
ورد في القرآن الكريم عدة تعبيرات متعلقة بخلق الأرض:
التعبير الأول: الخلق: كقوله تعالى (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (فصلت :9).
التعبير الثاني: المدّ: قال سبحانه (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الرعد : 3). (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ) (الحجر : 19). (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (ق : 7).
التعبير الثالث: الدحو: قال الله تعالى (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) (النازعات).
التعبير الرابع: الطحو: قال الله تعالى (وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا) (الشمس: 6).
استفسار:
يظهر من بعض المفسرين أن (المدّ) و(الدحو) و(الطحو) كلها بمعنى واحد، وربما أضاف إليها (الخلق) أيضًا. وبناء على ذلك: نرجع إلى الآيات الكريمة في سورة النازعات: (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا).
فاستنتج البعض أن خلق الأرض متأخر زمانًا عن خلق السماء، ثم أشكل على ذلك بآية أخرى، وهي قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة: 29)، فإنّ الظاهر من الآية الأخيرة أن خلق الأرض متقدّم زمانًا على خلق السماء.
والجواب على ذلك:
أولاً- يلزم التدقيق في الآيات الكريمة، إذ لكلمة (الأرض) وكلمة (السماء) عدة معانٍ، وليس بالضرورة أن يكون الأرض المقصودة هي الأرض التي نعيش عليها لوحدها، ولا السماء التي نراها بالعين لوحدها. ومن هنا يأتي سؤال مشهور، ما المقصود بالسماوات السبع؟ وربما (أرض) مقصودة في آية كريمة، تختلف عن (أرض) مقصودة في آية أخرى، وكذلك (السماء).
ثانيًا- لتقريب الفكرة: دعونا نتذكر ما يحدث عند الخبّاز: (يصنع العجين. يكوّر العجين. يبسط كل كرة بمفردها بواسطة المحور. وضع العجينة المبسوطة المفرودة على صاج، أو إدخالها إلى التنور. وبعد ذلك تصبح جاهزة للأكل).
ولذلك: الأقرب أن (الخلق)، (المدّ)، (الدحو)، (الطحو) لها معاني مختلفة، وتتحدث عن مراحل مختلفة في تكوين الأرض ونشأتها، وهو نظير ما ورد في السماء أيضًا (البناء- جعلها سبع سماوات .... إلخ).
ثالثًا- ليس من الضروري أن تتقدّم كل مراحل الأرض، على كل مراحل السماء أو العكس. وبالتالي مثلاً: يمكن أن تكون مرحلة (أ) من مراحل تكوين الأرض متقدّمة على مرحلة (أ) من مراحل تكوين السماء. ولكن تكون مرحلة (ب) في السماء متقدمة على مرحلة (ب) في الأرض، فتأمل جيدًا.
رابعًا- لاحظوا في الآيات السابقة: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا)... عندما يذكر القرآن الكريم (مدّ الأرض) يعطف عليها بحرف (الواو) جعل الرواسي، وهذا يظهر منه التغاير بينهما، وأنّ المدّ يختلف عن جعل الرواسي.
أما في الدحو (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) ذكرها بدون عطف على الدحو، ولعل الظاهر من ذلك أن الآيات تشرح المقصود من الدحو بأنّه إخراج الماء والمرعى، وإرساء الجبال، بحيث تصبح جاهزة لحياة الإنسان والحيوانات عليها. وبعبارة أخرى: الدحو هو مرحلة تشكيل التضاريس والظروف الملائمة لحياة الإنسان والحيوان.
خامسًا: كلمة (ثم) أو عبارة (بعد ذلك) لا تدل (بشكل دائم) على التأخير الزماني، بل ربما كان لها معانٍ أخرى.
توضيح بمثال:
قال الله تعالى (هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ)... والزنيم هو من لا يُعرف أبوه، أو ابن الحرام، ومن الواضح أن هذه الصفة تكون متقدّمة زمانًا على أفعال الإنسان نفسه كالهمز والمشي بالنميم، وليست متأخرة زمانًا.
مثال آخر:
عندما تقول لابنك: (أنا نصحتك وأوضحت لك عواقب هذا العمل، ثم إن عندك عقل، وعليك الاستفادة منه في معرفة الحق من الباطل). من الواضح أن امتلاك المخاطب للعقل ليس متأخر زمانًا عن النصيحة، ومع ذلك استفدنا من كلمة (ثم) للربط بين الجملتين.
الذّكاء المصنوع كعلم منظور إليه بعين الفلسفة من الفيزياء إلى الميتافيزياء
محمود حيدر
معنى (توب) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
مناجاة الذاكرين (4): بك هامت القلوب الوالهة
الشيخ محمد مصباح يزدي
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
الشيخ محمد صنقور
القلب يفكر مع العقل
عدنان الحاجي
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ
الفيض الكاشاني
ضحكات المطر
حبيب المعاتيق
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
الذّكاء المصنوع كعلم منظور إليه بعين الفلسفة من الفيزياء إلى الميتافيزياء
معنى (توب) في القرآن الكريم
جلسة حواريّة بعنوان (مرايا القراءة)
مناجاة الذاكرين (4): بك هامت القلوب الوالهة
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
فريق بحث ينشر اكتشافًا رائدًا لتخليق الميثان
معنى (خشع) في القرآن الكريم
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (1)
التواصل الاجتماعي في حياتنا المعاصرة
القلب يفكر مع العقل