قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد جواد مغنية
عن الكاتب :
الشيخ محمد جواد مغنية، ولد عام 1322ﻫ في قرية طير دبّا، إحدى قرى جبل عامل في لبنان، درس أوّلاً في مسقط رأسه ثمّ غادر إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته الحوزوية، وحين عاد إلى وطنه، عُيّن قاضيًا شرعيًّا في بيروت، ثمّ مستشارًا للمحكمة الشرعيّة العليا، فرئيسًا لها بالوكالة. من مؤلّفاته: التفسير الكاشف، فقه الإمام الصادق(ع)، في ظلال نهج البلاغة، الفقه على المذاهب الخمسة، علم أصول الفقه في ثوبه الجديد، الإسلام والعقل، معالم الفلسفة الإسلامية، صفحات لوقت الفراغ، في ظلال الصحيفة السجادية، وسوى ذلك الكثير. تُوفّي في التاسع عشر من المحرّم 1400ﻫ في بيروت، ثمّ نُقل إلى النجف الأشرف، وصلّى على جثمانه المرجع الديني السيّد أبو القاسم الخوئي، ودُفن في حجرة 17 بالصحن الحيدري.

أدب النبيّ (ص)

قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[الأعراف : 199، 200].

 

العفو هو الذي يأتي من غير كلفة ومشقة، والعرف المعروف، وهو فعل الخير.

 

[وقد] أدب اللَّه نبيه محمدًا (صلى الله عليه وآله) فأحسن تأديبه، وكان يقول في دعائه: اللهم حسّن خلقي وخلقي، وجنبني منكرات الأخلاق، وقد استجاب اللَّه دعاءه، وأتم له مكارم الأخلاق، ثم أرسله كافة للناس ليتمم لهم مكارم الأخلاق. ومن الآيات التي أدب اللَّه بها رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله) هذه الآية، وقد تضمنت أسسًا ثلاثة في الشريعة والآداب، وهي:

 

1 - العفو، وهو السهل اليسير الذي لا مشقة فيه ولا عسر، ويكون في الأفعال وفي الأخلاق، وهو في الأموال ما زاد عن الحاجة، وقد أمر اللَّه نبيه أن لا يشق على الناس فيما يأمرهم به، وينهاهم عنه، وأن يأخذ زكاة أموالهم فيما زاد عن حاجاتهم، وهذا أصل من أصول الشريعة: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وأن لا يكلفهم الشاق من الأخلاق، كأن يلزم أحدهم أن يتنازل لغريمه عن حقه، ولا يقتص منه لنفسه.

 

2 - الأمر بالعرف، وهو الخير المعروف الواضح يدركه الإنسان بفطرته.

 

3 - وأعرض عن الجاهلين، وهم الذين لا ترجى هدايتهم بالحجة والدليل، ولا بالموعظة والإرشاد.. وقد يكون إهمالهم والإعراض عنهم أجدى في هدايتهم.

 

وقال الشيخ المراغي في تفسير هذه الآية: روي عن جعفر الصادق أنه قال: ليس في القرآن أجمع لمكارم الأخلاق منها.

 

{وإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. النبي يغضب ما في ذلك ريب.. ولكنه يغضب للَّه، حتى غضبه لنفسه هو غضب للَّه..

 

وربما غضب على جهالة جاهل من الذين أمرهم اللَّه بالإعراض عنهم، فتحركه نفسه لمجابهته بكلمة يستحقها، فقال له مؤدبه الأعظم جل ثناؤه: إن صادف وعرضت لك مثل هذه الحال فلا يذهبن الغضب بحلمك فاصبر واستعذ باللَّه، فإنه يسمع لك ويستجيب، ويعلم ما تلاقيه من أهل السفاهة والجهالة، ويثيبك عليه.

 

ولا بد من الإشارة إلى أن قوله تعالى: {وإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ} هو مجرد فرض لمكان أن الشرطية، تمامًا كقوله: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ. وبديهة أن فرض المحال ليس بمحال... وإن للَّه سبحانه أن ينهى أنبياءه المعصومين عن المعصية، لأن نهيه من الأعلى إلى من هو دونه، وليس لأحد غير اللَّه أن يأمرهم أو ينهاهم.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد