السيد حسن النمر
مسجد الحمزة ع بسيهات
Dec 13, 2024 - ١١ جمادى الثاني 1446 هـ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق وأشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين.
رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
اللهم اجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم.
عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله.
وإن من مصاديق تقوى الله وموجبات محبته أن يكون الإنسان من المحسنين.
فما معنى أن نكون من المحسنين؟ وما الذي نجنيه من وراء ذلك؟
لنجب عن هذين السؤالين في محطتين:
1. الإحسان بمعنى العمل الصائب:
الإحسان في هذا المعنى يعني أن يقوم الإنسان بعمله بطريقة صائبة.
ولا يتحقق ذلك إلا بالعبودية الصالحة لله تعالى.
قال الله تعالى:
"وابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنسَ نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغِ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين".
هذه الآية تدل على أمرين:
المطلوب من الإنسان أن يستثمر ما آتاه الله في طلب الآخرة، وألا يقصر همه واهتمامه على الدنيا حتى يكون عبدًا لها، لا هم له سواها.
التوفيق لذلك لا يناله إلا المحسنون الذين يتخلقون بأخلاق الله.
الله تعالى، عندما خلق الإنسان، جعله في أحسن تقويم، وزوده بكل ما يحتاجه للسير على الصراط المستقيم، من الفطرة الصافية، والعقل الراجح، والجوارح المعينة على فعل الحسن.
قال الله تعالى على لسان موسى عليه السلام:
"قال فمن ربكم يا موسى؟ قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى".
بعد هذا النعيم وهذه العطاءات، ليس للإنسان أن يعصي الله أو يضل.
قال تعالى:
"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا".
لكي يكون الإنسان صالحًا في نفسه، عليه أن يعمل على مسارين:
العلم بما يجب عليه أن يعلمه: وهذا يتعلق بالعقيدة الصحيحة.
العمل بما يجب عليه أن يعمله: وهذا يُعرف من خلال التشريعات الإلهية الكاشفة عن الحلال والحرام، والصحيح والفاسد، وغير ذلك مما تكفل علم الفقه ببيانه.
2. الإحسان بمعنى إيصال النفع للغير:
الإحسان في هذا المعنى يعني إيصال النفع، ماديًّا كان أو غير مادي، إلى الغير.
الاعتقاد الحسن إحسان، وأداء الفرائض كالصلاة والصيام والحج والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفعال حسنة، وفاعلها محسن، فهو محبوب عند الله.
كذلك، إسداء المعروف للناس إحسان مطلوب ومحبوب.
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"الخلق عيال الله، فأحب الخلق إلى الله من نفع عيال الله وأدخل على أهل بيت سرورًا".
وفي رواية أخرى:
"الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إلى الله عز وجل أنفعهم لعياله".
بهذا يتضح لنا أن الإحسان مطلوب في جميع الجوانب، سواء في العلاقة مع الله أو في التعامل مع الناس، وهو السبيل إلى محبة الله ورضاه.
الثمرة الأولى: المحسن حبيب الله
قال الله تعالى:
"وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء، والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين".
وقال تعالى:
"وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين... فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة، والله يحب المحسنين".
كما قال سبحانه:
"وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا، فإن توليتم فاعلموا أن ما على رسولنا البلاغ المبين... والله يحب المحسنين".
الثمرة الثانية: المحسن محفوظ عمله
قال الله تعالى:
"إن الله لا يضيع أجر المحسنين".
كما قال:
"ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة، ولا يقطعون واديًا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون".
الثمرة الثالثة: المحسن موفق ومهدي من الله تعالى
قال الله تعالى:
"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين".
الثمرة الرابعة: المحسنون لهم أجر عظيم
قال الله تعالى:
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون... للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم".
الثمرة الخامسة: المحسنون في الجنة خالدون
قال الله تعالى:
"للذين أحسنوا الحسنى وزيادة... أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون".
الثمرة السادسة: المحسنون ذوو بصيرة وعرفان بالله عميق
قال تعالى:
"وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرًا. للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة، ولدار الآخرة خير".
الثمرة السابعة: المحسنون أصحاب جلد ومثابرة على الإحسان
قال الله تعالى:
"ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون".
الثمرة الثامنة: المحسنون يجتهدون في اختيار أفضل السبل في التواصل مع الآخرين
قال تعالى:
"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن".
الثمرة التاسعة: المحسنون يتقنون إدارة الخصومة مع الشيطان
قال الله تعالى:
"وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن. إن الشيطان ينزغ بينهم".
الثمرة العاشرة: المحسنون لا يتكبرون ولا يفسدون في الأرض
قال تعالى:
"وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغِ الفساد في الأرض".
أيها المؤمنون،
فلنجتهد في أن نكون من المحسنين، حتى نحظى بمحبة الله وننال الخير في الدنيا والآخرة.
فقد روي عن الإمام علي عليه السلام:
"إذا أحب الله عبدًا ألهمه حسن العبادة".
وفي حديث آخر:
"حبب إليه الأمانة، وزينه بالسكينة والحلم، وألهمه الصدق، ورزقه قلبًا سليمًا وخُلقًا قويًّا".
اللهم صل على محمد وآل محمد.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًّا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليلًا وعينًا، حتى تسكنه أرضك طوعًا، وتمتعه فيها طويلًا.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، واخذل الكفار والمنافقين.
اللهم من أرادنا بسوء فاردده، ومن كادنا فكده.
اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وأصلح فساد ديننا ودنيانا.
ولا تخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا، يا كريم.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
اللهم صل على محمد وآل محمد.
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد باقر الحكيم
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ باقر القرشي
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الانتظار والصراع بين المستضعفين والمستكبرين
أهمية الصورة الفنية
الغيب والشهود
أبعاد التغيير في مجتمع الجزيرة العربية (2)
عواقب لتخليق (الحياة المرآتية) على الحياة والأرض في المستقبل
أذى أهل الطائف لرسول الله
النفاق في صدر الإسلام
الوجود واحد وبسيط
الحرية في الحضارة الرأسمالية
أبعاد التغيير في مجتمع الجزيرة العربية (1)