
العلم اللدنِّي هو العلم المتلقَّى من قبل الله تعالى من طريق الوحي أو من طريق الإلهام الإلهي، ومنشأ التعبير عنه باللدنِّي هو الإشارة إلى ما ورد في قوله تعالى من سورة النمل: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾(1) وقوله تعالى من سورة الكهف: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾(2) فالعلمُ المتلقَّى من لدُنِ الله تعالى من طريق الوحي كما في الآية من سورة النمل أو من طريق الإلهام الإلهي كما في الآية من سورة الكهف هو ما يُسمَّى بالعلم اللدنِّي، فوصفُ هذا العلم باللدنِّي يُراد منه الإشارة إلى مصدر هذا العلم وهو الله جلَّ وعلا، وطريقُه منحصرٌ في الوحي أو الإلهام الإلهي.
وأمَّا العلم الحضوري فهو العلم المقابل للعلم الحصولي، والمراد من العلم الحصولي هو العلم بالواقع الخارجي من طريق مُدركات الحس كالسمع والبصر، وذلك مثل العلم بوجود الشمس والقمر والحجر والشجر من طريق حاسَّة البصر، والعلم ببرودة الماء أو حرارته من طريق حاسَّة اللمس والعلم بالرائحة الزكيَّة من طريق حاسَّة الشم وهكذا، فإنَّ جميع الصور الذهنية التي يتم تحصيلها وإدراكها من طريق اتِّصال مُدركات الحسِّ بالواقع الخارجي يُعبَّر عنها بالعلم الحصولي.
فالواقع الخارجي لا يحضرُ إلى الذهن بنفسه وإنما ينتزع الذهن صورة عنه من طريق أدوات الحس، وعليه فإنَّ إدراك الواقع الخارجي يكون بواسطة الصور الذهنية التي تم تحصيلُها من طريق أدوات الحس أو قل بتعبيرٍ أدق وأشمل من طريق أدوات المعرفة.
فالعلم الحصولي يكون متقوِّماً دائماً بثلاثة أطراف الطرف الأول هو الـمُدرِك والذي هو الإنسان، والطرفُ الثاني هو الـمُدرَك والذي هو الواقع الخارجي، والطرفُ الثالث هي الصورة الذهنيَّة للواقع الخارجي والحاصلة في الذهن من طريق أدوات الحس. فلأنَّ الواقع الخارجي لا يحضرُ للذهن بنفسه لذلك يكون معنى إدراكه والعلم به هو حصول صورته في الذهن، فالواقع الخارجي مُدرَكٌ لدى النفس ولكن بواسطة صورته الحاكية له.
فكلُّ معلوم ليس حاضراً بنفسه في الذهن وإنَّما بصورته الحاكية له فهو معلومٌ حصولي، فالعلم بوجود النار الخارجيَّة -مثلاً- علمٌ حصولي، لأنَّ هذا المعلوم لا يحضرُ بنفسه في الذهن وإنَّما تحضر صورتُه، ولهذا لا يترتَّب على إدراك وجود النار احتراق الـمُدرِك لوجودها لأنَّ الاحتراق من آثار الوجود الخارجي للنار وليس من آثار الصورة الذهنية للنار، فالحاضر في النفس والذهن هي الصورة الذهنية للنار وليس الوجود الخارجي للنار.
وأمَّا العلم الحضوري فهو حضور الـمُدرَك بنفسه في ذهن الـمُدرِك، ومثال ذلك علم الإنسان بذاته وبمشاعره كعلمه بحزنه وابتهاجه وحبِّه وبغضه، فإنَّ المعلوم والمدرَك في النفس هو واقع الحزن وليس صورته، لذلك فالحزنُ معلومٌ بالعلم الحضوري، وكذلك الشعور بالجوع والظمأ والخوف فإنَّها معلومةٌ بالعلم الحضوري وذلك لأنَّها حاضرة بوجودها الواقعي في الذهن أو قل في النفس وليس الحاضر في النفس هي صورتها، فالـمُدرَك في العلم الحضوري حاضرٌ بذاته وواقعه في صفحة النفس، وذلك بخلاف العلم الحصولي فإنَّ الـمُدرَك وهو الواقع الخارجي لا يحضرُ بذاته وواقعه في النفس وإنَّما يحضر بصورته الذهنية أي إنَّ إدراكه يكون بتوسُّط صورته الذهنيَّة.
نعم العلم بالصورة الذهنيَّة علمٌ حضوري لأنَّها حاضرة بذاتها في النفس ولكنَّ محكيّها وهو الواقع الخارجي مُدرَك ومعلوم بالعلم الحصولي، وذلك لأنَّ إدراكه يتمُّ بتوسط الصورة الذهنيَّة، فهو ليس حاضراً بذاته في الذهن وإنَّما هو حاضرٌ بواسطة صورته، فالصورة الذهنيَّة بلحاظ حكايتها للواقع الخارجي تكون علماً حصولياً، وبلحاظ ذاتها معلومةٌ بالعلم الحضوري.
وممَّا ذكرناه يتبيَّن أنَّ العلم اللدنِّي قد يكون حضورياً، وقد يكون حصولياً، فإذا كان المعلوم المتلقَّى بالإلهام أو الوحي يحضرُ بذاته وواقعه في نفس المتلقِّي فهو علمٌ حضوري، وإذا كان المعلوم حاضراً بصورته وليس بواقعه العيني فهو علمٌ حصولي.
فإذا تلقَّى النبيُّ أو الوليُّ عن الله تعالى أنَّ موسى -مثلاً- كان موجوداً في الزمن الغابر فإنَّ الذي سيحضر في الذهن هو صورة موسى (ع) وليس وجوده العيني لذلك فالعلمُ الحاصل من الوحي أو الإلهام علمٌ حصولي ومن ذلك قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا﴾(3) وإذا كان المتلقَّى بالوحي أو الإلهام هو مثل البصيرة واليقين والحكمة والتقوى فالمتلقَّى في مثل ذلك يحضرُ بذاته في النفس لذلك فهو معلومٌ بالعلم الحضوري.
                    
                        كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟                    
                    
                        السيد عباس نور الدين
                    
                        الذنوب التي تهتك العصم                    
                    
                        السيد عبد الأعلى السبزواري
                    
                        كلام في الإيمان                    
                    
                        السيد محمد حسين الطبطبائي
                    
                        شكل القرآن الكريم                    
                    
                        الدكتور محمد حسين علي الصغير
                    
                        الإسلام أوّلاً                    
                    
                        الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
                    
                        لا تجعل في قلبك غلّاً (2)                    
                    
                        السيد عبد الحسين دستغيب
                    
                        حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (4)                    
                    
                        محمود حيدر
                    
                        معنى (لمز) في القرآن الكريم                    
                    
                        الشيخ حسن المصطفوي
                    
                        التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي                    
                    
                        عدنان الحاجي
                    
                        {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}                    
                    
                        الشيخ مرتضى الباشا
                    
                        اطمئنان                    
                    
                        حبيب المعاتيق
                    
                        الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين                    
                    
                        حسين حسن آل جامع
                    
                        أيقونة في ذرى العرش                    
                    
                        فريد عبد الله النمر
                    
                        سأحمل للإنسان لهفته                    
                    
                        عبدالله طاهر المعيبد
                    
                        خارطةُ الحَنين                    
                    
                        ناجي حرابة
                    
                        هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال                    
                    
                        أحمد الرويعي
                    
                        وقف الزّمان                    
                    
                        حسين آل سهوان
                    
                        سجود القيد في محراب العشق                    
                    
                        أسمهان آل تراب
                    
                        رَجْعٌ على جدار القصر                    
                    
                        أحمد الماجد
                    
                        خذني                    
                    
                        علي النمر
                    
                        كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
                    
                        (قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
                    
                        مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
                    
                        شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
                    
                        نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
                    
                        الذنوب التي تهتك العصم
                    
                        (ما بين العواصف والرّمال) إصدار تأمّليّ لحسن الرّميح
                    
                        كلام في الإيمان
                    
                        شكل القرآن الكريم
                    
                        الإسلام أوّلاً