تحدّث سماحة الشيخ عبد الجليل البن سعد في خطبة له بعنوان: (الحياة عدو وصديق) مشيرًا إلى أن الحياة مبنية على قسمة طبيعية، وهي قسمة الحقّ والباطل والخير والشرّ، وذلك في 14 ربيع الثاني 1446 هـ في جامع الإمام الحسين (ع) بالحليلة بالأحساء.
قال تعالى في محكم كتابه الكريم:
بسم الله الرحمن الرحيم: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". صدق الله العلي العظيم
الحياة بين الناس قائمة على العلاقة بين العدو والصديق. أي شخص يتصل بك بأي صلة كانت، سواء زوجية، بنوة، أبوّة، جوار، أو حتى علاقة مهنية، كالتعليم مثلًا، فإنه لا يعدو أن يكون صديقًا في الباطن أو عدوًّا. هذه القسمة لا يمكن أن تُلغى، لماذا؟ لأن الحياة مبنية على قسمة طبيعية، وهي قسمة الحقّ والباطل، الحقيقة والتّزييف، الخير والشرّ.
مهما تحرك الإنسان أو غيّر من شكله وطبعه، فهو لن يغادر إحدى هاتين المحطتين:
إمّا خير أو شرّ. إما حقيقة أو زيف. لن يخرج من دائرة الحق أو الباطل.
طبيعة الخير والشر:
أهل الشر والزيف والباطل يعيشون دائمًا في خوف.
أما أهل الحق والخير والحقيقة، فهم يعيشون الطمأنينة.
طمأنينتك أنت، أيها المؤمن، هي مصدر إزعاج وخوف لغيرك.
يحار أهل الدين الصحيح من تكالب الأديان الأخرى عليهم.
يحار أهل الوطن من ابتزاز الآخرين لهم.
يحار أهل المذهب الحق، المبني على اليقين والدليل، من التهم والبهتان الذي يُكال لهم.
هذا الأمر لا يقتصر على مستوى الأمم والتيارات، بل يمتد أيضًا إلى الحياة الفردية.
قد تجد شخصًا مستقيمًا، لا يؤذي أحدًا، ومع ذلك يجد الغلّ موجّهًا نحوه.
لماذا تتشكل العداوة؟
يخطئ البعض حينما يقول إن العداوة تأتي "بلا سبب".
العداوة، في حقيقتها، تنبع من طبيعة الإنسان الذي لم يختر طريقك.
من لم يشاركك دائرة الخير.
من رضي لنفسه الزيف، ورأى الحقيقة بلا قيمة.
هذا الشخص يعيش خوفًا طبيعيًّا منك، حتى لو لم تتحرك ضده.
الخوف منه يصنع عدوانية تجاهك، حتى في غياب الأسباب الواضحة.
أمثلة من الحياة:
على مستوى عالمي:
إذا استطاعت قوى مثل المؤسسات الماسونية السيطرة على أغلب العالم بالزيف، فإن بقاء مجموعة صغيرة محافظة على قيمها سيشكل تهديدًا كبيرًا لهم. لماذا؟ لأن قوتهم لا تمنحهم الطمأنينة، ويبقى الخوف من هذه المجموعة قائمًا.
على مستوى الأسرة:
قد تكون العداوة بين زوجين بسبب الفارق في الالتزام بالقيم.
رجل يأكل الحرام، لا يزكي، ويتعامل بالربا، بينما زوجته طاهرة ثابتة على القيم.
أو امرأة تُشهّر بزوجها بسبب سموّه المعنوي الذي لا تستطيع مجاراته.
على مستوى التجارة:
قد يتكالب التجار لإسقاط شخص يتعامل بأمانة ونزاهة مع الناس، لأن نزاهته تهدد أسلوبهم الفاسد.
الخوف من القيم الحقيقية يدفع هؤلاء إلى العدوانية، سواء كانوا أفرادًا أو جماعات.
المسؤولية على المؤمنين:
المؤمن الذي عافاه الله من الزيف والسيئات، يتحمل مسؤولية كبيرة في إدارة هذا المشهد.
إذا رجعنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) نجد أن غزواته كانت تتميز بخصلتين:
لم يعتدِ على أحد، بل كان دفاعيًّا.
لم تكن حروبه دموية؛ فالقتلى من أعدائه لم يتجاوزوا الألف في جميع غزواته.
كيف جذب الناس إلى الدين؟
لم يكن بالسيف، بل بالأخلاق.
باستخدام خلق المداراة.
أهمية خلق المداراة:
خلق المداراة مكّن النبي صلى الله عليه وآله من استيعاب:
المؤلفة قلوبهم.
المنافقين الذين أظهروا الإسلام ظاهريًّا.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
"لم يسعك قلبه، فليسعه قلبك".
هذا الخلق يتطلب تكاتفًا بين أهل الخير والحق.
من المزعج أن نجد أهل الخير صامتين تجاه بعضهم، بينما نجد أهل الشر متكاتفين كالقطعان.
تكاتف المؤمنين يجعل الآخر يقف عند حدّه، ويعمل لك حسابًا.
ختامًا:
الحياة، كما قال تعالى:
"ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم".
هذا هو النهج الذي يجب أن نسير عليه.
وصلى الله وسلم على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد باقر الصدر
السيد عادل العلوي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (7)
العلاقة بين المعجزة والوحي
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (5)
الزهراء.. الحزن الأبدي
ذاكرة التفاصيل لا يكتمل بلوغها إلا في سن المراهقة عند الأطفال
الصّحيفة الفاطميّة
السّعيد محاضرًا حول آليّات التّعامل الإيجابيّ مع الإنترنت والوسائل الرّقميّة
منتظرون بدعائنا
الشيخ صالح آل إبراهيم: ما المطلوب لكي يكون الزواج سعيدًا؟
آيات الأنفس الأولى