
الشيخ حسين كوراني
... يجدر الوقوف على عتبة نماذج من الغيب أكد عليها القرآن الكريم، وهي بمعزل عن الدليل على صدقها من أوضح مصاديق الخرافة، إلا أن هذا الدليل اليقيني يمنحنا العقلانية في تقويمها والموقف السليم منها. ما قصة قتيل عاد إلى الحياة، عندما ضرب ببعض لحم بقرة؟ وما قصة هدهد قام بمهمة أمنية حساسة جداً ونوعية، وتصرف بكامل الخبرة والوعي والبصيرة؟ وما قصة نملة تمتلك من الوعي السياسي، المستند إلى رؤية في الحاكم والمحكوم، تقوم على إدراك سنن التاريخ؟ وما قصة ألوف ماتوا ثم عادوا كما يرجع المسافر؟ وما قصة ذلك الذي نظر إلى العظام تنشز، ورجع من دار الموت فوجد ابنه أكبر منه؟ وقبل ذلك وبعده ومعه: ما قصة خلق عيسى عليه السلام، بل ما هي قصة خلق آدم عليه السلام؟ وما هي قصة خلق عيسى للطير من الطين؟ وتلك الطيور التي خاطبها إبراهيم فلبّت بعد تفرق الأوصال، حتى كان على رأس كل جبل منها مِزْقة؟ بل ما هي قصة الوحي للنبيين؟ وشق القمر؟ والسائل بعذاب واقع؟ وصولاً إلى الأسئلة المتوالدة دوماً عن كل غريب حد الخرافة غدا من البديهيات:
أ - يتكلم من في المشرق فيسمعه من في المغرب؟
ب - بلى ويراه، ويتجاذبان أطراف الحديث لا يفصل بينهما إلا ما طوي من المسافات كطي البساط.
ت- وما هذا الطيران في الهواء عبر صندوق كبير متميز يسمى الطائرة، أو السفينة التي تمخر العباب إلى المريخ؟
أليس هذا كله قبل تحققه حديث خرافة؟ وهل هو بعد تحققه إلا عين العقل؟ فالفارق إذاً هو الدليل على إمكانية التحقق. هذا هو حكم العقل ومقتضاه، وما عداه الخرافة والجنون. وبين هدي العقل، والانسياق للعمى الغرائزي بادعاء العقلانية، توزعت مسيرة البشرية على وجه الأرض. ولئن كان من فنون الجنون أن يحسب المجنون أنه سيد العقلاء، فليس من مقتضيات العقل أن يتهم العاقل نفسه بالجنون. وما من حرب على وجه البسيطة بلغت شراسة الحرب على الغيب وصميمه العقل، لا من حيث طول الأمد، ولا من حيث فتك الأسلحة، أو كثرة الضحايا. ولا عجب، فتلك خلاصة فلسفة الوجود. وكما هو التلازم أبدي، بين العبادة والمعرفة، كذلك هو التلازم بين الحقيقة وتنقيتها من رواسب الهوى والشوائب.
* موقع المغيبات من عملية البناء الثقافي:
كما هو العطر من مسارب الروح، يسري فيملأ المسام جرعة حياة وبهجة مَحيا ومُحيا، كذلك هو تنسم الروح شذا جرعة غيب تحمله ومضة، أو حادثة، أو قصة، محورها الغيب. وكما هي مراتب العطر شديدة التفاوت حتى ليدخل فيها الكثير الكثير مما لا يستحق تضوع الاسم، كذلك هو ما يجري الحديث عنه باسم الغيب. وإذا كان بوسع الشعر الرديء على كثرته الكاثرة، أن يحجب عن عيون الشعر، وعن القصائد العصماء، فيلغي من ديوان الفرادة باب الشعر بما يمثله من سمو نبض ورهافة حس، واستقامة وجدان ومشاعر، فسيكون للمغيبات المدعاة الرديئة أن تلغي فرادة الغيب.
لا يمكن إدراك موقع المغيبات من عملية البناء الثقافي بمعزل عن إدراك دلالات أن الغيب عصب الإيمان كما مرت الإشارة، حيث يتبدى بامتياز أن موقع المغيبات الجرعة، من البناء الثقافي والفكري، موقع ما ينمي العصب أو يشده، أو يرممه. ويعني ما تقدم، أن نستوضح موقع الغيب من البناء الثقافي والفكري من خلال معرفة موقع العقل من ذلك. عندما نعمل الحواس ونفعّل عملها بالتجربة، فإنه لا يمكننا الوصول إلى قناعة يقينية، إلا بعد أن نخضع حصيلة التجربة وإعمال الحواس لقواعد عقلية لا يخضع شيء منها لمديات الحواس، أو لعالم التجربة، بل هي قواعد ينتجها العقل الذي هو غيب في عالم لا تمكن مشاهدته فهو بالتالي غيب. وهذا العالم الذي يتم فيه إنتاج ما يتحكم بعوالم الشهادة هو أدنى الغيب للإنسان عموماً، وهو على مراتب يقتصر الوصول إلى بعضها على نوعية خاصة من القدرة المعرفية والعقلية.
ولا يشكل هذا الاقتصار خللاً في العقلانية، يسوّغ الإتهام بالخرافة. كل ما يريد الإيمان بالغيب أن يقوله لنا إن المراتب الأعلى تخصصية يشتد اقتصارها على نوعية أشد خصوصية لا تنطلق إلا من القواعد العقلية ولا تستضيء إلا بنورها، فتدرك ما تحمله إلى الناس باعتباره ثمرة العقل الخالص من شوائب التلبيس. هذه النوعية من الناس الأشد خصوصية في المعرفة والقدرة العقلية هي "المعصومون". وهذه الثمرة التي يقدمونها إلى الناس هي "الدين". وحيث إن ذلك كله يرتكز إلى أساس عقلي محض، ولكنه بالغ التخصصية، فمن الطبيعي أن يكون المدخل إلى قبوله هو الإيمان بالغيب.
ومن هنا كان دور "المغيبات" استراتيجياً في شد بنية العقل ليمكنه التعامل مع ما دقّ فهمه واستغلقت مقدماته. وكما يستحكم الشلل لانعدام تعاهد العصب بالرعاية، وصولاً إلى تراكم الإهمال، فالإتلاف كذلك يستحكم الشلل الثقافي بالبعد عن ملامسة المغيبات لأوتار حركة العقل والقلب والمشاعر. بمقدار ما يغذي التفاعل مع الواقعِ الواقعيةَ وتشدّ عُرى العقل العقلانيّة، تغذي المغيبات الإيمان وعصبه، وهل الإيمان إلا واقعية وعقلانية، والإيمان بالغيب هو المفتاح؟
أمثلة من النعم المعنوية والباطنية في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
باسم الله دائمًا وأبدًا
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تستسلم وحقّق أهدافك
عبدالعزيز آل زايد
مؤقّتات خفيّة في الدماغ تتحكّم في الاحتفاظ بالذّاكرة أو نسيانها
عدنان الحاجي
أيّ نوع من المربّين أنت؟
السيد عباس نور الدين
كيف تعامل أمير المؤمنين (ع) مع التاريخ في مجال تعليمه السياسي؟ (3)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
معنى (هنأ) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
المنّ يزيل الأجر
الشيخ محمد مصباح يزدي
الحداثة الفائضة في غربتها الأخلاقية
محمود حيدر
أريد أن يكون ولدي مصلّيًا، ماذا أصنع؟
الشيخ علي رضا بناهيان
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
أمثلة من النعم المعنوية والباطنية في القرآن الكريم
باسم الله دائمًا وأبدًا
اختبار غير جراحي للكشف عن الخلايا السرطانية وتحديد موقعها
أمسية أدبيّة لغويّة بعنوان: جمال التراكيب البلاغية، رحلة في أسرار اللغة
لا تستسلم وحقّق أهدافك
مؤقّتات خفيّة في الدماغ تتحكّم في الاحتفاظ بالذّاكرة أو نسيانها
أيّ نوع من المربّين أنت؟
كيف تعامل أمير المؤمنين (ع) مع التاريخ في مجال تعليمه السياسي؟ (3)
معنى (هنأ) في القرآن الكريم
{وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ}