سيطر البويهيون على بغداد في سنة 334 هـ. (وكانت لهم الدولة العظيمة التي باهى الإسلام بها سائر الأمم) [1] وكانوا ملتزمين بالتشيّع بشكل عميق مع أنهم لم يضغطوا على المذاهب الأخرى وحرصوا على تشجيع علماء الشيعة حتى نقل أن عضد الدولة كان يزور الشيخ المفيد كبير علماء الشيعة في منزله ويعظمه...
وتشكلت مناطق سكانية شيعية خالصة إلى ذلك الوقت مثل منطقة الكرخ، وكانت المظاهر والشعائر الدينية الشيعية في بغداد تقام على قدم وساق... فقد أقيمت مراسم يوم عاشوراء في بغداد علنًا في العاشر من عام 352 هـ، وأمر معز الدولة بتعطيل الأسواق في ذلك اليوم.
ويرى الباحث رسول جعفريان [2] أن من أسباب ركون قسم من أهل بغداد إلى التشيع، وحصول تغييرات في تركيبتها المذهبية، التطرف الذي أبداه الحنابلة في المسائل... فقد اصطدموا بالطبري مع كونه سني المذهب!.
إن بقاء البويهيين في بغداد لمدة تزيد على قرن من الزمان كان مؤثرًا جدًّا في تسهيل النشاط الثقافي والكلامي والفقهي الشيعي... وأدى لتواجد العلماء والمحدثين الشيعة في هذه العاصمة، وتدريسهم لأصول المذهب.
فقد وجدنا أن شيخ الإسلام محمد بن يعقوب الكليني قد بقي في بغداد فترة من الزمن لتأليف كتابه الكافي، وهذا بمجرده يشير إلى وجود مصادر مهمة لعلم أهل البيت في تلك المنطقة بحيث يقصدها الشيخ الكليني... كما أن بقاءه هناك كان يسهل عملية اتصاله بطلاب العلم الذين يهمهم معرفة أحاديث أهل البيت عليهم السلام.
غير أن التأثير الأكبر كان للشيخ المفيد محمد بن النعمان التلعكبري البغدادي الذي (بذل جهودا عظيمة لتعريف العقائد الشيعية من الوجهة العقلية مضافًا إلى ما عرف عنه من دقة في الأحاديث... وقد أشار الخطيب البغدادي بصراحة إلى تأثير الشيخ المفيد على الآخرين... وقال فيه ابن كثير: كانت له وجاهة عند ملوك الأطراف لميل كثير من أهل ذلك الزمان إلى التشيع وكان مجلسه يحضره خلق كثير من العلماء من سائر الطوائف) [3].
ولعل ما ينقل عن تشييع جنازته (ت 413 هـ) في بغداد يبين حجم الوجود الشيعي هناك فقد نقل أن عددًا من شيعه بلغ ثمانين ألفًا من الناس... ومع ملاحظة أنه ليس كل أهل البلد يخرجون في التشييع وإنما نسبة منهم يتبين أن الحجم الشيعي في بغداد كان كبيرًا!.
ويضاف إلى هذا الجهود التي قام بها الشريفان الموسويان الرضي والمرتضى في تلك الفترة ثم شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي الذي قيل إنه كان يحضر درسه في بغداد ثلاثمائة مجتهد من الشيعة ومن العامة ما لا يحصى! وإذا صح هذا النقل فإنه يكشف لنا عن حجم الحركة العلمية الشيعية في تلك الفترة، ومن خلالها نكتشف حجم الوجود الاجتماعي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ ابن خلدون: ج4، ص420.
(2) تاريخ الشيعة في إيران: ص 280.
(3) المصدر نفسه: ص285 .
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطهراني
الفيض الكاشاني
الشيخ محمد هادي معرفة
عدنان الحاجي
السيد عباس نور الدين
الشيخ فوزي آل سيف
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
الشيخ علي الجشي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان