مشهد العقيلة زينب الكبرى عليها السّلام
هذه أمّ المصائب عقيلة الوحي والنبوة، وخفرة علي وفاطمة: زينب، بلغ من عناية اللّه تعالى بها وكرامتها عليه، أن كان مشهدها هذا منذ حلّت في رمسه كل سنة هو أفخم وأعظم منه في سابقتها، حتى بلغ اليوم أوج العظمة والعلاء.
يحفّ المسلمون بهذا المشهد، ويعتصمون به، فإذا هو على الدوام أمل الراغب الراجي عفو ربه عن ذنوبه، وأمن الراهب التائب اللاجئ في ستر عيوبه، يتضرع به إلى اللّه تعالى في طلب حوائجه الدنيوية والأخروية، منيبًا إليه، توابًا مخلصًا للّه في ذلك ليغفر ذنوبه، ويستر عيوبه، ويقضي حوائجه، متوسلاً إليه تعالى بأم المصائب في سبيله عز وجل.
هذا شأن المخلصين للّه تعالى في حفظ رسول اللّه في عترته من بعده، يعظّمون شعائرهم؛ لأنّها من شعائر اللّه تعالى (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) «1».
تعلّق المؤمنين به
وإنّ للمؤمنين في تعظيم شعائر اللّه عز وجل، بتشييد المعابد والمشاهد والمعاهد أيادي بيضاء غرّاء، تستوجب الحمد والثناء، ولا سيما إيران، وما أدراك ما إيران؟
شعب أخلص للّه عز وجل في طاعته، وانقطع إلى رسول اللّه وأهل بيته في ولائه، ينهج في الدين سبيلهم، ويقفو فيه أثرهم، ولا يطبع إلّا على غرارهم، وله في تعظيم شعائرهم ومشاعرهم التي أذن اللّه أن ترفع بالقيام عليها غاية تتراجع عنها سوابق الهمم؛ ولا سيما ما كان منها في العراق وخراسان.
وقد حمل الإيرانيون اليوم إلى عقيلة الوحي والنبوة هذا الضريح، يزري بالعقيان، وبما هو أغلى وأعلى من العقيان والجواهر، بوّءوه ضريحها الشريف، فتبوءوا بذلك ذروة الشرف، ونالوا به من الفردوس أعلى الغرف، جدّدوا به قديم نعمائهم في جميع المشاهد المشرفة، واستأنفوا ماضي إيلائهم، أدام اللّه لهم سوابغ النعم، وجدّد لهم نوابغ القسم، وضاعف لهم هباته المتناسقة، وظاهر عليهم آلاءه المترادفة.
عقيلة الوحي
أما عقيلة الوحي والنبوة: فأبوها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أخو النبي ووليّه، ووزيره ونجيّه، ووارث علمه ووصيّه، وأوّل الناس أيمانًا باللّه، وأعلمهم بأحكامه فتى الإسلام شجاعة، وتقى، وعلمًا، وعملاً، وزهدًا في الدنيا، ورغبة فيما عند اللّه.
وأمّها فاطمة الزهراء، سيّدة نساء العالمين، وخير نساء أهل الجنة وأفضلهن بحكم النصّ الصريح الصحيح، وإجماع الأمة كافة، آثرها اللّه عز وجل بذريّة نبيّه، فإنّ ذريّة كل نبيّ من صلبه، إلّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، فإنّ ذريته إنّما هي من علي وفاطمة.
وجدّها لأمّها: سيّد المرسلين، وخاتم النبيين محمد صلّى اللّه عليه وآله، البشير النذير، السراج المنير، وكفى بذلك فخرًا. وجدّتها لأمها: خديجة بنت خويلد، أم المؤمنين، صدّيقة هذه الأمة، وأولها إيمانًا باللّه، وتصديقًا بكتابه، ومواساة لرسوله صلّى اللّه عليه وآله.
قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «يا خديجة هذا جبريل يقرئك السلام عن اللّه عز وجل، ويبشّرك ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب».
فقالت في جوابه: اللّه عز وجل هو السلام، ومنه السلام، وإليه السلام، وعلى رسول اللّه وعلى جبرائيل السلام، ورحمة اللّه وبركاته....
هذا نسب العقيلة، ولها من الحسب ما يكافئ هذا النسب شرفًا (ذرية بعضها من بعض واللّه سميع عليم). ولدت عليها السّلام سنة ست للهجرة، وهي سنة صلح الحديبية، ونزول سورة الفتح على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وهو قافل منها إلى المدينة.
السيد عبد الحسين شرف الدين
فكانت في الهاشميات كالتي أنجبتها، تنطق الحكمة والعصمة من محاسن خلالها، ويتمثلان وما إليهما من أخلاق في منطقها وأفعالها. فلم ير أكرم منها أخلاقًا، ولا أنبل فطرة، ولا أطيب عنصرًا، ولا أخلص جوهرًا، إلّا أن يكون جدّها واللذين أولداها.
وكانت ممّن لا يستفزها نزق، ولا يستخفها غضب، ولا يروع حلمها رائع، آية من آيات اللّه في ذكاء الفهم، وصفاء النفس، ولطافة الحس، وقوة الجنان، وثبات الفؤاد، في أروع صورة من الشجاعة، والإباء والترفع....
ولها في السبي مقام كريم لا يسامى، تسنمت به ذرى المعالي والشرف، ونالت به من اللّه كل زلفى. حفظت أيامى الوحي والنبوة، اللواتي استشهد رجالهن، وحرست يتامى آل محمد، وقد قتل آباؤهم.
وقد استماتت بحماية مريضهم بقية أخيها، الإمام زين العابدين عليه السّلام، وقد كاد أن يقتله ابن زياد؛ لولا دفاعها عنه ببذل دمها، وبقتله تنقطع سلالة أخيها سيّد الشهداء.
وقد ورد عليها من سبيها ما استأنف نشاطها، وشرح صدرها لرعاية تلك الأطفال والنسوة وتعزيتهم. فإذا هي في تلك الشدائد طود من الأطواد، صلوات اللّه وسلامه عليها، وعلى جدها وأبيها، وعلى أمها وأخويها، وعلى الأئمة وسادة الأمة من قومها، الذين نزلت أنفسهم منهم في البلاء، كالتي نزلت في الرخاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الحج : الآية 32.
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
محمود حيدر
عدنان الحاجي
الشيخ باقر القرشي
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الأدوار الزينبية
الإمام الصادق (ع) والتصدي لتيار الغلاة
في رثاء الصّادق عليه السّلام
الصادق (ع) في آراء العلماء (1)
عقيلة الوحي
المراد من العلم النافع
ما هي حقيقة الذكاء؟ وكيف نزيده قوّة؟
التنظير في أفقه العربي والإسلامي
محتوى الكلمات ينشط العمليات الدماغية في اللاوعي
زكي السالم: في المسابقات الشّعرية: موقفك من التّصويت بين الوجوب والتّفويت