الشيخ جعفر السبحاني
قال سبحانه: (( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنّا وَإِذَا خَلَوْا إِلى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُون * اللهُ يَسْتَهْزِئ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ في طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُون * أُولئِكَ الَّذينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدَى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدين * مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِى اسْتَوقَدَ نَاراً فَلَمّا أَضَاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ في ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ * صُمّ بُكمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُون ((
تفسير الآيات:
الوقود ـ بفتح الواو ـ الحطب، استوقد ناراً، أو أوقد ناراً، كما يقال: استجاب بمعنى أجاب.
افتتح كلامه سبحانه في سورة البقرة بشرح حال طوائف ثلاث:
الأولى: المؤمنون، واقتصر فيهم على آيتين.
الثانية: الكافرون، واقتصر فيهم على آية واحدة.
الثالثة: المنافقون، وذكر أحوالهم وسماتهم ضمن اثنتي عشرة آية. 1 ـ البقرة: 14ـ 18.
وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على أنّ النفاق بؤرة الخطر، وإنّهم يشكّلون خطورة جسيمة على المجتمع الإسلامي. وقد مثّل بمثلين يوقفنا على طبيعة نواياهم الخبيثة وما يبطنون من الكفر.
بدأ كلامه سبحانه في حقّهم بأنّ المنافقين هم الذين يبطنون الكفر، ويتظاهرون بالإيمان ( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا وَإِذا خَلَوا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُون).
ثمّ إنّه سبحانه يردّ عليهم، بقوله: (اللهُ يَسْتَهْزِئ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ في طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُون) والمراد أنّه سبحانه يجازيهم على استهزائهم.
ثمّ وصفهم بقوله: (أُولئِكَ الَّذينَ اشْتَرَوا الضَّلالَةَ بِالهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدين)، أي أخذوا الضلالة وتركوا الهدى، واستبدلوا الكفر بالإيمان، فلم يكونوا رابحين في هذه التجارة والاستبدال، ثمّ وصفهم بالتمثيل الآتي:
نفترض أنّ أحداً، ضلّ في البيداء وسط ظلام دامس وأراد أن يقطع طريقه دون أن يتخبّط فيه، ولا يمكن أن يهتدي ـ والحال هذه ـ إلاّ بإيقاد النار ليمشي على ضوئها ونورها ويتجنب المزالق الخطيرة، وما أن أوقد النار حتى باغتته ريح عاصفة أطفأت ما أوقده، فعاد إلى حيرته الأولى. فحال المنافقين كحال هذا الرجل حيث إنّهم آمنوا بادئ الأمر واستناروا بنور الإيمان ومشوا في ضوئه، لكنّهم استبدلوا الإيمان بالكفر فعمَّهم ظلام الكفر لا يهتدون سبيلاً.
هذا على القول بأنّ المنافقين كانوا مؤمنين ثمّ عدلوا إلى الكفر، وأمّا على القول بعدم إيمانهم منذ البداية، فالنار التي استوقدوها ترجع إلى نور الفطرة الذي كان يهديهم إلى طريق الحق، ولكنّهم أخمدوا نورها بكفرهم بآيات الله تبارك وتعالى.
والحاصل: أنّ حال هؤَلاء المنافقين لمّا أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر كحال من ضلَّ في طريقه وسط الظلام في مكان حافل بالأخطار، فأوقد ناراً لإنارة طريقه، فإذا بريح عاصفة أطفأت النار، وتركته في ظلمات لا يهتدي إلى سبيل.
وهذا التمثيل الذي برع القرآن الكريم في تصويره يعكس حال المنافقين في عصر الرسالة، ومقتضى التمثيل أن يهتدي المنافقون بنور الهداية فترة من الزمن ثمّ ينطفئ نورها بإذن الله سبحانه، وبالتالي يكونوا صمّاً بكماً عمياً لا يهتدون، فالنار التي اهتدى بها المنافقون عبارة عن نور القرآن، وسنّة الرسول، حيث كانوا يتشرّفون بحضرة الرسول ويستمعون إلى كلامه، وحججه في بيانه، ودلائله في إرشاده وتلاوته لكتاب الله ، فهم بذلك كمن استوقد ناراً للهداية، فلمّـا أضاءت لهم مناهج الرشد ومعالم الحقّ، تمرّدوا على الله بنفاقهم، فخرجوا عن كونهم أهلاً للتوفيق والتسديد، فأوكلهم الله سبحانه إلى أنفسهم الأمّارة وأهوائهم الخبيثة، وعمّتهم ظلمات الضلال بسوء اختيارهم.
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ علي رضا بناهيان
محمود حيدر
السيد عادل العلوي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ شفيق جرادي
عدنان الحاجي
السيد عباس نور الدين
السيد محمد حسين الطهراني
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ!!
معنى (عرى) في القرآن الكريم
ماذا نصنع مع الوقت الفائت؟ أيمكن تدارك الماضي؟
العبكري توقّع باكورة أعمالها القصصيّة (رفيق بلا ملامح)
(كيمياء الذات) جديد الدكتور تركي مكي العجيان
(قصر الملك يوهان) رواية جديدة للكاتبة شهد هاني
أوكسجين داكن غامض يذهل العلماء
وحيانيّة الفلسفة في الحكمة المتعالية (7)
مفتاح العبادة والسعادة
اهتمام العاصين بأنفسهم ونسيانهم لها