الشّيخ ناصر مكارم الشّيرازيّ
لفظة «البِرّ» في أصلها اللّغويّ تعني «السّعة»، ولهذا يقال للصحراء «البَرّ» بفتح الباء، ولهذه الجهة أيضاً يُقال للأعمال الصّالحة ذات الآثار الواسعة التي تعمّ الآخرين وتشملهم «البِرّ» بكسر الباء، والفرق بين البِرّ والخير من حيث اللّغة، هو أنّ البِرّ يراد منه النّفع الواصل إلى الآخرين مع القصد إلى ذلك، بينما يُطلق الخير على ما وصل نفعه إلى الآخرين حتّى لو وقع عن سهوٍ من غير قصد.
ماذا يعني «البرّ» في الآية؟
لقد ذهب المُفسّرون في تفسير «البِرّ» في هذه الآية إلى مذاهب شتّى، فمنهم مَن قال:
- إنّ المُراد به هو «الجنّة».
- ومنهم مَن قال: إنّ المُراد هو «الطّاعة والتّقوى».
- ومنهم مَن فسَّره بأنّ معناه «الأجر الجميل».
غير أنّ المُستفاد من موارد استعمال هذه اللّفظة في آيات الكتاب العزيز نفسه هو: أنّ لكلمة «البِرّ» معنًى واسعاً يشمل كلّ أنواع الخير، إيماناً كان أو أعمالاً صالحة، كما أنّ المستفاد من الآية 177 من سورة البقرة، وهي قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾... المستفاد من هذه الآية المباركة هو اعتبار «الإيمان بالله واليوم الآخر، والأنبياء، وإعانة المحتاجين، والصّلاة، والصّيام، والوفاء، والاستقامة في البأساء والضرّاء» جميعها من شُعَب البِرّ ومصاديقه.
وعلى هذا، فإنّ للوصول إلى مراتب الأبرار الحقيقيّين شروطاً عديدة، منها: الإنفاق ممّا يحبّه الإنسان من الأموال، لأنّ الحبّ الواقعيّ لله، والتعلُّق بالقيم الأخلاقيّة والإنسانيّة، إنّما يتّضح ويثبت إذا انتهى المرء إلى مفترق طريقَين، وواجه خيارَيْن لا ثالث لهما، حيث يقع في أحد الجانبَيْن الثروة، أو المنصب، والمكانة المُحبَّبة لديه. وفي الجانب الآخر رِضى الله، والحقيقة، والعواطف الإنسانيّة، وفعل الخير. ويتعيَّن عليه أن يختار أحدهما ويضحِّي بالآخَر، ويتغاضى عنه؛ فإذا غضَّ نظره عن الأوّل لحساب الثاني أثبت صدقَ نيّته، وبرهن على حبِّه، وعلى واقعيّته في ولائه وانتمائه.
وإذا اقتصر - في هذا السّبيل - على إنفاق الحقير القليل، وبَذْل ما لا يحبّه ويهواه، فإنّه يكون بذلك قد بَرْهَنَ على قصوره - في الإيمان والمحبّة والتعلُّق المعنويّ - عن تلك المرتبة السّامية، وأنّه ليس إلّا بنفس الدرجة التي أظهرها في سلوكه وعطائه لا أكثر، وهذا هو المقياس الطبيعيّ والمنطقيّ لتقييم الشخصيّة، ومعرفة مستوى الإيمان لدى الإنسان، ومدى تجذُّره في ضميره.
السيد محمد باقر الصدر
الشهيد مرتضى مطهري
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
محمود حيدر
السيد عادل العلوي
د. سيد جاسم العلوي
السيد محمد باقر الحكيم
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
كشكول الشيخ البهائي
سلامة القرآن من التحريف (1)
المحنة في المفهوم القرآنيّ
مدرسة أهل البيت عليهم السلام في وجه التحريف
مكانة التوكّل في التمهيد للظهور
نعم، أنا مع تمكين المرأة، ولكن...
لماذا يتجنّب النّاس الأعمال التي تتطلّب جهدًا؟
بصدد التنظير لقول عربي مستحدث في نقد الاستغراب (2)
بصدد التنظير لقول عربي مستحدث في نقد الاستغراب (1)
التّعامل مع سلوك الأطفال، محاضرة لآل سعيد في بر سنابس