لقاءات

أمين العالي: الشّعر عصارة الرّوح

بين اللّغة العربيّة والرّياضيّات والشّعر، قصيدة من صلوات مشرقة، وكثير من الدّلالات الشّعريّة والتّربويّة، في حوار في الشّاعر الأستاذ أمين العالي، أو كما يحبّ أن يعرّف عنه الأطفال "بابا أمين العالي".

 

حاورته: نسرين نجم

 

(أنتم من عشّاق اللّغة العربيّة بكلّ تفاصيلها، ما الذي دفعكم للتوّجه إلى الرّياضيّات؟ وعلى أيّ معادلات حطّ رحالكم لغويًّا وحسابيًّا؟)

عشق اللّغة العربيّة جعل هذا العلم عندي سهل التّناول، بسيط التّداول لذيذ الالتهام، فأيّ قسم من هذه اللّغة الحبيبة يكفيني أن أطالعه لأتمكّن من شرحه للآخرين، بينما علم الرّياضيّات علم يحتاج إلى الممارسة أكثر من كونه حفظ قوانين وفهم معادلات، ولأنّني لم أكن بارعًا في هذا المجال، سألت نفسي، لو سألني أحد أبنائي مستقبلًا في الرّياضيات؛ هل أجيبه: أني لا أعلم! فقرّرت دخول غمار هذا القسم وعانيت في البداية، لكنّني استطعت أن أتجاوز صعوباته، وأتقنه، بل وأعلّمه للطلّاب أيضًا بفضل الله تعالى.

الأغرب من ذلك كلّه؛ أنّي بعد أن تقاعدت من التّعليم النّظاميّ طرقت بابًا جديدًا؛ وبدأت بدراسة الماجستير في العلاقات العامة.

 

(هل يحضر الحسّ الشّعريّ أثناء تدريسك الأطفال؟ وهل تعتمد استراتيجيّة خاصّة في التّعليم؟)

حقيقة عاهدت نفسي أن أتّخذ استراتيجيّة الحبّ في التّعليم، فأبدأ من أوّل يوم مع الأقمار بصياغة جملة "والله والله أحبكم" حيث أبرمج بهذه العبارة قلوب الأقمار قبل عقولهم، فيسهل عليّ زرع كلّ المعلومات المستهدفة. بل وتترك أثرًا على كلّ من تتلمذ على يدي، أشعر بحبّهم الحقيقيّ حتّى وهم رجال الآن، فلا يكاد أحدهم -حفظهم الله- يراني إلاويأخذني بالأحضان ويقبّل رأسي، نعم لأنّني أحببتهم بصدق.

 

(كيف تتكوّن القصيدة عندكم؟ وما هي المعايير التي تعتمدونها حتّى تتكامل بقالب من معنًى ومبنًى؟)

الشّعر عصارة الرّوح، وحين يتوقّف نبضه أجدني محزون الرّوح مكلوم السّريرة، وحين يطلّ مختبأ في حلم، أستيقظ مفزوعًا لأبحث عن قلم فأكتبه قبل الرّحيل.

القصيدة الحقيقيّة غير المتكلّفة تنسجها المواقف فتنهمر الأحرف دون توقّف حتى نقطة الختام.

 

(ونحن على أبواب ولادة سيد المرسلين محمّد (ص)، نسألكم عن أهمّيّة الشّعر النّبويّ في أيّامنا الحاليّة، وبماذا يتميّز عن سواه؟)

اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، القصيدة الأحمديّة هي الصّلوات المشرقة عند روضته المباركة، وضريحه المضيء، فكل حرف منها يطرق سياجه الفضّيّ متعلّقًا بأمل الغفران والشّفاعة، لذلك فالقصيدة الأحمديّة عروج سلام في زمن شاهق المسافة من صدقيّة مولاته ومحبّته.

 

 (كيف يمكن من خلال الشّعر النبويّ أن نعزّز القدوة عند الجيل النّاشىء؟)

القصيدة الصّادقة تطرق القلب وتوطّد المحبّة وتقرّب المسافة

 

(ماذا عن تجربتكم  في الشّعر النّبويّ؟)

ذهبت في رحلتي إلى رسول الله، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، مع جمع من معلّمينا الأفاضل، وخلوت بمناجاتي له؛ ألا تفيض عليّ بعضًا من نورك سيّدي، فانهمرت أدمعي وجاءت القصيدة:

هَذِي عَوَاطِفُنَا الثِّقَالُ أَجَاءَهَا

عَصْفُ الْمَحَبّةِ هَلْ هُنَاكَ هُطُولُ

وَالرّوحُ يَسْبِقُهَا الْغَرَامُ عَلَى الْمَدَى

مَا بَيْنَ رَوْضِكَ وَالضّرِيحِ سُؤُولُ

وَالسّحْرُ يَعْجَزُ وَالْبَيَانُ مَدَائِنٌ

وَالْقَيْدُ أَكْبَرُ وَالطّرِيقُ نُحُولُ

وَحَوَائِجِي شَتّى وَذَنْبِيَ مُوقِنٌ

وَالْعَفْوُ عِنْدَكَ وَالصّلاةُ غَسُولُ

وَالصّفْحُ بَابٌ مِنْ أَنَامِلِكَ الّتِي

فِيهَا تَشَكّلُ لِلصّفَاتِ أُصُولُ

فاَمْسَحْ بِكَفّكَ تَرْتَجِيكَ قَوَافِلٌ

فَأَنَا الْمُكَبّلُ وَالْحُرُوفُ تَجُولُ

وَالْفَجْرُ يَنْطِقُهَا الْمَدَامِعَ سُجّدًا

وَالْوَجْدُ أَفْصَحُ وَالْوَدَاعُ يَصُولُ

وَمَنَارُ أَدْمُعِكَ الّتِي أَرْسَلْتَهَا

بَيْنَ الْمَلائِكِ وَالسّمَاءُ تَقُولُ

فَاغْفِرْ لِقَوْمِيَ فَالنّبِيءُ مَرَاحِمٌ

وَالْحُبّ قَوْسٌ وَالرّمَاةُ تَؤُولُ

وَمُحَمّدٌ قُطْبُ النّجَاةِ مَدَارُهَا

وَالقَاسِطُونَ عَنِ الصّرَاطِ تَحُولُ

وَالبَابُ أَكْبَرُ مِنْ مَنَافِذِ كَرْبلا

وَالْجُرْحُ يَثْرِبُ وَالْمُصَابُ بَتُولُ

غُضّوا لِتَعْبُرَهُ الْمَكَانَ صَوَائِحًا

أَنّى غَضَضْتَ فَبَأْسُنَا مَقْتُولُ

وَالسّيْفُ حَيْدَرُ وَالدّمُوعُ جَوَانِحٌ

بَيْنَ الْمَآتِمِ تَقْتَفِيكَ رَسُولُ

شَهِدَتْ عَلَى ذَبْحِ الزّمَانِ وَسُمِّهِ

فَاصْدَعْ جَمَالًا أَيّهَا الْمَأْمُولُ

وَاضْرِبْ بِحَيْدَرَةَ الْوُجُودَ لِكِي تَرَى

"إِلا رَسُولٌ" فَالْمُقَامُ يَطُولُ

وَازْرَعْ بِأَنْفُسِنَا الْنّقَاءَ نُبُوّةً

فَبِهَا تُصَدّ عَنِ السّفَاهِ عُقُولُ

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد