
المعروف في التفرقة بين المدرسة الإشراقيّة والعرفان بفرعيه، أنّ المدرسة الإشراقيّة مدرسةٌ فلسفيّة، وليست مدرسةً عرفانية فقط، ولهذا عندما يصنّفون المدارس الفلسفيّة فإنّهم يضعون فلاسفة الإشراق في عرض فلاسفة المشاء، والفرق بين الإشراق والمشاء والعرفاء، هو أنّ المشّائين يعتمدون العقل أساساً في الوصول إلى الحقيقة، ومن ثمّ فالحقيقة عندهم تدرك بالعلم الحصولي عبر العقل المعتمد على القياس الأرسطي بصيغته البرهانيّة، أمّا العرفاء فهم يعتمدون القلب والعلم الحضوري والكشف والشهود أساساً في الوصول إلى الحقيقة، ويرون أنّ العلم الحصولي لا يوصل الإنسان إلى المعرفة الحقيقيّة، بل لديهم أحياناً انتقادات على العقل وجدوائيّة عمله في معرفة الحقائق، ولطالما وصفوا الاستدلال والمنهج البرهاني والعقلي بأنّ له رِجْلًا خشبيّة، كما عبّر جلال الدين الرومي، فالعرفاء يتخذون موقفاً نقديّاً من العقل بهذا المعنى، ويرون معرفته الحصوليّة صورة معرفة، وليست معرفةً حقيقيّة؛ لأنّ المعرفة الحقيقيّة للشيء هي بالاتحاد معه، فالمعرفة عندهم تقوم على الوجود عبر حضور المعلوم عند العالم، لا على الماهية والمفاهيم عبر حصول التصوّرات الذهنيّة في العقل.
أمّا الإشراقيّون فهم يحاولون الدمج بين الاتجاهين منهجيّاً، وهم بذلك يسبقون مدرسة صدر المتألّهين الشيرازي في التوفيق بين النصّ والعقل والقلب، غاية الأمر أنّ هناك نقاشاً في مدى نجاح هذه المدرسة الإشراقيّة في تحصيل المصالحة الثلاثيّة هذه، ومنهجهم يقوم على الجمع بين السلوك والاستدلال، فهم يعيرون للمنهج البرهاني اهتماماً ويرونه صحيحاً ومفيداً، على خلاف العرفاء بما هم عرفاء. وهم - أي الإشراقيون - يعتقدون أنّ العلم الحصولي كمالٌ، على خلاف العرفاء الذين يرونه تافهاً، بل يترقّى أنصار حكمة الإشراق فيقولون - كما ينصّ السهروردي نفسه - بأنّ فهم حكمة الإشراق والوصول إلى غايتها المنشودة، لا يكون إلا بالمراس والخبرة في العلوم البرهانية الاستدلاليّة، فمن لم يكن خبيراً بهذه العلوم لا يستطيع السير والسلوك، وهذا على خلاف منهج العرفاء الذين قال بعضهم بأنّ هذا العلوم تمثل حُجُباً عن السير والسلوك.
والعرفان النظري ليس سوى صياغة لحصيلة تجارب العارف، لا محاولة فلسفيّة برهانيّة استدلاليّة، كما نشهده مع السهروردي، وإذا ما فعلوا ذلك فإنّهم يفعلونه بما هم فلاسفة لا بما هم عرفاء، تماماً كما حصل مع الشيرازي. وبعبارة موجزة إن حكمة الإشراق هي المدرسة الإسلاميّة التي سعت للتوفيق بين العرفان والفلسفة، معتقدةً بدور العقل والقلب معاً في الوصول إلى الحقيقة، وأنّ الكشف القلبي هو ترقٍّ وتعالٍ للكشف العقلي وليس نقيضاً له، ومن هنا يمكن التعبير عنهم بأنّ لديهم فلسفة عرفانية، وهذا غير العرفان النظري الذي يعبّر عن صياغة الكشف القلبي في قالب منظم ومرتبط الأجزاء بطريقة يمكن من خلالها نقل صورة معرفيّة للآخر عن رؤية العارف للوجود، وهذا ما كان تتويجه على يد ابن عربي في كتاب (فصوص الحكم) مثلًا، بينما جاء ابن تركة الأصفهاني والقونوي وأمثالهم ليقدّموا فلسفةً لعرفان ابن عربي، ويبرهنوا على صحّة ما صاغه في عرفانه النظري في هذا الكتاب أو غيره.
وأمّا الفرق بين العرفان العملي والأخلاق، فهو أنّ الأخلاق مفهومٌ يرتبط تارةً بالجانب الاجتماعي المعروف، وأخرى يتصل بالجانب الروحي، فهناك أخلاق جوارح وأخلاق جوانح، ففي أخلاق الجوارح يأتي التصدّق على الفقير، وإلقاء السلام على الناس، والنظر إلى المتخاصمين في القضاء، والابتسامة للآخرين، وزيارة المرضى وغير ذلك، وأمّا في أخلاق الجوانح فهناك التطهّر من الحسد والحقد والضغينة، وهناك مجاهدة النفس في مواجهة المحرّمات، وهناك الصبر، وهناك الخشوع في الصلاة، وحبّ الله تعالى، وهناك حبّ الغير حبّاً في الله، وغير ذلك.
أمّا العرفان العملي، فهو مرحلة لاحقة على هذين الفرعين من علم الأخلاق عندهم، لأنّه ينطلق في رحلة روحية سلوكيّة للاتصال بالعالم العلوي، والسفر عبر العوالم للوصول إلى الله تعالى بالقلب والشهود، وبهذا ميّز الغزالي بين ما أسماه علم المعاملة وعلم المكاشفة، وأدرج كلّ مباحثه الأخلاقية تقريباً – والتي ذكرها في كتابه (إحياء علوم الدين) - في قسم علم المعاملة، أمّا علم المكاشفة فهو مرحلة لاحقة تسمّى بالسير والسلوك، يترقّى فيها العارف عندهم في رتب الوجود والكمالات بلوغاً إلى الغاية القصوى.
رأس العبادة، آدابٌ للدعاء
الشيخ شفيق جرادي
الحجاب بين الحياء والتهتّك
السيد عباس نور الدين
معنى (سقف) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
الملائكة وسائط في التدبير
السيد محمد حسين الطبطبائي
إرادة اللَّه سبحانه
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
ظهور الشعر الأبيض قد يكون وقاية من الإصابة بالسّرطان
عدنان الحاجي
أقسام العلّة
الشيخ محمد جواد مغنية
البحث التاريخي
السيد جعفر مرتضى
الكلمات في القرآن الكريم
الشيخ جعفر السبحاني
الصورة والفاعلية التواصلية
أثير السادة
السيّدة المعصومة: ملتقى الجمال والجلال
حسين حسن آل جامع
على غالق
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
تفسير المحيط الأعظم والبحر الخِضَمّ
رأس العبادة، آدابٌ للدعاء
الحجاب بين الحياء والتهتّك
معنى (سقف) في القرآن الكريم
الملائكة وسائط في التدبير
إرادة اللَّه سبحانه
ظهور الشعر الأبيض قد يكون وقاية من الإصابة بالسّرطان
مراكز متقدّمة لأشبال تراتيل الفجر في مسابقة (اقرأ) في البحرين
أقسام العلّة
البحث التاريخي