
الشيخ جعفر السبحاني ..
إنّ من أبرز الشبهات الطارئة حول العصمة هي أنّ العصمة تسلب الاختيار عـن صاحبهـا، فلا يقـدر معهـا على ارتكاب المعصية، ومعه لا تصبح العصمة مكرمة وفضيلة.
وهذه الشبهة هي التي أشار إليها السيد الشريف المرتضى وقال:
ما حقيقة العصمة التي يُعتقد وجوبُها للأنبياء والأئمّة (عليهم السلام) ؟ وهل هي معنى يضطر إلى الطاعة ويمنع من المعصية، أو معنى يضام الاختيار؟ فإن كان معنى يضطر إلى الطاعة ويمنع من المعصية، فكيف يجوز الحمد والذم لفاعلها؟ وإن كان معنى يضام الاختيار فاذكروه، ودُلّوا على صحّة مطابقته له.
والجواب: إنّ العصمة لا تسلب الاختيار عن الإنسان بأي معنى فسرت، سواء أقلنا بأنّها الدرجة العليا من التقوى، أو أنّها نتيجة العلم القطعي بعواقب المآثم والمعاصي، أو أنّها أثر الاستشعار بعظمة الرب والمحبة للّه سبحانه، وعلى كل تقدير فالإنسان المعصوم مختار في فعله، قادر على كلا طرفي القضية من الفعل والترك، وتوضيح ذلك بالمثال الآتي:
إنّ الإنسان العاقل الواقف على وجود الطاقة الكهربائية في الأسلاك المنزوعة من جلدها، لا يمسّها كذلك، كما إنّ الطبيب لا يأكل سؤر المجذومين والمسلولين لعلمهما بعواقب فعلهما، وفي الوقت نفسه يرى كل واحد منهما نفسه قادراً على ذلك الفعل، بحيث لو أغمض العين عن حياته وهيّأ نفسه للمخاطرة بها، لَفَعَلَ ما يتجنبه، غير أنّهما لا يقومان به لكونهما يحبّان حياتهما وسلامتهما.
فإن شئت قلت: إنّ العمل المزبور ممكن الصدور بالذات من العاقل والطبيب، غير أنّه ممتنع الصدور بالعرض والعادة، وليس صدوره محالاً ذاتياً وعقلياً، وكم فرق بين المحالين، ففي المحال العادي يكون صدور الفعل من الفاعل ممكناً بالذات، غير أنّه يرجح أحد الطرفين على الآخر بنوع من الترجيح بخلاف الثاني (المحال الذاتي) فإنّ الفعل فيه يكون ممتنعاً بالذات، فلا يصدر لعدم إمكانه الذاتي.
وإن شئت فلاحظ صدور القبيح منه سبحانه أمر ممكن بالذات، داخل في إطار قدرته فهو يستطيع أن يدخل المطيع في نار الجحيم، والعاصي في نعيم الجنة، غير أنّه لا يصدر منه ذلك الفعل لكونه مخالفاً للحكمة ومبايناً لما وعد به وأوعد عليه، وعلى ذلك فامتناع صدور الفعل عن الإنسان مع التحفظ على الأغراض والغايات، لا يكون دليلاً على سلب الاختيار والقدرة.
فالنبي المعصوم قادر على اقتراف المعاصي وارتكاب الخطايا، حسب ما أُعطي من القدرة والحرية، غير أنّه لأجل حصوله على الدرجة العليا من التقوى، واكتساب العلم القطعي بآثار المآثم والمعاصي، واستشعاره بعظمة الخالق، يتجنب عن اقترافها واكتسابها ولا يكون مصدراً لها مع قدرته واقتداره عليها.
ومثلهم في ذلك المورد كمثل الوالد العطوف الذي لا يقدم على قتل ولده، ولو أُعطيت له الكنوز المكنوزة والمناصب المرموقة ومع ذلك فهو قادر على قتله، بحمل السكين والهجـوم عليه وقطع أوردته، وفي هذا الصدد يقول العلامة الطباطبائي:
إنّ هذا العلم أعني ملكة العصمة لا يغيِّر الطبيعة الإنسانية المختارة في أفعالها الإرادية، ولا يخرجها إلى ساحة الإجبار والاضطرار كيف؟ والعلم من مبادئ الاختيار، ومجرد قوة العلم لا يوجب إلاّ قوة الإرادة كطالب السلامة إذا أيقن بكون مائع ما، سماً قاتلاً من حينه فإنّه يمتنع باختياره من شربه قطعاً، وإنّما يضطر الفاعل ويجبر إذا أخرج المجبر أحد طرفي الفعل والترك من الإمكان إلى الامتناع. ويشهد على ذلك قوله: ( وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراط مُسْتَقيم* ذلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَو أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) تفيد الآية أنـّهم في إمكانهم أن يشركوا باللّه وإن كان الاجتباء أو الهدى الإلهي مانعاً من ذلك، وقوله: ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ) ، إلى غير ذلك من الآيات..
فالإنسان المعصوم إنّما ينصرف عن المعصية بنفسه وعن اختياره وإرادته، ونسبة الصرف إلى عصمته تعالى كنسبة انصراف غير المعصوم عن المعصية إلى توفيقه تعالى ولا ينافي ذلك أيضاً ما يشير إليه كلامه تعالى وتصرح به الأخبار من أنّ ذلك من الأنبياء والأئمّة بتسديد من روح القدس، فإنّ النسبة إلى روح القدس، كنسبة تسديد المؤمن إلى روح الإيمان، ونسبة الضلال والغواية إلى الشيطان وتسويله، فإنّ شيئاً من ذلك لا يخرج الفعل عن كونه فعلاً صادراً عن فاعله مستنداً إلى اختياره وإرادته فافهم ذلك.
معنى (قوس) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (3)
محمود حيدر
في رحاب بقية الله: المهدي (عج) عِدْلُ القرآن
الشيخ معين دقيق العاملي
مناجاة الزاهدين(3): إلهي أسكنتنا دارًا
الشيخ محمد مصباح يزدي
التّعاليم الصحيّة في القرآن الكريم
الشيخ جعفر السبحاني
أمانان لأهل الأرض
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
الفيض الكاشاني
التعلم القائم على اللعب: طرق مُثبتة لتعزيز نمو دماغ الطفل وتطوّر إدراكه وشحذ ذكائه
عدنان الحاجي
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ
الشيخ محمد جواد مغنية
أمّ البنين: ملاذ قلوب المشتاقين
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (قوس) في القرآن الكريم
أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ
اكتشاف مجموعة جديدة من فصائل الدم
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (3)
لقاء حواريّ مع أسطورة السّرياليّة عبدالحميد البقشي في مساحة تغريد للفنون
في رحاب بقية الله: المهدي (عج) عِدْلُ القرآن
مناجاة الزاهدين(3): إلهي أسكنتنا دارًا
أمّ البنين: ملاذ قلوب المشتاقين
التّعاليم الصحيّة في القرآن الكريم
أمانان لأهل الأرض