
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ..
مما لا شك فيه أن الله سبحانه وتعالى ليس بحاجة إلى شكرنا في مقابل نعمه علينا، وإذا أمرنا بالشكر فذاك لنستوجب نعمة أخرى وهي واحدة من المبادئ السامية في التربية. المهم أن نعرف ما هي حقيقة الشكر؟ لكي يتضح علاقته في زيادة النعمة من أين؟ وكيف تستطيع أن تكون عاملًا مهمًّا للتربية؟ إن حقيقة الشكر ليس فقط ما يقوله الإنسان (الحمد لله) أو الشكر اللفظي، بل هناك ثلاث مراحل للشكر:
الأولى: يجب أن نعلم من هو الواهب للنعم؟ هذا العلم والإيمان الركن الأول للشكر.
والثانية: الشكر باللسان.
والثالثة: وهي الأهم الشكر العملي، أي أن نعلم الهدف من منحنا للنعمة، وفي أي مورد نصرفها، وإلا كفرنا بها، كما قال العظماء: (الشكر صرف العبد جميع ما أنعمه الله تعالى فيما خلق لأجله). لماذا أعطانا الله تعالى العين؟ ولماذا وهبنا السمع والنطق؟ فهل كان السبب غير أن نرى عظمته في هذا العالم، ونتعرف على الحياة؟ وبهذه الوسائل نخطو إلى التكامل، ندرك الحق وندافع عنه ونحارب الباطل، فإذا صرفنا النعم الإلهية في هذا المسير كان ذلك هو الشكر العملي له، وإذا أصبحت هذه الأدوات وسيلة للطغيان والغرور والغفلة والابتعاد عن الله فهذا هو عين الكفران! يروى عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "أدنى الشكر رؤية النعمة من الله من غير علة يتعلق القلب بها دون الله، والرضا بما أعطاه، وأن لا تعصيه بنعمة وتخالفه بشئ من أمره ونهيه بسبب من نعمته"[1].
وهنا يتضح أن شكر العلم والمعرفة والفكر والمال والسلامة، كل واحد منها من أي طريق يتم؟ وكيف يكون كفرانها؟ الحديث الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام) دليل واضح على هذه التفسيرات حيث يقول: "شكر النعمة اجتناب المحارم"[2]. وتتضح أيضا هذه العلاقة بين الشكر وزيادة النعمة، لأن الناس لو صرفوا النعم الإلهية في هدفها الحقيقي، فسوف يثبتون عمليًّا استحقاقهم لها وتكون سببًا في زيادة الفيوضات الإلهية عليهم.
من الثابت أن هناك نوعين من الشكر، (شكر تكويني) و (شكر تشريعي). "الشكر التكويني" هو أن يستفيد الكائن الحي من مواهبه في نموه ورشده، فمثلًا يرى المزارع أن القسم الفلاني من مزرعته تنمو فيه الأشجار بشكل جيد، وكلما يخدمها أكثر تنتج أكثر، فهذا الأمر سوف يؤدي إلى أن يقوم المزارع على خدمة وتربية ذلك القسم بشكل أكبر، ويوصي مساعديه بها، لأن الأشجار تناديه بلسان حالها: أيها المزارع، نحن لائقون مناسبون، أفض علينا من النعم، وهو يجيبهم بالإثبات. أما إذا رأى في قسم آخر أشجارًا ذابلة ويابسة وليس لها ثمر، فكفران النعمة من قبلها بهذه الصورة يسبب عدم اعتناء المزارع بها، وإذا استمر الوضع بهذا الحال سوف يقوم بقلعها. وهذه الحالة موجودة في عالم الإنسانية بهذا التفاوت، وهو أن الأشجار ليس لها الاختيار، بل هي خاضعة للقوانين التكوينية، أما الإنسان فباستفادته في إرادته واختياره وتربيته التشريعية يستطيع أن يخطو في هذا المجال خطوات واثقة. ولذلك فمن يستخدم نعمة القوة في الظلم، ينادي بلسان حاله: إلهي، أنا غير لائق لهذه النعمة، ومن يستخدمها لإقامة الحق والعدالة يقول بلسان حاله: إلهي، أنا مناسب ولائق فزد نعمتك علي! وهناك حقيقة غير قابلة - أيضًا - للترديد، وهي أننا في كل مرحلة من مراحل الشكر الإلهي - إن كان باللسان أو العمل - سوف نحتاج إلى شكر جديد لمواهب وعطايا جديدة، ولذلك فلسنا قادرين أن نؤدي حق الشكر، كما نقرأ في مناجاة الشاكرين للإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام): " كيف لي بتحصيل الشكر وشكري إياك يفتقر إلى شكر، فكلما قلت لك الحمد وجب علي لذلك أن أقول لك الحمد"! ولهذا فإن أعلى مراحل الشكر أن يظهر الإنسان عجزه أمام شكر نعمائه تعالى، كما جاء في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "فيما أوحى الله عز وجل إلى موسى: اشكرني حق شكري، فقال: يا رب، وكيف أشكرك حق شكرك، وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي؟ قال: يا موسى، الآن شكرتني حين علمت أن ذلك مني"[3].
ـــــــ
[1] - سفينة البحار، المجلد الأول، 710.
[2] - نور الثقلين، ج 2، 529.
[3] - أصول الكافي ، المجلد الرابع ، صفحة 80 باب الشكر
كيف يصنع الدماغ العادة أو يكسرها؟
عدنان الحاجي
بين الأمل والاسترسال به (1)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الذّكاء المصنوع كعلم منظور إليه بعين الفلسفة من الفيزياء إلى الميتافيزياء
محمود حيدر
معنى (توب) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
مناجاة الذاكرين (4): بك هامت القلوب الوالهة
الشيخ محمد مصباح يزدي
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
الشيخ محمد صنقور
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
ضحكات المطر
حبيب المعاتيق
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
(مبادئ الذّكاء الاصطناعيّ) محاضرة في مجلس الزّهراء الثّقافيّ
كيف يصنع الدماغ العادة أو يكسرها؟
بين الأمل والاسترسال به (1)
الذّكاء المصنوع كعلم منظور إليه بعين الفلسفة من الفيزياء إلى الميتافيزياء
معنى (توب) في القرآن الكريم
جلسة حواريّة بعنوان (مرايا القراءة)
مناجاة الذاكرين (4): بك هامت القلوب الوالهة
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
فريق بحث ينشر اكتشافًا رائدًا لتخليق الميثان
معنى (خشع) في القرآن الكريم