﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)﴾ (الشمس 7 – 15)
(ونَفْسٍ وما سَوَّاها) أي وتسويتها، والنفس شيء يكون به الإنسان إنسانًا، والحيوان حيوانًا، ولا نعرف هذا الشيء بحقيقته بل بآثاره كالنمو والحركة والسمع والبصر والشعور بالألم في الإنسان والحيوان، وكعلم الإنسان بالكليات.
والمراد بالنفس هنا نفس الإنسان فقط لقوله تعالى: (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها) فإن الفجور والتقوى من صفات الإنسان لا الحيوان، وعليه يكون معنى تسوية نفس الإنسان أن اللَّه سبحانه خلق فيها الاستعداد التام لعمل الخير والشر معًا بحيث تكون قدرته على أحدهما مساوية لقدرته على الآخر، ثم نهاه عن الشر، وأمره بالخير، والذي يدلنا على إرادة هذا المعنى قوله تعالى: «إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وإِمَّا كَفُوراً» - (3 الإنسان). وإنما خلق سبحانه في نفس الإنسان الاستعداد للفجور والتقوى معا لأن الإنسان انما يكون إنسانًا بحريته وإرادته، وبقدرته على الحسن والقبيح، ولو قدر على أحدهما دون الآخر لكان كريشة في مهب الريح لا يستحق مدحًا ولا ذمًّا، ولا ثوابًا ولا عقابًا على ما يفعل ويترك.
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها). هذا جواب القسم، والفلاح الفوز، والزكاة الطهارة، والخيبة الخسران، والتدسية النقص.. بعد أن أقسم سبحانه بالضياء والظلمة والكواكب وبنائها، والأرض وتمهيدها، والنفس واستعدادها بعد هذا قال: من اختار الخير على الشر وطهر نفسه من دنس الآثام فهو الفائز الرابح، ومن اختار الشر على الخير ولوث نفسه بالذنوب والقبائح فهو الخائب الخاسر.
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها). مفعول كذبت محذوف أي كذبت ثمود نبيها صالحًا، وثمود اسم قبيلة، ولا ينصرف للتأنيث والتعريف، وطغوى مصدر بمعنى الطغيان (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها). انبعث أي أسرع إلى عقر الناقة، وهذا الأشقى يضرب المثل بشقائه منذ آلاف السنين (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وسُقْياها).
رسول اللَّه هو صالح، وناقة اللَّه ناقته التي جعلت معجزة له، وسقياها إشارة إلى ما جاء في الآية 155 وما بعدها من سورة الشعراء: «قالَ» - صالح لقومه - «هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ ولَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ولا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ» (ج 5 ص 511).
(فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها). قال سبحانه عقروها مع أن العاقر واحد لأنهم رضوا عن فعله، بل حرضوه عليه كما في الآية 29 من سورة القمر «فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ». ودمدم عليهم أي أطبق عليهم العذاب. فسواها أي دمر مساكنها على أهلها أجمعين ولم يفلت منهم كبير ولا صغير «واتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً» - (25 الأنفال). وتقدم الكلام عن ثمود ونبيهم صالح مرات، آخرها في الآية 9 من سورة الفجر.
(ولا يَخافُ عُقْباها). قال أكثر المفسرين: الضمير المستتر في يخاف يعود إليه تعالى أي أن اللَّه سبحانه أهلك ثمود ولا يخاف عاقبة إهلاكهم، وقال البعض: يعود الضمير إلى أشقاها، وفي الكلام تقديم وتأخير، والتقدير «إذا انبعث أشقاها ولا يخاف عقباها» فقال لهم رسول اللَّه الخ. ويجوز أن يعود الضمير إليه تعالى على معنى أن اللَّه سبحانه لا معارض له ولا منازع في أمره «قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ» - (154 آل عمران).
محمود حيدر
السيد عادل العلوي
د. سيد جاسم العلوي
الشهيد مرتضى مطهري
السيد عباس نور الدين
السيد محمد باقر الحكيم
عدنان الحاجي
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
بصدد التنظير لقول عربي مستحدث في نقد الاستغراب (1)
التّعامل مع سلوك الأطفال، محاضرة لآل سعيد في بر سنابس
القلب المنيب في القرآن
ماذا يحدث للأرض لحظة اختفاء الشمس؟ الجاذبية بين رؤيتين
{وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}
لماذا نحتاج إلى التّواصل الفعّال مع الله؟
أطفال في يوم الفنّ العالمي يزورون مرسم الفنّان الضّامن
ملتقى الأحباب، جمعيّات القطيف تتكاتف لخدمة الأيتام
تجربتي في إدارة سلوكيات الأطفال، كتاب للأستاذ حسين آل عبّاس
الفروق الحقيقيّة بين المكي والمدني