الشيخ حيدر حب الله
أشيرُ إلى قصّة ذكرها القرآن الكريم ربّما لا يُلتفت إليها كثيراً في هذا المجال، وهي قصّة هارون والسامري، حيث قال تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى قَالَ هُمْ أُولاَءِ عَلَى أَثَرِي وعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا ولٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هٰذَا إِلٰهُكُمْ وإِلٰهُ مُوسَى فَنَسِيَ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً ولاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً ولاَ نَفْعاً ولَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمٰنُ فَاتَّبِعُونِي وأَطِيعُوا أَمْرِي قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ولاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ولَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وانْظُرْ إِلَى إِلٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً﴾ (طه: 83 ـ 97).
لـمّا ذهب النبي موسى (ع) إلى جبل الطور، لميقات ربّه تبارك وتعالى، وترك هارون مكانه، قال له: ﴿وأصلح ولا تتّبع سبيل المفسدين﴾ ثمّ حصل ما حصل في قصة السامري وعبادة العجل، فلمّا رجع النبي موسى (ع) كأنّما اندهش من الحالة حتى أخذ بلحية أخيه هارون وقال:﴿ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي﴾؛ لأنّ موسى (ع)وصّاه بأن يصلح ولا يتّبع سبيل المفسدين، وهنا يجيب هارون: ﴿ يَا ابْنَ أُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ولاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ولَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾.
في هذه القصّة يَعتبر هارون خشية الفرقة بين الأمّة أهمّ من المخالفة الجادّة مع السامري وعبادة العجل، الأمر الذي يوحي لنا بأنّ السكوت والإغماض عن الأخطاء قد تكون ضرورةً حيث تتزاحم مع حفظ الجماعة والأمّة، كما فعل الأئمّة (ع) خلال 250 سنة حفظاً لوحدة المسلمين، فقد نحتاج إلى أن نغضّ الطرف أو نستخدم سياسةً غير مباشرة لمواجهة بعض الانحرافات الموجودة في المجتمع خشية حصول الفرقة بين المسلمين، وهذا ما يعلّمنا إيّاه القرآن الكريم في قصّة بني إسرائيل؛ لأنّ أيّ سياسة مباشرة كانت ستؤدّي إلى تمزّق بني إسرائيل، فبيّن لنا القرآن، كيف أنّ وصيّة موسى (ع) حُفظت فيما فعله هارون، وأنّ ما فعله من عدم التفرّق كان في الحقيقة إصلاحاً وعدم اتّباعٍ لسبيل المفسدين.
ولعلّ هذه القصّة تُفهمنا أنّ الأمّة الموحِّدة إذا صدرت بعض مظاهر الشرك من بعض أبنائها، فإنّ وحدة الأمّة أولى من تمزّقها، لأجل تطهير الشرك العملي الخفيف الذي صدر هنا وهناك، ولعلّ في ذلك ما ينفع في تصحيح مسار وسلوكيّات بعض التيارات السلفيّة المعاصرة في تعاملها مع من تعتبرهم تورّطوا هنا وهناك في سلوكيات شركيّة مع انتمائهم لأمّة التوحيد.
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الصدر
السيد جعفر مرتضى
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد الريشهري
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
اشتقاق لفظة القرآن
القرآن مجد وعظمة ومتانة ووضوح
الفلسفة، أهدافها ومراكزها
الاعتقاد بعقل الآخرين
الإمام الجواد (ع) ومحنة الإمامة
الإمام الجواد (ع) الزعيم والقائد والوصي
إمامة الجواد عليه السلام ظاهرة وإعجاز
مواقف تجاه إمامة الجواد عليه السلام
كيف ينشأ العلم الإجمالي؟
موجز عن تاريخ الشيعة الاثني عشرية