الشيخ محمد مهدي الآصفي ..
قال تعالى: (وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ).
بين أيدينا هنا ثلاث قضايا، يتلو بعضها بعضاً.
القضية الأولى:
الانقلاب الكوني الشامل الذي يشير إليه القرآن في أكثر من موقع:
يقول تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً).
ويقول تعالى: (وَنُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ).
ويقول تعالى: (وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ).
ويتمّ هذا الانقلاب عندما يتحكّم المستكبرون في حياة الناس ويستضعفون عباد الله، ويسلبون الناس قيمهم وعقولهم وضمائرهم ويشيعون الفساد في حياتهم، وتصل البشرية إلى طريق مسدود، عندئذ تتدخل الإرادة الإلهية، وتحوّل القوة والسلطان من أيدي الظالمين المستكبرين إلى أيدي الصالحين المستضعفين.
وقد تكرر هذا الانقلاب الكوني في التاريخ، ومن ذلك ما حدث في تاريخ بني إسرائيل عندما استكبر فرعون وأفسد في الأرض.
يقول تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدينَ).
وهذه هي الحتمية الأولى، وهي انقلاب القوة من المستكبرين الظالمين إلى المستضعفين الصالحين، وهو انقلاب شامل في القيم، والمواقع، والقوة والسيادة، وهي سُنَّة من سُنن الله الحتمية.
والقضية الثانية:
هي أنّ الذي يقود هذا الانقلاب الكوني الشامل، هو المهدي من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد وردت في ذلك روايات صحيحة بلغت حدّ التواتر.
وهذه هي القضية الثانية التي يقرّرها الحديث النبوي، ويتّفق عليها المسلمون. كما كانت القضية الأولى حكم القرآن الشريف، وليس في هذا شك ولا ذاك.
وقد بلغت أحاديث المهدي عليه السلام حدّاً لا مكان للتشكيك فيه.
أمّا القضية الثالثة:
فهي أنّ المهدي المنتظر عليه السلام الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي عليهم السلام، ولد سنة ٢٥٥ هـ. بسامراء، ثم غيّبه الله تعالى، وهو الذي يرسله الله حيث يشاء لإنقاذ الناس من الظلم، وإزالة الشرك من على وجه الأرض، وتقرير التوحيد وعبودية الإنسان لله، وتحكيم شريعة الله وحدوده في حياة الناس. وهو الذي يقود هذا الانقلاب الكوني الشامل الواسع، في انتقال القوة من الطبقة المترفة المستكبرة الفاسدة إلى الطبقة الصالحة المستضعفة (وَنُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثينَ).
وقد تواترت الرواية عن أهل البيت عليهم السلام بأنّ المهدي المنتظر عليه السلام الذي بشّر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو ابن الحسن العسكري، والثاني عشر من أهل البيت عليهم السلام، وحديثنا يتركّز حول هذه النقطة بالذات.
ومخاطَبنا في هذا البحث أولئك الذين يؤمنون بحجية حديث أهل البيت عليهم السلام، ويبحثون عن أدلة كافية وواضحة وصريحة في الإثبات العلمي لما يدعيه الإمامية من تعيين وتشخيص المهدي المنتظر عليه السلام.
فإنّ الاختلاف بين الشيعة الإمامية وبين سائر الفرق الإسلامية ليس في أصل قضية (المهدوية). فالمسلمون مجمعون _إلاّ من شذّ منهم_ في الإيمان بأنّ الله تعالى قد ادّخر المهدي عليه السلام من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإنقاذ البشرية وللانقلاب الكوني الكبير في حياة الناس... ليس في ذلك شك، والروايات النبوية في ذلك صحيحة ومتواترة، وإنّما الخلاف بين الشيعة الإمامية وغيرهم من المسلمين في التشخيص والتعيين فقط.
فإنّ الشيعة الإمامية يذهبون قولاً واحداً إلى أنّ الإمام المهدي المنتظر عليه السلام هو محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي عليهم السلام المولود سنة ٢٥٥ هـ. وقد غيّبه الله تعالى لحكمة يعرفها، وهو الذي ادّخره الله تعالى لنجاة البشرية، وبشّر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكتب الإلهية من قبل، بينما يذهب الآخرون _أي غير الشيعة_ إلى أنّ المهدي الذي بشّر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يولد بعد، أو أنّه ولد في عهد قريب.
ومن الأدلة التي يستدل بها على إثبات عقيدة الإمامية في تشخيص وتعيين الإمام المهدي المنتظر عليه السلام هي الروايات العامة التي لا تخصّ الإمام عليه السلام، إلاّ أنها تنطبق بصورة قهرية على عقيدة الأمامية في المهدي عليه السلام، ولا نعرف توجيها ولا تفسيرا لها إذا أسقطنا من حسابنا عقيدة الإمامية في هذا الموضوع، وهذه الروايات صحيحة بالتأكيد وبعضها بالغ حد التواتر في المصادر الإمامية، من ناحية رجال السند في مختلف طبقاته، ولا مجال للمناقشة فيها من حيث الإسناد.
والإيمان بصحة هذه الأحاديث يؤدي إلى الإثبات العلمي والقطعي لعقيدة الإمامية في تشخيص وتعيين الإمام المنتظر عليه السلام، وذلك بسبب تطابقها أولًا مع ما هو معروف عند الإمامية ولانتفاء حالة أخرى تصلح أنْ تكون مصداقاً وتفسيراً لهذه الأحاديث ثانياً.
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد جواد البلاغي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد عبد الأعلى السبزواري
محمود حيدر
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الحب في اللّه
العرفان الإسلامي
جمعية العطاء تختتم مشروعها (إشارة وتواصل) بعد 9 أسابيع
الرؤية القرآنية عن الحرب في ضوء النظام التكويني (2)
قول الإماميّة بعدم النّقيصة في القرآن
معنى كون اللَّه سميعًا بصيرًا
الصابئة، بحث تاريخي عقائدي
الاستقامة والارتقاء الروحي
إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا
ماهية الميتايزيقا البَعدية وهويتها*