
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، سيد الأنبياء والمرسلين، أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين.
ربي، أنطقني بالهدى، وألهمني التقوى.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: "شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان".
صدق الله العلي العظيم.
السلام عليكم أيها المؤمنون، السلام عليكم أيها الصائمون والصائمات، السلام عليكم في هذا الشهر المبارك، الشهر الفضيل، شهر التقوى والمعرفة، شهر الدعاء، شهر تلاوة القرآن الكريم، شهر الله، ونحن في ضيافة الله.
الله سبحانه وتعالى دعا المؤمنين إلى ضيافته، وهذه ضيافة رحيمية خاصة بالمؤمنين.
"يا أيها الذين آمنوا"، أنتم أيها المؤمنون، هذا خطاب من الرب الجليل، وما أعظم هذا الخطاب!
إن الله سبحانه وتعالى، وأنا العبد الذليل، العبد الحقير، المذنب العاصي، يخاطبني ربي بقوله:
"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".
العمدة هو التقوى
والتقوى على ثلاث مراحل، كما يقال في علم الأخلاق، وعند الإمام الصادق عليه السلام في مصباح الشريعة:
- تقوى العام: وهو أن يأتي الإنسان بالواجبات، ويترك المحرمات، وهذه التقوى لعامة الناس، فكل مسلم ومسلمة عند بلوغهما سن التكليف الشرعي يكونان مكلفين بأداء التكاليف الشرعية والوظائف الدينية، كالصلاة، والصوم.
- تقوى الخاص: وهي مرتبة أعلى، إذ يترك صاحبها الشبهات، والمكروهات، فضلًا عن المحرمات، ويأتي بالمستحبات فضلًا عن الواجبات، فهو لا يكتفي بالحد الأدنى من العبادات، بل يسعى إلى النوافل، ويتقرب إلى الله بأعمال الخير.
- تقوى خاص الخاص: وهي أعلى مراتب التقوى، إذ يترك الإنسان الحلال خشية أن ينشغل به عن طاعة الله، كما كان أمير المؤمنين علي عليه السلام يفعل. فقد قُدِّمت له الحلوى، فامتنع عنها، فقيل له: "يا أمير المؤمنين، أتحرمها؟" قال: "لا، ولكني أخالف نفسي، فإنها اشتهتها".
الصيام في جوهره تربية على التقوى.
فهو ليس مجرد الامتناع عن الأكل، والشرب، والمفطرات المذكورة في الشريعة المقدسة، بل هو تدريب على ضبط النفس، والسمو بالروح.
فيبدأ الإنسان بالتقوى العامة، ثم يدخل في دائرة تقوى الخاص، فيجتنب الشبهات والمكروهات، ثم يترقى إلى تقوى خاص الخاص، حيث يخالف هوى نفسه، ويزهد في الدنيا.
شهر رمضان هو شهر الدعاء.
"الدعاء سلاح الأنبياء، سلاح المؤمنين، مفتاح كل صلاح وفلاح".
فالدعاء يفتح باب كل خير، ويرد القضاء المبرم، ويدفع البلاء، حتى لو كان قد أُبرِم.
الله سبحانه وتعالى جعل للدعاء منزلة عظيمة، وللداعي مقامًا كريمًا، حتى إنه يغير ما في لوح المحو والإثبات.
فلذا، نحن في شهر رمضان، شهر الأدعية.
وهناك أدعية مشتركة لكل أيام الشهر، وأخرى خاصة بليالٍ معينة، كأدعية السحر، وأدعية الإفطار، وأعمال ليالي القدر، وأدعية ليلة عيد الفطر، ليلة الجوائز، وغيرها.
ونحن وإياكم، إن شاء الله، سنكون في رحاب أدعية هذا الشهر المبارك، ونتقرب إلى الله بها.
مجالس العلم محبوبة عند الله
الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قال لأبي ذر الغفاري:
"يا أبا ذر، ساعة في طلب العلم أحب إلى الله من ختمة القرآن اثنتي عشرة ألف مرة".
طلب العلم في معرفة الحلال والحرام أفضل عند الله وأحب إليه، وهو خير من شهادة مئة ألف شهيد في سبيل الله.
فنسأل الله أن يوفقنا في هذا العلم، وفي رحاب أدعية أهل البيت عليهم السلام.
من الأدعية الواردة لكل يوم في شهر رمضان، دعاء قصير ولكنه ذو مضامين عظيمة، نرفعه إلى الله بنيات صادقة، وقلوب طاهرة:
"اللهم اجعل صيامي فيه صيام الصائمين، وقيامي فيه قيام القائمين، ونبهني فيه عن نومة الغافلين، وهب لي جرمي فيه، يا إله العالمين، واعف عني، يا عافيًا عن المجرمين، برحمتك يا أرحم الراحمين".
شرح بعض المفردات:
- "اللهم": أصله "يا الله"، حيث يبدل العرب ياء النداء بالميم، فيقولون "اللهم" بدلًا من "يا الله"
- "اجعل صيامي فيه صيام الصائمين": أي أن يكون صيامًا حقيقيًّا، لا مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، بل بصيام الجوارح عن المحرمات، وصيام العين عن النظر الحرام، وصيام الأذن عن سماع المنكر، وصيام اللسان عن الغيبة والنميمة، وصيام القلب عن الشهوات.
- "ونبهني فيه عن نومة الغافلين": أي أن أكون يقظًا، مدركًا لحقيقة الحياة، لا أعيش كما تعيش البهائم، لا همَّ لي إلا الأكل والشرب، دون تفكر في المصير.
- "وهب لي جرمي فيه، يا إله العالمين": أي اغفر لي ذنوبي، فأنا مذنب مقصر، وأنت الكريم الذي يعطي بلا مقابل.
- "واعف عني، يا عافيًا عن المجرمين": أنت الغفور الرحيم، تعفو عمن أقبل إليك، وباب التوبة مفتوح لكل من أراد العودة.
نسأل الله أن يجعلنا من المقبولين في هذا الشهر الفضيل، وأن يوفقنا لصيامه وقيامه، وأن يرزقنا القرب منه، ويجنبنا سخطه ونقمته.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله على السراء والضراء، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
شكل القرآن الكريم (2)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
محمود حيدر
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
معنى (لمز) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي
عدنان الحاجي
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)
الهداية والإضلال
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
(قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
الذنوب التي تهتك العصم