الشيخ جعفر السبحاني ..
سار النبي بالسابقين والأنصار، وعددهم ألف وأربعمائة مقاتل وقامت قريش بالاستعداد لمنعهم من دخول مكة.
وفي أرض الحديبية بايع المهاجرون والأنصار رسول اللّه وهي بيعة الرضوان ذكرها المولى سبحانه، قال تعالى: (لقد رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرة فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهمْ فَأَنْزَلَ السّكينَة عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَريباً ) .( [1]) فقد رضي اللّه عن كلّ فرد منهم بايع تحت الشجرة مكان البيعة، والطاعنون في أصحاب رسول اللّه حاروا فيها، وعجز خيالهم ولكن المراء والجدال واتّباع الهوى منع الناس من اتّباع الحقّ.( [2])
المناقشة
1. انّ المدح، جمعي لا آحاديّ، كيف وقد شارك فيها عبد اللّه بن أُبيّ رأس النفاق وأذنابه!!
2. انّ رضاه سبحانه محدد بزمان البيعة حيث قال: (لقَد رَضِي اللّه عَنِ الْمؤْمِنينَ إِذْ يُبايِعُونكَ ) ، فلا يستدل به على الفترات التالية التي عاشوا فيها، فإنّ الأُمور بخواتيمها، لا بأوائلها.
إنّ هؤلاء الذين أخذ الشيخ يمدحهم لبلوغهم الغاية في الصدق والإخلاص، صاروا من المعترضين على النبي في الصلح مع قريش في أرض الحديبية، وإن كنت في شكّ من ذلك فاقرأ ما كتبه ابن هشام وغيره حول صلح الحديبية قال:
فلمّا التأم الأمر ولم يبق إلاّ الكتاب، وثب عمر بن الخطاب، فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر، أليس برسول اللّه؟ قال: بلى، قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال: بلى; قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى; قال: فعلام نُعطي الدّنيّة في ديننا؟ قال أبوبكر: يا عمر، الزم غرزه( [3])، فإنّي أشهد أنّه رسول اللّه; قال عمر: وأنا أشهد أنّه رسول اللّه; ثمّ أتى رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فقال: يا رسول اللّه ألست برسول اللّه؟ قال: بلى; قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال: بلى; قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى; قال: فعلام نُعطي الدنية في ديننا؟ قال: أنا عبد اللّه ورسوله، ولن أُخالف أمره، ولن يضيّعني! قال: فكان عمر يقول: ما زلت أتصدق وأصوم وأُصلّـي وأُعتق، من الذي صنعتُ يومئذ! مخافة كلامي الذي تكلمت به، حتّى رجوت أن يكون خيراً.( [4]) هؤلاء هم الذين حضروا صلح الحديبية، وهذا مبلغ تسليمهم لرسول اللّه وقد قال سبحانه: (فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَينَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً ممّا قَضَيت وَيُسَلّمُوا تَسْليماً ) .( [5])
فمن يصف عمل الرسول بإعطاء الدنيّة في الدين، كيف يعدّ من المسلِّمين لأمره ونهيه؟!
ثمّ إنّ الشيخ يستدلّ على ما تبنّاه من عدالة الصحابة من أوّلهم إلى آخرهم ببعض الآيات في بيان الخطوط العريضة للقضاء الحاسم في المسألة، وهذه الآيات عبارة عن قوله سبحانه:
1. (وَالسّابِقُونَ الأَوّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرينَ وَالأَنْصارِ... ) .( [6])
2. (مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِداءُ عَلى الكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) .( [7])
[1] -الفتح:18
[2] -صحبة رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : 31.
[3] -أي ألزم أمره، والغرز للرجل بمنزلة الركاب للسرج.
[4] -سيرة ابن هشام:2/316، طبعة مصر الطبعة الثانية 1375هـ 1955م.
[5] -النساء:65 .
[6] -التوبة: 100.
[7] -الفتح: 29.
حيدر حب الله
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الحكيم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ جعفر السبحاني
عدنان الحاجي
السيد محمد باقر الصدر
السيد عباس نور الدين
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان