
الإمام الخامنئي "دام ظلّه"
﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [ المجادلة: 22]
يقول تعالى عن هؤلاء المؤمنين الذين يُبعدون عنهم الكفار، وإن كانوا إخوانهم أو آباءهم وأمثال ذلك: ﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ﴾ أيّ إنّ الإيمان ترسّخ وتجذّر في أرواحهم. وهذا هو ثواب الإنسان الذي أقصى عنه الكافر الذي تجمعه به صلة رحم ووشائج قُربى. ﴿وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ﴾ ضمير الغائب في "مِنهُ" يمكن أن يعود إليه تعالى - أي يعود إلى فاعل الفعلين "أَيَّدَهُم" و"كَتَبَ" - بمعنى أنّ روحًا من قِبَل الله ومن جهته تُؤيِّدهم، ويمكن كذلك أن يرجع هذا الضمير إلى الإيمان، بحيث تصبح جملة "وَأَيَّدَهُم بِروحٍ مِنه" بمعنى أنّه تعالى أيّدهم بروح من الإيمان وبروح إيمانية.
وهي ليست تلك الروح التي يحيا بها الإنسان من حيث الظاهر، بل هي شيءٌ آخر، إنّها قوة في الإنسان. فالروح التي في الإنسان هي منشأ الحياة ومنشأ كونه حيًّا ومنشأ القدرة والسمع والبصر والنطق والتصرّف بالأشياء، فإذا أقدم الإنسان على هذه الحركة العظيمة والصلبة في سبيل الله، أيّ إقصاء القريب الكافر، فإنّ الله تعالى يهبه روحًا، أي منشأً لقدرةٍ جديدة ولسمعٍ وبصرٍ جديدين، ويعطيه منشأً لنحوٍ جديدٍ من القدرة والتصرّف في الأشياء.
في كتاب "كشف المحجوب في سيرة أرباب القلوب" روايةٌ عظيمة هي أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان يُخبر أصحابه عن الأقوام الذين سيأتون في المستقبل وعن نُعوتهم وأوصافهم، ومن ضمنها أنّهم "يتحابّون بروحِ الله" وببركة روح الله.
﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ إنّ رضى الله تعالى بحدّ ذاته من أعظم الدرجات، يقول تعالى: ﴿وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ﴾ (1) فرضى الله تعالى عن الإنسان هو أعظم مقام يمكن للعبد أن يناله. إنّ سعي المؤمن وأعماله وحركاته كلّها من أجل أن يرضى عنه الله، وإلّا فلو قيل لكم إنّ الله تعالى يعطيكم الجنّة - التي سمعتم عنها - لكنه يبغضكم، فهل ستحبّونها؟ ثمّة من يقول: إنّ عبادة أكثر الناس هي من أجل الجنة لا من أجل الله تعالى، وأنا أقول: صحيحٌ إنّها من أجل الجنّة، لكنّ هؤلاء الناس يرون ما وراء الجنة، يرون الله، ويريدونها من أجله تعالى. هذه هي حال المؤمن، فالشابّ الذي يمشي على الألغام في جبهات القتال أو يقول أريد أن أقف في وجه هذه الكثافة النارية التي تأتي من جهة العدو والتي سيُقتل فيها الإنسان ولا بدّ، فإنّه يقول: "أنا ماضٍ لأدخل الجنة"، فهل تلك الجنان وذاك الجانب المادي منها هما بُغيته؟ بل إنّ بُغيته الله، فهو يقول: لقد قال لي الله "افعل" وأنا أريد أن أفعل لأجله تعالى، وأريد أن أمضي وأضحّي بنفسي من أجل الله. إذًا، فرضى الله تعالى أسمى مقصود، وهو غاية الآمال التي يهتم لها المؤمن في حياته.
﴿وَرَضُواْ عَنْهُ﴾ أيّ إنّ الله تعالى يُنعِم عليهم ويرحمهم إلى الحدّ الذي يرضون فيه عنه تعالى، طبعًا حتّى وإن لم يكن هذا اللطف وهذه الرحمة ظاهريين فإنّ قلوبهم راضيةٌ عنه تعالى، أيّ إنّ ذاك الجهاد الذي يقوم به الإنسان عند إقصاء ابنه أو أبيه عنه، يمنح الإنسان درجةً عاليةً وعلوَّ مقامٍ قلبيًّا وروحيًّا، بحيث يغدو الإنسان راضيًا عن الله، ونفس هذا الأمر ينمّ عن رضاه تعالى.
﴿أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ﴾ هؤلاء هم حزب الله الحقيقي. حزب الله يعني أنّه يجب على المرء امتلاك هذه الشروط وشروطٍ أخرى، ولا تكفي الادّعاءات والأسماء.. ﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ المُفلح هو من تمكّن من الوصول إلى غايته، وغاية البشرية هي الفلاح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة التوبة، الآية 72.
الظلمة من مخلوقات الله!
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
معنى قوله تعالى: {إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ..}
الشيخ محمد صنقور
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (4)
محمود حيدر
القائم بالقسط
الشيخ علي رضا بناهيان
مناجاة الزاهدين(4): وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى
الشيخ محمد مصباح يزدي
معنى (قوس) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
في رحاب بقية الله: المهدي (عج) عِدْلُ القرآن
الشيخ معين دقيق العاملي
التّعاليم الصحيّة في القرآن الكريم
الشيخ جعفر السبحاني
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ
الفيض الكاشاني
أمّ البنين: ملاذ قلوب المشتاقين
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
ندوة للجاسم بعنوان: كيف يشكّل المال الأدب والفكر؟
الأكل في وقت متأخر من الليل ليس فكرة جيدة
الظلمة من مخلوقات الله!
معنى قوله تعالى: {إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ..}
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (4)
القائم بالقسط
مناجاة الزاهدين(4): وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى
تدشين كتاب الرّاحلة سهام الخليفة (حريّة مكبّلة)
معنى (قوس) في القرآن الكريم
أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ