد العاطفي والمعنوي.
فكري جيدًا قبل اتخاذ أي قرار بشأن مهنة المستقبل حتى لا تضطرك إلى التضحية بأجمل ما في الحياة. لا ينبغي أن يخفى عليك أنّ هناك الكثير من الدعاية من أجل ألّا تلتزم المرأة تجاه أسرتها والزواج. الخبثاء الذين يريدون تحويل المرأة إلى ألعوبة تتناقلها أيدي الرجال يعملون على بث فكرة تمكين المرأة واستقلاليتها. لن تكون المرأة أكثر ضعفًا من كونها تعاني من الفراغ العاطفي. هكذا يمكن جرّها إلى كل ما يشتهون.
تصوّر نفسكَ مكان رجلٍ لعوب يعيش من أجل أن يستمتع بأكبر عدد ممكن من النساء، ثم كنت في موقع ثقافي أو اجتماعي مؤثر؛ لن تتردد في الدعوة إلى تمكين المرأة من خلال تثبيت فكرة استقلاليتها. لقد جربتَ كم تكون المرأة سهلة المنال في مثل هذه الأحوال. أحيانًا ينبغي أن نتصور خلفيات هؤلاء الدعاة من ملحنين ومؤلفي أغان ومخرجي أفلام وكُتّاب مسرحيات وأمثالهم من العاملين في المجال الفكري والإعلامي، حتى نعرف ماذا يجري في هذا العالم.
حين تُحدد المرأة حاجاتها بدقة وتعلم أنّ أهم ما في الحياة هو أن يكون قلبها مطمئنًا ونفسها مستقرة، لن تنطلي عليها تلك الخدع بسهولة. لا شيء يوازي الاستقرار العاطفي الذي لا يمكن تحصيله إلا وسط أسرة متماسكة يكون الزواج فيها محوريًّا. الشهرة الوظيفية والمكانة الاجتماعية لا يمكن أن تُشبع الروح والقلب.
يجب أن نعتبر أعمالنا ووظائفنا التي نعتاش منها كأمور اضطرارية مقارنة بمسؤولياتنا الأسرية. كم هو ضائع ذلك الذي يجعل الأمرين في مرتبة واحدة.
يوجد مجموعة من العوامل تدفع الناس باتجاه التحليل الخاطئ لمثل هذه القضية. المبالغة في تصوير ظلم الرجل للمرأة داخل الحياة الزوجية أحد هذه العوامل. وكأن الرجال لن يظلموا المرأة في العمل. كل المعطيات تفيد بأنّ ما تتعرض له النساء في بيئات العمل من ظلم وعدم مساواة يفوق بدرجات ما يتعرضن له داخل الأسرة.
نعم هناك علاقة معقدة بين الرجال والنساء، لكنها تزداد تعقيدًا حين يضيّع كل منهما أولويات الحياة. لا يمكن لأحد أن يجد السكينة وسط عالم لا يعرف الناس فيه كيف ينبغي أن يعيشوا. فالمسألة ليست في ظلم الأزواج حتى نتخلى عن قضية الأسرة المحورية. يجب أن ندافع عن هذه القضية حتى الرمق الأخير لأنها آخر ما يمكن أن يبقى للبشرية إن أرادت أن تذوق طعم السعادة.
حيدر حب الله
السيد عباس نور الدين
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
عدنان الحاجي
الشهيد مرتضى مطهري
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ حسين الخشن
السيد جعفر مرتضى
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
هل للأفعال أثر رجعي على الإنسان؟ وكيف؟
سرّ السّعادة في تحديد الأولويّات
من خصوصيّات السيّدة المعصومة عليها السّلام
أمسية سرديّة لعرش البيان بعنوان: مقوّمات القصّة القصيرة، تجربة الدكتور حسن الشيخ أنموذجًا
المرقد الفاطمي
السيدة المعصومة (ع) في رحاب العلم والمعرفة
من عشق المستجدين
السّيّدة المعصومة: مجمع أنوار العصمة
(كتاب فَكِّرْ) المعروف بـ (توحيد المفضّل)
كيف أكون محبًّا لله؟