من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ فوزي آل سيف
عن الكاتب :
من مواليد سنة «1379 هـ» في تاروت ـ القطيف، درس المرحلة الابتدائية في تاروت وهاجر للدراسة الدينية في الحوزة العلمية بالنجف ـ العراق سنة 1391 هـ. التحق في عام 1394 هـ، بمدرسة الرسول الأعظم ودرس فيها الأصول والفقه وتفسير القرآن والتاريخ الإسلامي والخطابة والأدب، في عام 1400 هـ هاجر إلى الجمهورية الإسلامية في إيران وشارك في إدارة حوزة القائم العلمية في طهران، ودرّس فيها الفقه والأصول والثقافة الإسلامية والتاريخ الإسلامي، وأكمل دراسة المنهج الحوزوي في الفقه والأصول. انتقل لمتابعة دراساته العالية إلى قم في بداية عام 1412 هـ ودرس البحث الخارج، عاد في نهاية عام 1418 هـ إلى وطنه القطيف. صدر له عدد من المؤلفات منها: "من قضايا النهضة الحسينية أسئلة وحوارات، نساء حول أهل البيت، الحياة الشخصية عند أهل البيت، طلب العلم فريضة، رؤى في قضايا الاستبداد والحرية، صفحات من التاريخ السياسي للشيعة" وغير ذلك..

مقتل البلاذري في أنساب الأشراف

1) يمكن اعتباره من أفضل ما دوّنه مؤرخو مدرسة الخلفاء في مقتل الحسين (ع) لجهات متعددة؛ منها أنه جاء مفصلاً في 89 حديثاً و87 صفحة، وهذا مكّن المؤلف من إعطاء المقتل حقّه من التفصيل، كما أنه جاء مرتبًا بشكل تفوّق في هذا على مقتل الطبري (أبي مخنف) وعلى ابن سعد وسائر المقاتل الأخرى بحيث يستشعر القارئ أنه يسير خطوة خطوة من بداية الخروج من المدينة بل قبلها أيام معاوية، إلى أن رجع ركب الأسارى إلى المدينة.

 

وبشكل سريع يمكن الإشارة إلى أهم المحطات التي ذكرها البلاذري، فقد بدأ حديث 1 إلى 13 حول صلح الحسن (ع) وآراء الشيعة فيه وما قاله من اعتراضهم عليه واستثارتهم الحسين (ع) للنهضة بعد وفاة الحسن وإصرار الحسين على الالتزام بالميثاق ما دام معاوية موجوداً.

 

ومن حديث 14 إلى 18 حول وفاة معاوية وخروج الحسين (ع) من المدينة إلى مكة ومجيء كتب أهل الكوفة وإرساله مسلماً بن عقيل للكوفة. ومن حديث 19 إلى 24 استعان بما ذكره ابن سعد وغيره من ذكره نصيحة الأصحاب ألّا يخرج إلى العراق.

 

وحديث 25 حول خروج الحسين (ع) من مكة واشتباك شرطة عمرو بن سعيد الأشدق معه ثم قضية قيس بن مسهر الصيداوي والقبض عليه ثم التحاق زهير بن القين مع الحسين (ع) في الطريق، والتقاء عسكر الحسين بجيش الحر بن يزيد الرياحي حيث سقاهم الحسين وخيولهم.

 

تعرض إلى وصول الحسين (ع) إلى كربلاء، ثم وصول عمر بن سعد وبمناسبة ذلك عرض إلى نزاعه الداخلي ومشورة الأقربين له في ترك مقاتلة الحسين (ع) وأنه اختار ملك الري، ولم يأت على ما ذكره غيره خطأ من أن ابن زياد هدده بالقتل.

 

أشار أيضاً إلى تفاصيل تحشيد ابن زياد لحرب الحسين (ع) واستدعاء قادة الكوفة من شبث بن ربعي وأسماء بن خارجة والحصين بن نمير وكثير بن شهاب وعمرو بن الحجاج وغيرهم لبعثهم لكربلاء.

 

أشار إلى دعوة حبيب بن مظاهر ليلة العاشر الأسديين لنصرة الحسين (ع)، ونتيجة ذلك، كما أشار إلى منع الماء عن أصحاب الحسين (ع) قبل ثلاث من عاشوراء، وإلى قيام العباس وبني هاشم بجلب الماء من الشريعة تحت قوة السيف.

 

كذلك ذكر ما جاء به شمر من رسالة التصعيد من ابن زياد وتهديده بأن يعزل من الجيش، ونداءه العباس وإخوته بالقول: أين بنو أختنا؟

 

كما تحدث عن ليلة عاشوراء وعرض الحسين (ع) عليهم أن يتفرقوا وثباتهم على نصرته وذكر بعض أقوالهم في ذلك، وأخيرًا عرض إلى ذكر المقتل بدءًا بصباح يوم عاشوراء ناقلاً عن الحسين (ع) مقطعاً من خطبته الأولى الاحتجاجية، وانتقال الحر الرياحي إلى صف الحسين (ع) وكلامه مع جيش عمر بن سعد، ثم شهادته.

 

وكان ذكره تفاصيل المعركة بنحو جيد من حيث أسماء أنصار الحسين (ع) المقاتلين ورجزهم وشعرهم. ثم مقتل آل أبي طالب من العباس واخوته وعليّ الأكبر وأبناء الحسن وآل عقيل وأخيرا مقتل الحسين بما نجده في اللهوف والإرشاد وغيره من التفاصيل المحزنة مما لا نجد ذلك في طبقات ابن سعد ولا غيره.

 

2) بالرغم من ما ذكرنا من النقاط الإيجابية في مقتل البلاذري إلا أنه لا يعني خلوه من الأخطاء فقد وقع كغيره في ما زعم من أن الحسين (ع) "ناشدهم الحسين أن يسيروه إلى يزيد فيضع يده في يده فأبوا إلا حكم ابن زياد".

 

ومثله حديث آخر أنهم قالوا أن الحسين (ع) عندما اجتمع مع عمر بن سعد قال لهم: "اختاروا مني الرجوع إلى المكان الذي أقبلت منه، أو أن أضع يدي في يد يزيد فهو ابن عمي ليرى رأيه فيّ وإما أن تسيروني إلى ثغر من ثغور المسلمين فأكون رجلاً من أهله لي ما له وعليّ ما عليه" وهو ما سبق أن ذكرنا خطأه والمصدر الباطل الذي أشاعه، نعم قد أضاف البلاذري قوله "ويقال انه لم يسأله إلا أن يشخص إلى المدينة فقط".

 

3) إثباته تسيير الرؤوس إلى الشام وضرب يزيد رأس الحسين (ع) بالقضيب فإنه بعدما نقل ما تمثل به يزيد (نفلق هامًا..) ذاكراً في عدة أحاديث أنه وضع رأس الحسين (ع) أمامه قال أخيراً: "وجعل يزيد ينكت بالقضيب ثغر الحسين (ع) حين وضع رأسه بين يديه فقال أبو برزة الأسلمي أتنكت ثغر الحسين (ع)؟ لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذاً! ربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرشفه أما أنك يا يزيد تجيء يوم القيامة وشفيعك ابن زياد، ويجيء الحسين (ع) وشفيعه محمد (ص)، ثم قام (وخرج من مجلس يزيد).

 

4) باستثناء ما سبق ذكره فإن القارئ يلحظ بوضوح أن المقتل فيه قدر كبير من الإنصاف ونقل الصورة القريبة من الحقيقة، كما يلحظ موقف التعظيم والاحترام للإمام الحسين عليه السلام وأصحابه في هذا المقتل.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد