حديث الحرية بطريقة أخرى
وقد جاء في بعض الروايات: أن الرق قد شغل سلمان، حتى فاته بدر وأحد، حتى قال له رسول الله «صلى الله عليه وآله»: كاتب يا سلمان، فكاتب سيده على ثلاث مائة نخلة (وقيل: على مائة وستين فسيلة، وقيل خمس مائة وقيل على مائة فقط، و . . و . .) يحيها له، وأربعين أوقية من ذهب.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أعينوا أخاكم بالنخل.
فأعانه أصحاب النبيّ «صلى الله عليه وآله» بالخمس والعشر، حتى اجتمعت عنده؛ فأمره «صلى الله عليه وآله» أن يفقّر لها، ولا يضع منها شيئاً حتى يكون النبيّ «صلى الله عليه وآله» هو الذي يضعها بيده؛ ففعل، فجاء رسول الله «صلى الله عليه وآله»؛ فغرسها بيده؛ فحملت من عامها.
وقال «صلى الله عليه وآله» له: إذا سمعت بشيء قد جاءني؛ فأتني، أغنيك بمثل ما بقي من فديتك. فبينا رسول الله «صلى الله عليه وآله» ذات يوم في أصحابه، إذ جاء رجل من أصحابه بمثل البيضة من ذهب.
فقال «صلى الله عليه وآله»: ما فعل الفارسي المكاتب؟
فدعي له سلمان؛ فقال: خذ هذه؛ فأدّبِها ما عليك يا سلمان..
إلى أن تقول الرواية: فأخذها، فأوفى منها حقهم كله: أربعين أوقية، وفي بعض المصادر: أنه بقي منها مثل ما أعطاهم.
وأعتق سلمان، وشهد الخندق، ثم لم يفته معه مشهد.
مناقشات لا بدّ منها
إنّنا نشك في بعض ما جاء في هذه الرواية:
1 - لأنها تقول: إنه هو الذي كاتب سيده، وأعانه الصحابة على أداء دينه، وأعانه الرسول أيضاً بالذهب.. مع أن صريح كتاب المفاداة: أن الرسول «صلى الله عليه وآله» هو الذي أدى جميع ما على سلمان، وأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد اشتراه، وأعتقه، وأن ولاءه لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأهل بيته.. وقد دلت على ذاك نصوص أخر ستأتي إن شاء الله تعالى.
إن كونه قد أعتق في السنة الخامسة، أو الرابعة، مشكوك فيه أيضاً، وقد قدمنا بعض ما يرتبط بذلك وأنه قد أعتق في أول سني الهجرة..
2 - قول الرواية: أنه قد فاته بدر وأحد.. قد عرفنا: أنه أيضاً غير مسلم، فقد قيل: أنه حضرهما أيضاً.. أضف إلى ذلك: إن رواية ابن الشيخ تنص على أنه قد أخبر النبيّ «صلى الله عليه وآله» بأنه قد كاتب سيده، فور إسلامه، حين مجيء النبيّ «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة مباشرة.
كما أن القول بأن الصحابة قد أعانوا النبيّ «صلى الله عليه وآله» على أداء دينه فيما يرتبط بفداء سلمان.. هو الآخر لا يصح، إذ قد كان على الرواي أن يقول ذلك، ويصرح به، وكان على النبيّ «صلى الله عليه وآله»: أن يطلب منهم أن يعينوه هو، لا أن يعينوا أخاهم سلمان، كما هو صريح الرواية..
الرواية الأقرب إلى القبول
ولعل الرواية الأقرب إلى القبول هي: أنه «صلى الله عليه وآله» قد غرس النوى، وكان علي «عليه السلام» يعينه؛ فكان النوى يخرج فوراً، ويصير نخلاً، ويطعم بصورة إعجازية له «صلى الله عليه وآله».
كما ظهرت معجزته «صلى الله عليه وآله»، في وزن مقدار أربعين أوقية ذهباً، من حجر صار ذهباً أو من مثل البيضة أيضاً، أو من مثل البيضة أيضاً، أو من مثل وزن نواة.
النخلة التي غرسها عمر
ونجد في بعض المصادر: أن عمر بن الخطاب قد شارك في غرس نخلة واحدة، ولكنها لم تعش، فانتزعها النبيّ «صلى الله عليه وآله» وغرسها بيده، فحملت.
وفي رواية أخرى: أن التي لم تعش كان سلمان هو الذي غرسها.
أما عياض، فلم يسم أحداً، وإن كان قد ذكر غرس غيره أيضاً.
ولعلها كانت فسيلةً حاضرةً لدى عمر، أو سلمان، فأحب المشاركة في هذا الأمر، فغرسها، ولعله غرس نواةً، كانت في حوزته، وإن كانت الروايات قد صرحت بالأوّل لا بالنواة.. فيتعين ذلك الاحتمال.. وقد حاول البعض الجمع بين الروايتين المشار إليهما، أعني رواية غرس عمر للنخلة التي لم تعش، ورواية غرس سلمان لتلك النخلة:
بأن من الممكن أن يكونا - عمر وسلمان - قد اشتركا في غرسها، فصح نسبة ذلك لهذا تارة، ولذاك أخرى. «ويجوز أن يكون كل واحد من سلمان وعمر غرس بيده النخلة، أحدهما قبل الآخر».
ولنا أن نعلق على ذلك: بأنه بعد نهي النبيّ لسلمان عن ذلك؛ فلا يعقل أن يقدم على مخالفة النبيّ «صلى الله عليه وآله»، وسلمان هو من نعرف في انقياده، والتزامه المطلق، بأوامر الله سبحانه، ورسوله «صلى الله عليه وآله»؛ فلا يمكن أن نصدق: أنه قد خالف أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
وكيف لم يتدخل في غرس مائتين وتسع وتسعين، وتدخّل في خصوص هذه الواحدة، دون سواها ؟! هذا بالإضافة إلى صحة سند ما روي عن عمر.. وكثرة الناقلين له، وعدم نقل ذلك عن سلمان إلا عند ابن سعد في طبقاته..
وإذا كان الراجح - إن لم يكن هو المتعين - أن سلمان لم يتدخل في هذا الأمر، ولا خالف النهي المتوجه إليه من قبل رسول الله «صلى الله عليه وآله».. وإذا كان النهي إنما توجه إلى سلمان، لا إلى عمر، فإن إقدام عمر على هذا الأمر، يصبح أكثر معقولية، وأقرب احتمالاً..
فهو قد أراد أن يجرب حظه في هذا الأمر أيضاً، ولعله يريد إظهار زمالته، للرسول «صلى الله عليه وآله»، وهو القائل «أنا زميل محمّد» فكما أن النخل يثمر على يد رسول الله «صلى الله عليه وآله»؛ فإنه يثمر على يده أيضاً.. وكما أن الرسول يقوم ببعض الأعمال؛ فإن غيره أيضاً قادر على أن يقوم بها؛ فليس ثمة كبير فرق - فيما بينهم، وبينه «صلى الله عليه وآله»، على حدّ زعمه، أو هكذا خُيّل له على الأقل..
وأما أنه لماذا لم يغرس سوى نخلة واحدة، فلعله يرجع إلى أنه حين رأى النبيّ «صلى الله عليه وآله» ينهى سلمان عن أن يغرس شيئاً منها، فإنه قد تردّد في ذلك، وحاذر من أن يتعرض لغضب النبيّ «صلى الله عليه وآله»، وإنكاره.. ثم تشجع أخيراً، وجرب حظه في نخلة واحدة.. الأمر الذي تفرد فيه دون سائر الصحابة الآخرين، ولم يقدم عليه لا أبو بكر، ولا غيره..
وقد يكون السبب في ذلك هو أنه لم يكن في حوزته سوى هذه النخلة.
ولكن قد شاءت الإرادة الإلهية: أن يحفظ ناموس النبوة، وأن تخيب كل الطموحات، وتتحطم كل الآمال، التي تريد أن تنال من ذلك الناموس، أو تستفيد منه في مسارٍ انحرافي آخر، لا يلتقي معه، ولا ينتهي إليه. وتجلّى هذا اللطف الإلهي في أن النخل قد أثمر كله، سوى هذه، حتى أعاد رسول الله «صلى الله عليه وآله» غرسها بيده الشريفة من جديد، فظهرت البركات، وتجلت الكرامة الإلهية..
الشيخ حسين مظاهري
السيد جعفر مرتضى
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
حيدر حب الله
الشيخ محمد هادي معرفة
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
طريق الانتصار في الجهاد الأكبر (1)
اتهام الشريف الرضي بالزيدية
تحرير القرآن للإنسان من عبودية الشهوة
معنى شفاعة القرآن في الدنيا وظهورها في الآخرة
وظيفة التّاريخ
الفرق بين المدرسة الإشراقيّة والعرفان، والعرفان والأخلاق
أجر الصّابرين
خيمة المتنبّي بالأحساء تدشّن أربعة دواوين شعريّة
منهج القرآن في الإفادة والبيان
الانحراف عن الفطرة والتخبط في المتاهات