الشيخ جعفر السبحاني ..
حلف سبحانه بالملائكة في السور الأربع التالية:
1- الصافات.
2- الذاريات.
3- المرسلات.
4- النازعات.
وليس المقسم به هو لفظ الملك أو الملائكة، وإنّما هو الصفات البارزة للملائكة وأفعالها، وإليك الآيات:
1- (والصّافاتِ صَفًّا * فَالزّاجراتِ زَجْرًا * فَالتّالياتِ ذِكرًا *إنَّ إلهَكُمْ لَواحد).(1)
2- (والذّارِياتِ ذَرْوًا * فَالحامِلاتِ وِقْرًا * فَالجارِياتِ يُسرًا * فَالمُقَسِّماتِ أمْرًا * إنَّما تُوعَدُونَ لَصادق * وانَّ الدِّين لواقع)(2).
3- (والْمُرسَلات عُرفًا * فَالعاصِفاتِ عَصْفًا * والنّاشراتِ نَشْرًا * فالفارِقات فَرقًا * فالمُلقِياتِ ذِكرًا * عُذرًا أو نُذرًا * إنّما تُوعَدُونَ لَواقِع)(3).
4- (والنّازِعاتِ غَرْقًا * والنّاشِطاتِ نَشْطًا * والسّابِحاتِ سَبْحًا * فَالسّابِقاتِ سَبْقًا * فَالمُدَبِّراتِ أمْرًا * يَوْمَ تَرجُف الراجِفَة * تَتْبَعُها الرّادِفَة)(4).
وها نحن نبحث عن أقسام سورة الصافات والذاريات في فصلين متتالين ونحيل بحث أقسام سورة المرسلات والنازعات إلى محلها حسب ترتيب السور.
وقبل الخوض في تفسير الآيات نقدم شيئًا من التوحيد في التدبير: إنّ من مراتب التوحيد في الربوبية والتدبير، بمعنى أنّه ليس للعالم مدبّر سواه، يقول سبحانه: (إنَّ رَبّكُمُ اللّهُ الّذِي خَلَق السَّمواتِ والأرضَ في سِتَّةِ أيّامٍ ثُمَّ استَوى عَلى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إلاّ مِنْ بَعْدِ إذْنِهِ ذلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أفَلا تَذَكَّرون)(5).
فصدر الآية يركّز على حصر الخالق في اللّه، كما يركز على أنّه هو المدبّر، وانّه لو كان هناك سبب في العالم "شفيع" فإنّما هو يؤثر بإذنه سبحانه، فاللّه هو الخالق وهو المدبّر، قال سبحانه: (اللّهُ الّذي رَفَعَ السَّمواتِ بِغَيْر عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ يَجرِي لأجَلٍ مُسمّى يُدبِّرُ الأمْرَ يُفصِّلُ الآيات لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُون)(6).
ويظهر من الآيات الكريمة أن ّالعرب في العصر الجاهلي كانوا موحّدين في الخالقية ولكن مشركين في الربوبية والتدبير، وكانوا ينسبون التدبير إلى الآلهة المكذوبة، ولذلك قرر سبحانه في الآيتين كلتا المرتبتين من التوحيد، وأنّه خالق، وأنّه مدبر، غير أنّ معنى التدبير في التوحيد ليس عزل العلل والأسباب المادية والمجردة في تحقّق العالم وتدبيره، بل المراد أنّ للكون مدبرًا قائمًا بالذات متصرفًا كذلك لا يشاركه في التدبير شيء، ولو كان هناك مدبر وحافظ فإنّما هو يدبر بأمره وإذنه، فعندما يُحصر القرآن الكريم التدبير في اللّه يريد التدبير على وجه الاستقلال، أي من يدبّر بنفسه غير معتمد على شيء، وأمّا المثبت لتدبير غيره، فالمراد منه أنّه يدبّر بأمره وإذنه وحوله وقوته على النحو التبعي، فكلّ مدبِّر في الكون فهو مَظْهر أمره ومُنفِّذ إرادته، وقد أوضحنا ذلك في الجزء الأوّل من مفاهيم القرآن.
ويظهر من غير واحد من الآيات أنّ الملائكة من جنوده سبحانه واأّها وسائط بين الخالق والعالم، وأنّهم يقومون ببعض الأعمال في الكون بأمر من اللّه سبحانه، وستتضح لك أعمالهم في إدارة الكون في تفسير هذه الآية.
إنّ للعلاّمة الطباطبائي كلامًا في كون الملائكة وسائط بينه سبحانه وبين الأشياء، حيث يقول: الملائكة وسائط بينه تعالى وبين الأشياء بدءًا وعودًا، على ما يعطيه القرآن الكريم، بمعنى أنّهم أسباب للحوادث فوق المادية في العالم المشهود قبل حلول الموت والانتقال إلى نشأة الآخرة وبعده.
أمّا في العود، أعني: حال ظهور آيات الموت، وقبض الروح، وإجراء السؤال، وثواب القبر وعذابه، وإماتة الكل بنفخ الصور وإحيائهم بذلك، والحشر وإعطاء الكتاب، ووضع الموازين، والحساب، والسوق إلى الجنة والنار، فوساطتهم فيها غني عن البيان، والآيات الدالة على ذلك كثيرة لا حاجة إلى إيرادها، والأخبار المأثورة فيها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) فوق حد الإحصاء.
وكذا وساطتهم في مرحلة التشريع من النزول بالوحي ودفع الشياطين عن المداخلة فيه وتسديد النبي وتأييد المؤمنين وتطهيرهم بالاستغفار.
وأمّا وساطتهم في تدبير الأمور في هذه النشأة فيدل عليها ما في مفتتح هذه السورة من إطلاق قوله: (والنازِعاتِ غَرقًا * والناشِطاتِ نَشطًا * والسّابِحاتِ سَبحًا * فَالسابِقاتِ سَبْقًا * فَالمُدبِّراتِ أمْرًا)(7).
1- الصافات: 1-4
2 - الذاريات: 1-6
3 - المرسلات: 1-7
4 - النازعات: 1-7
5 - يونس: 3
6 - الرعد: 2
7 - الميزان: 20|182- 183
السيد عادل العلوي
حيدر حب الله
الشيخ محمد صنقور
الشيخ مرتضى الباشا
عدنان الحاجي
الشهيد مرتضى مطهري
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ جعفر السبحاني
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
التجّلي الأعظم (سرّ من أسرار رسول الله محمد)
الشخصية المرجعية للنبيّ بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية (1)
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾ مفادها وفيمن نزلت (1)
حقّ كلمة (لا إله إلا الله)
منطقتان في الدّماغ والإجهاد الذّهني
المهام التي زاولها النبي الأعظم (ص) بأمر رباني
ورشة فنّ الكولاج في القطيف، مساحة من أمل لمرضى السّرطان
وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ
وكونوا مع الصادقين
محدودية صلاحية الحمض النووي والبديل في اكتشاف أسرار التاريخ