
ظروف تشييع جنازة الإمام الحسن (ع):
بعد أن استُشهدَ الإمام الحسن (ع) مظلوماً - وكان قد أوصى بأنْ يُجدَّدَ به عهد عند قبرِ رسولِ الله (ص) - حملَه الناس ويتقدَّمُهم بنو هاشم والحسين (ع) في طليعتِهم، وكان قد غسّله وحنّطه وكفّنه وصلَّى عليه، حينذاك حُملَ إلى بيتِ رسول الله (ص) عند موضعِ قبرِه الشريف، فجاء بنو أمية وجاء معهم آخرون وقد حملوا السلاح يقودُهم مروان يُحرِّضهم ويقول: يا ربَّ هيجا هي خيرٌ من دَعة، فأحاطوا بحجرةِ الرسول (ص) وقالوا لا يُدفنُ الحسنُ عند جدّه ثم ركبَ مروانُ بغلتَه وذهبَ مسرعاً يطلبُ المددَ فعادَ ومعه المدَد، ويذكرُ عددٌ من مؤرخي العامةِ كالذهبي وابنِ عساكر إنَّ الفتنةَ كادت أنْ تقعَ حتى كانت بينهم المراماةُ بالنبل، ولم ينصرف الأمويونَ ومن آزرهم حتى اطمأنوا أنْ بني هاشم لن يدفنوا الإمامَ الحسنَ (ع) عند جدِّه (ص)(1).
وذكر ابنُ شهراشوب في المناقب أنَّ جنازة الحسن (ع) رُميتْ بالنبال حتى سُلَّ منها سبعونَ نبلاً (2)، يا لله!! جنازةُ سبطِ الرسول الله (ص) تُرمى بالنبل!!، ذلك من هوانِ الدّنيا على الله، يقولُ أبو عبد الله الحسين (ع): لبني هاشم وقد حملوا السلاح: "اَلله اَلله! أنْ تَفعَلوُا وَتُضَيِّعوُا وَصِيَّةَ أَخي! بأن لا يُراق في أمرِه محجمة دم، ثم إنَّ الإمام الحسين (ع) خاطب من تصدَّر المنع من دفنِ الحسن (ع) عند جدِّه قائلاً – بالمعنى - تاللهِ لو كان الدفنُ عند الرسول (ص) جائزًا فيما بيننا وبين الله، لعُلم أنَّه سيُدفن وإنْ رغم معطسه، ولكنَّ أخي الحسنَ (ع) أعلمُ الناسِ باللهِ ورسولِه، وأعلم بتأويلِ كتابِه من أنْ يَهتكَ على رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) ستره، ولهذا فهو لم يكن قد أوصى بأكثرَ من تقريبِه من أبيه رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) ليُحدثَ به عهداً(3).
تأبين الحسين (ع) لأخيه الحسن (ع):
ثم حُمل جثمانُ الإمامِ الحسنِ (ع) إلى قبرِ جدَّته فاطمةَ بنتِ أسد (رضوان الله تعالى عليها) فدُفنَ هناك في حضورٍ مهيبٍ وحاشد حتى إنَّه "لو طُرحت إبرةٌ ما وقعت إلا على رأسِ إنسان"(4) كما في المستدرك على الصحيحين للنيسابوري. وكان الناسُ بعد دفنِ الحسنِ (ع) ينتظرونَ تأبينَ الحسينِ (ع) لأخيِه، وقفَ الحسينُ (ع) -كما في عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري - وقفَ الحسينُ عند قبرِ أخيه (عليه السلام) بعد أنْ حمِد اللهَ وأثنى عليه قال: "رَحِمَكَ اللهُ أَبا مُحَمَّد! أنْ كُنْتَ لَتُباصِرُ الْحَقَّ مَظانَّهُ، وَتُؤْثِرُ اللهَ عِنْدَ مداحُضِ الْباطِلِ في مَواطِنِ التَّقيَّةِ بِحُسْنِ الرَّوِيَّةِ، وَتَسْتَشِفُّ جَليلَ مَعاظِمِ الدُّنْيا بِعَين لَها حاقِرَة، وتَفيضُ عَلَيْها يَداً طاهِرَةَ الأْطْرافِ نَقيَّةَ الأْسِّرَةِ، وَتَرْدَعُ بادِرَةَ غُرَبِ أَعْدائِكَ بِأَيْسَرِ الْمَؤُونَةِ عَلَيْكَ، وَلا غَرْوَ وَأَنْتَ ابْنُ سُلالَةِ النُّبُوَّةِ، وَرَضيعُ لِبانِ الْحِكْمَةِ، فَإِلى رَوْح وَرَيْحان وَجَنَّةِ نَعيم، أَعْظَمَ اللهُ لَنا وَلَكُمُ الأْجْرَ عَلَيْهِ، وَوَهَبَ لَنا وَلَكُمُ السَّلْوَةَ وَحُسْنَ الأْسى عَنْهُ"(5) ثم استعبر وقال:
أأَدْهُنُ رَأْسي أَمْ أَطيبُ مَحاسِني
وَرَأْسُكَ مَعْفُورٌ وَأَنْتَ سَليبُ
أَوْ اسْتَمْتِعُ الدُّنْيا لِشَيْء أُحِبُّهُ
أَلا كُلُّ ما أَدْنى إِلَيْكَ حَبيبُ
فَلا زِلْتُ أَبْكي ما تَغَنَّتْ حَمامَةٌ
عَلَيْكَ، وَما هَبَّتْ صَبا وَجَنُوبُ
وَما هَمَلَتْ عَيْني مِنَ الدَّمْعِ قَطْرَةً
وَمَا اخْضَرَّ في دَوْحِ الْحِجازِ قَضيبُ
بُكائي طَويلٌ وَالدُّمُوعُ غَزيرةٌ
وَأَنْتَ بَعيدٌ وَالْمَزارُ قَريبُ
غَريبٌ وَأَطْرافُ الْبُيوُتِ تَحُوطُهُ
أَلا كُلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرابِ غَريبُ
وَلا يَفْرَحُ الباقي خِلافَ الَّذي مَضى
وَكُلُّ فَتىً لِلْمَوتِ فيهِ نَصيبُ
فَلَيْسَ حَريبٌ مَنْ أُصيبَ بِمالِهِ
وَلكِنَّ مَنْ وارى أخاهُ حريبُ
نَسيبُكَ مَنْ أَمْسى يُناجيكَ طَرْفُهُ
وَلَيْسَ لِمَنْ تَحْتَ التُّرابِ نَسيبُ(6)
روى الشيخُ الصدوقُ بسندِه عن سعيدِ بن جُبير، عن ابنِ عباس قال: قال رسولُ الله (ص): ".. وأمّا الحسنُ فإنَّه ابني وولَدي، ومنّي، وقرّةُ عيني، وضياءُ قلبي، وثمرةُ فؤادي، وهو سيّدُ شبابِ أهلِ الجنّةِ، وحجّةُ اللهِ على الأُمّة، أمرُه أمري وقولُه قولي، مَن تَبِعه فإنَّه منِّي، ومَن عصاه فليس منِّي .. فلا يزالُ الأمرُ به حتّى يُقتلَ بالسمّ ظلماً وعدواناً، فعندَ ذلك تبكي الملائكةُ والسّبعُ الشّدادُ لموته، ويبكيه كلُّ شيء .. فمَن بكاه لم تعمَ عينُه يوم تَعمى العيونُ، ومَن حزَنَ عليه لم يحزنْ قلبُه يوم تحزنُ القلوبُ، ومَن زاره في بقعتِه ثبتت قدماه على الصّراطِ يوم تزلُّ فيه الأقدامُ"(7).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج13 / ص292، مقاتل الطالبيين -أبي الفرج الأصفهاني- ص49.
2- مناقب آل أبي طالب -ابن شهر آشوب- ج3 / ص204.
3- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج44 / ص157.
4- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص173.
5- عيون الأخبار -ابن قتيبة الدينوري- ج2 / ص338.
6- "أأدهن رأسي أم تطيب مجالسي .." بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج44 / ص160.
7- الأمالي -الشيخ الصدوق- ص176.
معنى (زرب) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
بين الإيمان والكفر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
ما الذي يهمّ أنت أم أنا؟ يتذكر الأطفال ما هو مهم للآخرين
عدنان الحاجي
مناجاة الذاكرين (5): بذكره تأنس الرّوح
الشيخ محمد مصباح يزدي
بين الأمل والاسترسال به (1)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الذّكاء المصنوع كعلم منظور إليه بعين الفلسفة من الفيزياء إلى الميتافيزياء
محمود حيدر
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
الشيخ محمد صنقور
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
سيّد النّدى والشّعر
حبيب المعاتيق
الإمام الباقر: دائرة معارف الإمامة
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (زرب) في القرآن الكريم
بين الإيمان والكفر
سيّد النّدى والشّعر
شهر رجب محضر الله
ما الذي يهمّ أنت أم أنا؟ يتذكر الأطفال ما هو مهم للآخرين
مناجاة الذاكرين (5): بذكره تأنس الرّوح
باقر العلوم
الإمام الباقر: دائرة معارف الإمامة
(مبادئ الذّكاء الاصطناعيّ) محاضرة في مجلس الزّهراء الثّقافيّ
كيف يصنع الدماغ العادة أو يكسرها؟