حيدر حب الله
سألني أحد الأعزّة من الأصدقاء الباحثين عن الحقيقة، فقال: ألا ترى أنّ صعوبة فهم النصوص الدينية، وحاجة العلماء إلى كلّ هذا الجهد في تفسيرها.. دليلٌ على ضعفٍ في النصوص نفسها؟! لماذا تفسير النصوص الدينيّة أمرٌ صعب؟ أيّ شفاء للإنسانية يكون حاله هكذا؟!
عندي أوجه ومداخلات كثيرة حول هذا الموضوع، لست بصددها الآن فالمجال لا يسمح، لكنّني أجبت صديقي بما أعتقد أنّه (أحد) الأسباب المسؤولة عن (بعض) أشكال الغموض الذي يبدو لنا في النصّ الديني، فقلت له: إذا فتحتَ تاريخ الطبري وأردت أن تستخرج منه قوانين التجارات والأحوال الشخصيّة، ونظريّات علم النفس والتنمية البشريّة، ثم عكفت ومعك مئات الأشخاص لاستنطاق نصّ الطبري، جازماً مسبقاً بأنّه تكلّم عن كلّ هذه المواضيع، واستمرّ الحال سنواتٍ طويلة، ماذا تتوقّع؟
إنّني أتوقّع أن يصبح نصّ الطبري بالغ الصعوبة والغموض، ومركّباً من شبكة لغويّة دلاليّة معقّدة وغير عفويّة؛ لأنّ حجم التأويل والتكلّف الذي سُكب عليه سوف يُخرجه مخلوقاً آخر لا يخلو من عجب. سنحاول من أيّ قصّةٍ تاريخيّة أن نأخذ قانوناً في الأحوال الشخصيّة مثلاً، وأنّ الطبري يريد أن يبيّن هذا القانون، فنستحلب النصّ حتى النهاية، ثم نستحلب، ثم نستحلب.. رغم أنّ النص لا علم له بهذا القانون ولا خبر.. تماماً كما يُحكى عن ذلك العالم ـ ولعلّه أبو حامد الغزالي ـ عندما سمع طلاب العلوم الدينية يتذاكرون في بعض كتبه، فرأى منهم تفسيراتٍ لنصّه لم تخطر على باله في حياته قطّ! أو كحال ذلك الشاب العاشق من طرفٍ واحد، يظنّ أنّ أيّ حركة من معشوقته هي رسالة له لها معنى ودلالات، والمعشوقة المسكينة تكاد لا تعرف هذا العاشق أو تنتبه إليه أصلاً..
لعلّنا سألنا النصّ الديني أحياناً ما لا علاقة له به، مفترضينه على علاقةٍ بكلّ شيء، فصعّبنا الأمر على أنفسنا، وتراكمت الطبقات الجيولوجيّة للنص فوقه ـ على حدّ تعبير محمّد أركون، انسجاماً مع حفريّات المعرفة لميشيل فوكو ـ فصار فهمه يحتاج لحفرٍ عميق مضنٍ، أو أنّ النصّ الديني يحتوي على جزء نخبوي وآخر عام، وعلى الناس أن لا تبحث من الأوّل في الجزء النخبوي؛ لأنّه مختصّ بالأنبياء والأولياء، كما يرى بعض العرفاء وبعض الإخباريّين من الإماميّة على مستوى النصّ القرآني على الأقلّ.
أعرف أنّ هناك الكثير من الكلام حول أنّ في القرآن بيانَ كلّ شيء، وأعرف المبرّرات التي ينطلق منها كثيرون هنا، وقد يكون لبعضنا تحفّظ على هذه المنطلقات، لكنّني أدعو ـ انطلاقاً من قناعة ـ :
أ ـ لتعاملٍ أكثر عفويّة مع النصوص، وللفرار من التكلّف.
ب ـ ولإعادة النظر في حجم المساحة العمليّة والمعرفيّة التي تُريد النصوص الدينية أن تتكلّم فيها.
ج ـ ولبناء استنطاق النصّ على احتماليّة أنّه يتكلّم عن هذا الموضوع، لا بناء الاستنطاق على حتميّة قبلية مسبقة تحسم أنّه تكلّم عن هذا الموضوع بالفعل ونريد أن نفتّش عن كلامه المكنون في هذا الموضوع، الأمر الذي يجعل معرفة مساحة العطاء في النصّ قائمةً أيضاً على جهد استقرائيّ، وليست مبنيّة على حتميّة قبليّةً مسقَطَةً عليه من الأعلى فقط.
لعلّنا بذلك ننتهي نسبيّاً من التأويل والاستحلاب، فيزول قدرٌ كبير من الغموض، والعلم عند الله.
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد صنقور
محمود حيدر
حيدر حب الله
الشيخ شفيق جرادي
السيد عادل العلوي
الشيخ مرتضى الباشا
السيد عباس نور الدين
الشيخ جعفر السبحاني
عدنان الحاجي
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
الرضا (ع) في مواجهة مؤامرات المأمون
﴿محمد رسول الله وَالَّذِينَ مَعَهُ..﴾ مناقشة في الإطلاق (2)
ميتافيزيقا السؤال المؤسِّس (3)
الشخصية المرجعية للنبيّ بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية (4)
توقيع ثلاث روايات لثلاث كاتبات في الدّمّام
حديث حول أسرار النّجاح في العلاقة الزّوجيّة
رحيل النّبوّة: بسملة رزايا فاطمة
(قلوب عمياء في وسط صمتهم) جديد الكاتبة ولاء الشيخ أحمد
إدارة سلوكيّات الأطفال، محاضرة للمدرّب آل عبّاس في برّ سنابس
ميتافيزيقا السؤال المؤسِّس (2)