
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
قال تعالى : {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } [فاطر : 13 ، 14] .
بسبب إحساس العقائد المادية والشيوعية بالخطر من المذاهب السماوية الحقّة ، فهي تدعوها بـ (أفيون الشعوب) أي أنّها عامل تخدير لأفكار الجماهير!! وقد سعى المستعمرون في الغرب والشرق إلى تلقين مثل هذا الرأي عن طريق علماء الاجتماع وعلماء النفس ، وذلك لتضليل الجماهير وإبعادها عن فطرتها ، والذي دفعهم إلى هذا هو خوفهم وحذرهم من نهضة الشعوب المؤمنة المسلّحة بالأفكار الدينية السماوية ، ومن استقبالها الشهادة في سبيل الله بصدور رحبة!.. والأنكى من ذلك أنّهم أوعزوا منشأ الدين لجهل البشر بالعوامل الطبيعيّة.
والجواب على مثل الكلام مرّ في محلّه ، ولسنا هنا في معرض سرد الردود جميعاً ، ولكن الآيات التي نحن بصددها تدعو الإنسان إلى التفكّر والتدبّر ، واعتبرت طريق التفكّر هو الأساس لتطور وتكامل البشرية.
كيف يمكن أن يكون الإسلام داعية لتخدير أفكار الناس ، أو أنّه نشأ بفعل جهل البشر بالعوامل الطبيعيّة ، ويدعو الناس إلى النهضة والتفكّر والعيش بصفاء في محيط بعيد عن الضوضاء والضجيج الإعلامي المسموم ، بعيداً عن التعصّب والعناد؟! هل يمكن إتّهام الدين الذي يدعو الناس لمثل هذه الأفكار بكونه أفيون الشعب ، أو عامل تخدير لها؟!
ويمكن هنا القول : إنّ على الإنسان أن لا يفكّر لوحده وبشكل انفرادي ، بل عليه مشاورة الآخرين وأن تتعاضد آراؤه معهم ، لسماع دعوة الأنبياء الصادقة ، ومطالعة الدلائل والآيات التي جاؤوا بها .. عند ذلك يمكن للإنسان الإذعان للحقّ.
إنّ الأحداث التي مرّت في عصرنا الحالي سيّما نهضة المسلمين الثوريين في مختلف البلدان الإسلامية بوجه القوى الكبرى وعملائها في الشرق والغرب ، والتي جعلت الدنيا ظلاماً دامساً في وجوههم ، وهزّت كياناتهم ، تشير جميعاً إلى أنّ الخطر الكبير الذي يتهدّد هذه القوى هو العقائد الدينية الأصيلة ، ومن هنا يفهم هدف الاتّهامات الموجّهة ضدّ العقائد الدينية.
وممّا يثير العجب والغرابة أنّ علماء الاجتماع في الغرب قالوا بعدم وجود عالم ما وراء الطبيعة ، واعتبروا الدين ظاهرة من صنع البشر ، كما قالوا بوجود عوامل مختلفة لنشوء الدين ، كالعامل الاقتصادي ، وخوف الإنسان ، وعدم اطّلاعه ، والعقد النفسية ... الخ!!
كما أنّهم غير مستعدّين للتفكّر ولو للحظة واحدة بعالم ما وراء الطبيعة وبالدلائل المدهشة والواضحة لتوحيد الخالق جلّ وعلا ، والعلامات الصريحة لنبوّة الأنبياء كنبيّنا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم). وغير مستعدّين أيضاً للتنصّل عن أحكامهم التي أثبتت فشلها.
لا يمكن أن نماثل بين هؤلاء وبين مشركي عصر الجاهلية بالتعصّب والعناد وعدم الاطّلاع ، نعم ، هؤلاء متعصّبون ومعاندون ولكنّهم مطّلعون ، ولهذا فهم أكثر خطراً وضلالةً من مشركي عصر الجاهلية.
وممّا يجدر ذكره أنّ ذيل أكثر الآيات القرآنية يدعو الإنسان إلى التفكّر والتعقّل والتذكّر : فأحياناً تقول : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل : 11] واُخرى تقول : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرعد : 3] وثالثة تقول : {لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف : 176] ، وأحياناً تطرح الآيات القرآنية نفس المفهوم وجهاً لوجه {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } [البقرة : 219] وقد ورد في القرآن الكريم الكثير من هذا القبيل ، منه الدعوة إلى الفقه ـ أي الفهم ـ والدعوة إلى العقل والتعقّل ، ومدح الناس المتعقّلين ، والندم الشديد لاُولئك المتعصّبين ، وقد جاء ذلك في (46) آية من آيات القرآن المجيد ، وقد قال الكثير من العلماء : إنّنا لو أردنا جمع هذه الآيات وتفسيرها لاحتجنا إلى كتاب مستقل.
وفي هذا المجال ذكر القرآن الكريم أنّ أحد صفات أهل النار هو عدم التفكّر والتعقّل كقوله تعالى : {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك : 10] ومنه قوله تعالى : {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف : 179] .
معنى (نضد) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
الكلمات في القرآن الكريم
الشيخ جعفر السبحاني
الصورة والفاعلية التواصلية
أثير السادة
لمحات من عالم البرزخ
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
بماذا كان يدين النّبيّ (ص) قبل البعثة؟
السيد جعفر مرتضى
حياتنـا كما يرسمها الدين
السيد علي عباس الموسوي
اتجاهات التفسير في المكي والمدني
الشيخ محمد علي التسخيري
الألفاظ الدالة على الأصوات في القرآن الكريم
الدكتور محمد حسين علي الصغير
كيف تنمو دوافع الخير والكمال في أبنائنا؟
السيد عباس نور الدين
ضرر قاعدة مناقشة الخلافات الزوجية والطرفان غاضبان أكثر من نفعها!
عدنان الحاجي
السيّدة المعصومة: ملتقى الجمال والجلال
حسين حسن آل جامع
على غالق
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (نضد) في القرآن الكريم
الكلمات في القرآن الكريم
الصورة والفاعلية التواصلية
لمحات من عالم البرزخ
ثلاثة كتب جديدة للدكتور علي الدرورة
(أفياء شعريّة) أمسية لفاضل الجابر في نادي صوت المجاز الأدبيّ
بماذا كان يدين النّبيّ (ص) قبل البعثة؟
حياتنـا كما يرسمها الدين
اتجاهات التفسير في المكي والمدني
الألفاظ الدالة على الأصوات في القرآن الكريم