قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد حسين الطهراني
عن الكاتب :
عُرف بين الناس باسم العلامة الطهراني، عارف وفيلسوف، ومؤلف موسوعي، من مؤلفاته: دورة المعارف، ودورة العلوم، توفي عن عمر يناهز الواحد والسبعين من العمر، سنة 1416 هـ.

القرآن مجد وعظمة ومتانة ووضوح

تصف كثير من الآيات القرآنيّة القرآن بأنه كتاب مبين له نور وجلاله ومجد وعظمة وحكمة، كما في الآيات التالية: (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ). «1» (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ). «2» (يس ، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ). «3» (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ، فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ). «4» (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ). «5» (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ). «6» (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ). «7»

 

ومضافاً إليه هذه الآيات ونظائرها الدالّة على أصالة وثبات وحقّانيّة القرآن وامتناع ورود الباطل والتردّد فيه، فهناك آيات أخرى في هذا الكتاب العزيز إمّا أن تسند تنزيل القرآن إلى الله مباشرة، كآية (الرَّحْمنُ ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ). «8» وآية (حم ، تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ). «9» أو بواسطة الوحي منه، كآية (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ). «10»

 

أو تعدّه بواسطة وحي الروح، والروح الأمين، وروح القدس، وجبرائيل، كآية (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً «11» مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ). «12»

 

(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ، بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ). «13» (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا). «14» (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ). «15» أو أنه كان يوحي بواسطة أعوان جبرائيل ومساعديه، وكانت آيات القرآن تنزل في ألواح أو شبه ألواح بأيدي ملائكة الوحي وسفراء الحقّ تعالى، وهم ملائكة كرام بررة. (كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ ، فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ، فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ، مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ، كِرامٍ بَرَرَةٍ). «16»

 

ويبدو من هذه الآيات أن الآيات القرآنيّة كانت تنزل أحياناً بشكل وحي مباشر من الله تعالى إلى الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم وأحياناً بواسطة روح أعظم من الملائكة، وتنزل تارة بواسطة جبرائيل وهو أعظم ملائكة السماء، وتارة أخرى بواسطة ملائكة الوحي الكثيرين العاملين تحت إمرة جبرائيل.

 

وباعتبار تحديد الآية القرآنيّة المباركة كلام الله سبحانه مع البشر بالوحي، أو من وراء حجاب، أو بإرسال رسول، وحصرها ذلك بهذه الأقسام الثلاثة، فيمكن بالتأكيد استنتاج أنّ جميع هذه الأقسام لنزول الآيات من قبل الله، والروح وجبرائيل، ومساعديه من الملائكة، لم تكن كلّها من قبيل الوحي.

 

(وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ، وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) «17».... فهذه الآية تعلن بصراحة تامّة أنّ وحي الله غير نزول جبرائيل وإرسال رسالة، لأنّ: أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا الشامل لنزول جبرائيل، و . سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ وسائر مساعديه جُعل قسيماً مع . إِلَّا وَحْياً.

 

لذا فإنّ التكلم مع البشر سوف لن يتعدّى هذه الطرق الثلاثة، ومن المسلّم أنه بالنسبة إلى رسول الله لم يكن مِنْ وَراءِ حِجابٍ، فينبغي أن يكون إمّا وحياً أو بواسطة جبرائيل وملائكته، وعلى هذا فإنّ من المؤكّد أن يكون كلام الله وحياً غير كلامه بإرسال جبرائيل والملائكة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1 ) - الآية 1 ، من السورة 50 . ق .

( 2 ) - الآيتان 21 و 22 ، من السورة 85 . البروج .

( 3 ) - الآيتان 1 و 2 ، من السورة 36 . يس .

( 4 ) - الآيتان 77 و 78 ، من السورة 56 . الواقعة .

( 5 ) - الآية 1 ، من السورة 15 . الحجر .

( 6 ) - الآية 92 ، من السورة 6 . الأنعام .

( 7 ) - الآية 155 ، من السورة 6 . الأنعام .

( 8 ) - الآيتان 1 و 2 ، من السورة 55 . الرحمن .

( 9 ) - الآيتان 1 و 2 ، من السورة 45 . الجاثية ؛ والآيتان 1 و 2 ، من السورة 46 . الأحقاف .

( 10 ) - الآية 3 ، من السورة 12 . يوسف .

( 11 ) - الروح هو أحد الموجودات ، وهو أفضل وأشرف من جميع الملائكة وبضمنها جبرائيل . ويستفاد من الروايات أنّ نزول جبرائيل وتبليغه الوحي بمساعدة الروح ومعيّته ، ويستفاد من آية « تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم » أنّ الملائكة جمع والروح واحد ، وهو غير الملائكة ، لأنّه عُدّ قسيماً لها ، ويُقال لنفس الإنسان الناطقة روحاً ، لإمكان تكاملها وترقيّها وبلوغها مرتبة الروح ، وإلّا فإنّ النفس بذاتها ليست روحاً .

( 12 ) - الآيتان 52 و 53 ، من السورة 42 . الشورى .

( 13 ) - الآيات 193 إلى 195 ، من السورة 26 . الشعراء .

( 14 ) - الآية 102 ، من السورة 16 . النحل .

( 15 ) - الآية 97 ، من السورة 2 . البقرة .

( 16 ) - الآيات 11 إلى 16 ، من السورة 80 . عبس . يقول أحمد أمين المصريّ في كتابه « يوم الإسلام » ص 42 و 43 ( الذي ألّفه سنة 1952 م ) . وهذا الوحي أنواع ، بعضه لا تختصّ به الرسل ، بل ولا الإنسان ، بل إنّ الحيوانات تعمل بغرائزها بوحي من الله ، كما قال تعالى .

وَأوْحَى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ .

وكلّ خطرات نفس الإنسان والإيعاز إليه بعمل الخير إيحاءً من الله . أمّا الرسل فلهم شأن أرقى من هذا ، بأن يرسل الله ملكاً كجبريل يحمل رسالته إلى النبيّ بآية قرآنيّة أو بحديث قدسيّ . وقد حدّث النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم نفسه عن هذا ، فقال إنّه كان يأتيه أحياناً على شكل إنسان كدِحية الكلبيّ ، وأحياناً يأتي على شكل صلصلة جرس فيفصم عرقاً في اليوم الشديد البرد ، ثمّ ينفصل عنه وقد وعى عنه ما يقول .

على كلّ حال ، إنّ تعاليم القرآن ليست من عند محمّد ، وإنّما هي من عند الله بواسطة ذلك الوحي . وأسلوب القرآن نفسه دالّ على ذلك ، مثل . قُلْ أعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ . قُلْ أعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ . وَقُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ . وَإنَّا أنزَلْنَهُ قُرْءآنًا عَرَبِيًا . وقُلْ أوحِي إلى أنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ ، وهكذا من الأساليب التي تدلّ على أنّه كان النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يتّصل بالملأ الأعلى بشكل لا نعرفه ، ويتلقّي العلم عن الله بشكل لا نعرفه أيضاً .

( 17 ) - الآيتان 51 و 52 ، من السورة 42 . الشورى .

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد