صدى القوافي

كحنطة الحزن وأكبر!

الشاعرة أمل الفرج

 

أرقٌ أسالَ على الوجودِ نذورَهُ

ودمٌ يُجاري غيبَهُ وظهورَهُ

وفسيلتانِ مُدانتانِ بخضرةٍ

سُفكتْ بوادٍ فاستحالتْ نورَهُ

والماءُ وبَّخَ حُلْمَهُ / جريانَهُ

واستلّ من عطشِ الحُسينِ زفيرَهُ

صَدَأَ النّدى في كربلاء فيا تُرى

مَنْ كانَ يُوجِعُ بالنزيفِ زهورَهُ؟

مَنْ قضَّ مضجعَ خيمةٍ ما اغرورقتْ

إلّا وحرَّقتِ الجوى وشعورَهُ؟

ما اغرورقتْ إلا بدمعةِ زينبٍ

والدّمعُ فيها يستفزُّ غرورَهُ!

يوماً على التلِّ الـمُجرَّحِ أومأتْ

للحزنِ أنْ جدْ لي مدىً وعبورَهُ

واذرفْ بآهاتي التي في طيِّها

سأرى عليًّا يستعيدُ نشورَهُ

يذرو قيامتَهُ كحنطةِ حزنهِ

ويلفُّ حَورَاهُ يلفُّ غديرَهُ

بقميصِ نهرٍ ضاعَ في نظراتهِ

ولشهقةِ الأضلاعِ باعَ خريرَهُ

نثرَ الأسى ملكوتَهُ بردائهِ

مذْ كانَ يحتضنُ الحسينَ وطُورَهُ

وأتى لصهباءِ الجراحِ مرمّلاً

بالصّبرِ يرعى في العراءِ بدورَهُ

لَمْ يُبقِ للأوجاعِ منديلاً لكي

تمتصّ غِلّتهُ وتحفظَ سيرَهُ

فعلى المسنَّاةِ الغريبةِ أمطرتْ

في دهشةٍ آهاتُهُ تعفيرَهُ

وعلى انزعاجِ الضوءِ في عينِ الْهُدَى الـ

ـعبّاسِ عن عَمَدٍ رمى موتورَهُ

وعلى أناةِ الماءِ ظِلُّ رضيعِهِ

والسّهمُ طوَّقَ عمرَهُ وشهورَهُ

والمفرداتُ الحُمْرُ تلثمُ نحَرهُ

وقِماطَهُ وكفوفَهُ وهديرَهُ

فاسألْهُ عن يومٍ كعشرِ مصابها

عن لهفةٍ قَدْ أوصلتْ تقريرَهُ

عن سَيبِ دمعاتِ العيالِ وجوعِها

عن بوْحِها والـمُمسكينَ نميرَهُ 

يا صاحِ فاسألْ عن خيامِ نسائهِ

عن ثوبِها الجمريِّ ألهبَ غيرَهُ

واسألْ بِمَ نغمٍ تهشَّمَ غُرْبةً

أجراسُهُ قَدْ ضيَّعتْ تدبيرَهُ  

الموتُ مرتعِشٌ يُدلِّي السيفَ في

أرضِ الطفوفِ إلى الخشوعِ نحورَهُ

والفاطماتُ اللاتي خضّبنَ الهوى

بندى النجيعِ ولن -هناكَ - تُعيرَهُ 

فالدَّمعُ يوخزُ روحهنَّ لندبهِ

باتَ البكاءُ كبيرَهُ وصغيرَهُ

ها غلَّفَ الدُّنيا بآدمَ أصلهِ

فرأى الوجودَ مدارَهُ وجذورَهُ

قدْ عاشَرَ الألمَ الملفَّح بالفدا

واختطَّ مِنْهُ نهرَهُ ونهِيرَهُ

حتى أفاضَ اسمُ الحُسينِ بقاءهُ

وأقامَ عِنْدَ الْعَالَمِينَ حضورَهُ  

فبكتهُ ورقاءُ الحياةِ وإنّما

تَخِذَتْهُ عاشوراءَها ونذورَهُ

آهٍ حسينٌ أيُّ عاشورا أرى

والانكسارُ هناكَ ينفخُ صورَهُ

وقيامةٌ رُجَّتْ وزُلزِلَ وقعُها

قَدْ أنزلتْ فينا الضّنى ودهورَهُ 

الرأسُ فوقَ الرمحِ يتلو كهفَهُ

ورقيمُهُ الموجوعُ يتلو نورَهُ

والضّعنُ يغرقُ في اكتشافِ جراحِهِ

واليُتمُ قد ألقى عَلَيْهِ نفيرَهُ

ما أطولَ الزّفراتُ حينَ يشدّها

السّجادُ والدُّنيا تشدُّ مسيرَهُ

والمتعبون هنا هناكَ يلفُّهم

من ضوئهِ مدٌّ أهالَ ضميرَهُ

وأنا نبوءةُ حزنهِ بمحاجري

ها قد أتتْ بشِكايتي لتزورَهُ

دمعي طواحينُ السّلامِ وماؤهُ

وقصائدي العطشى تؤمُّ بحورَهُ

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد