السيد موسى الصدر ..
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ / أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ / وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ / تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ / فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾ صدق الله العلي العظيم.
هذه السورة المباركة تتحدث عن واقعة الفيل، وهي واقعة معروفة لدى العرب أجمع، حتى أنهم جعلوها بداية تاريخهم. وفي الآثار الإسلامية أنّ ولادة الرسول الأكرم صادفت هذه السنة أيضاً.
وعلى كل حال، فعلينا أن نتذكر أنّ الخلاف بين الحبشة وبين الجزيرة كان من قديم الزمن جارياً على طرفي البحر الأحمر، فكان في بعض الأحيان حكام الحبشة يسيطرون على الطرف الآخر من البحر الأحمر. وقد يمر بعض الوقت ويصبح التسلط لحكام اليمن على الطرف الآخر من البحر.
في هذه الفترة، كانت الحبشة مسيطرة على اليمن، وكان يحكم اليمن حاكم حبشي يسمى "أبرهة". وحاول "أبرهة" أن ينافس الكعبة، فبنى في اليمن معبداً، وحاول منع العرب من زيارة الكعبة، لأنه كان يدرك أنّ الكعبة رمز وحدة العرب وقوّتهم، ونشاط تجارتهم، وإمكانية تحوّلهم الثقافي. وعندما لم ينجح في منع الناس من زيارة الكعبة حاول أن يهدم الكعبة. فبعث لقريش رسلاً وأكد لهم أنه لا يقصدهم بل إنه يقصد هدم الكعبة. ومع ذلك فإنه وجد في طريقه صعوبات واصطدامات ووقفات من القبائل العربية التي كانت ترى اعتداء صارخاً من حاكم اليمن الأجنبي على كعبتهم وقبلتهم.
واقترب "أبرهة" من مكة، وبدأ جيشه ينهب أموال المكّيين. وفي الجملة نهب عدداً من الإبل لسيد قريش عبد المطلّب، وهو جد الرسول الأعظم (عليه الصلاة والسلام). راجعه عبد المطّلب بخصوص الإبل، ولم يراجعه لمنعه من هدم الكعبة، وعندما سأله "أبرهة" متعجباً، قال: "أنا رب الإبل، وللبيت رب يحميه..".
هذه الثقة الكلية أدخلت الضعف في نفس "أبرهة"، فتردد وحاول أن يعود، ولكن لم يتمكن من العودة بسبب نصيحة أصحابه، وبسبب الخوف على معنوياته وهزيمته في اليمن أخيراً. في هذا الوقت، ورغم وجود الصعوبات في الطريق، حاول أن يدخل فامتنعت بعض الأفيال من الدخول إلى المسجد الحرام، ولكنه أصر على الدخول، فشاهد الناس جميع الناس أعداداً كبيرة من الطير، فئات فئات، التي يسميها القرآن الكريم بالأبابيل، فئة إثر فئة، ومجموعة إثر مجموعة. وكان الطير حاملاً حجارة من سجيل. والسجيل عبارة عن حجارة صغيرة تتكون من تركيب الطين مع الرمال. جاء الطير بصورة مجموعات وطار فوق رأس جيش أبرهة ورمى ما عنده من الأحجار، فقضى على جيش أبرهة.
ومن الطبيعي أننا إذا نظرنا إلى العدد الكبير من الطير، والى الكميات الكبيرة من الأحجار التي تحملها مئات الألوف أو الملايين من الطير، لا نستغرب الحادثة. ولعلنا شاهدنا مرات هجوم الجراد على البساتين والمزارع، فعندما تأتي موجات الجراد بالملايين تقضي على الحرث والنسل والزرع وكل شيء. وهكذا عندما كانت الكميات الكبيرة من الطير، تمر وتحمل أحجاراً صغيرة أو تحمل ما لصق بأقدامها من التراب المختلط بالرمال فترمي هذه المواد بكميات كبيرة على الجيش أو الفيلة، من الطبيعي أن تجعله كعصف مأكول.
وعلى كل حال، فالسورة تنقل صورة واضحة مرّت على تاريخ العرب، وشاهدها الكثير من الناس، وجعلوها بداية تاريخهم، واعتزوا بالحادثة واعتبروها حماية من الله تعالى لكعبتهم، ولقبلتهم ولحماية أرزاقهم ومجدهم وكرامتهم.
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد صنقور
حيدر حب الله
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ علي رضا بناهيان
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
أحمد الرويعي
أحمد الماجد
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
علي النمر
حبيب المعاتيق
زهراء الشوكان
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
شفيق معتوق العبادي
حقوق أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن الكريم (1)
ما جدوى إقامة الشعائر الحسينيّة؟
صريع الدمعة الساكبة
تاريخ المأتم الحسيني في القرون الهجريّة الأولى (3)
لن يجد العالم أنقى من راية الحسين (ع)
مفتاح شخصيّة الحسين بن عليّ (ع)
مراسيم النّزوح للبرزخ
رَجْعٌ على جدار القصر
ما يذكره بعض الخطباء في وداع الأكبر (ع)
تاريخ المأتم الحسيني في القرون الهجريّة الأولى (2)