علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
عدنان الحاجي
عن الكاتب :
من المترجمين المتمرسين بالأحساء بدأ الترجمة عام ٢٠١١، مطّلعٌ على ما ينشر بشكل يومي في الدوريات العلمية ومحاضر المؤتمرات العلمية التي تعقد دوريًّا في غير مكان، وهو يعمل دائمًا على ترجمة المفيد منها.

بودرة التلك وعلاقتها بالسرطان

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

 

بودرة التلك(1) هي معدن يتكون بشكل رئيس من المغنيسيوم والسيليكون والأكسجين [أو سيليكات المغنيسيوم المهدرجة]. كمسحوق (بودرة)، تمتص بودرة التلك الرطوبة جيدًا وتساعد على تقليل الاحتكاك، مما يجعلها مفيدةً للحفاظ على البشرة، كما تساعد على منع تكوّن الطفح الجلدي. وتستخدم على نطاق واسع في مستحضرات التجميل. مثل بودرة الأطفال [بودرة جونسون آند جونسون المشهورة] ومساحيق الجسم والوجه للكبار، وكذلك في عدد من المنتجات الاستهلاكية الأخرى.

يستخرج التلك من الأرض. في شكله الطبيعي، يحتوي بعض التلك على مادة الأسبستوس(2)، وهي مادة معروفة بأنها مسبّبة لسرطان الرئتين وما حولها بعد استنشاقها.

في عام 1976، رابطة شركات مستحضرات التجميل وأدوات الزينة والعطور (CTFA)، وهي الرابطة التجاريّة التي تمثّل الشركات المصنّعة لمستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية، أصدرت إرشادات طوعية (غير ملزمة) تنص على أن جميع بودرة التلك المستخدمة في مستحضرات التجميل في الولايات المتحدة يجب أن تكون خالية من مادة الأسبستوس بكميات قابلة للاكتشاف لو جرى فحصها تحليليًّا. وفقًا لمعايير وضعتها الرابطة.

معظم المخاوف حول احتمال وجود علاقة بين بودرة التلك والسرطان تركزت على ما يلي:

-  إذا كان المتعرضون لجسيمات بودرة التلك أثناء العمل لمدة طويلة، مثل العمال الذين يعملون في مناجم استخراج مادة التلك، أكثر احتمالًا للإصابة بسرطان الرئة من استنشاق تلك الجسيمات.

- إذا وُضعت بودرة التلك بانتظام على المنطقة التناسلية فإن ذلك يزيد من احتمال الإصابة بسرطان المبيض.

 

هل تسبب بودرة التلك السرطان؟

أثناء الحديث عمّا إذا كانت بودرة التلك لها علاقة بالسرطان، من المهم التمييز بين بودرة التلك التي تحتوي على الأسبستوس وبودرة التلك الخالية من الأسبستوس. من المعروف أن بودرة التلك التي تحتوي على الأسبستوس تسبب السرطان إذا استُنشقت. الأدلة على احتمال أن تسبب بودرة التلك الخالية من الأسبستوس للسرطان ليست أدلة قاطعة.

استخدم الباحثون نوعين رئيسيين من الدراسات لمحاولة معرفة ما إذا كانت بودرة التلك أو التعرض لها يسبب السرطان.

الدراسات المخبرية: في الدراسات التي أجريت في المختبرات، عُرضت الحيوانات لبودرة التلك (غالبًا بجرعات كبيرة جدًّا) لمعرفة ما إذا كانت تسبب أورامًا سرطانية أو مشكلات صحية أخرى. قد يُعرِّض الباحثون أيضًا خلايا طبيعية في طبق مختبر لبودرة التلك لمعرفة ما إذا كانت تسبب أنواع التغيرات الجينية التي شوهدت في الخلايا السرطانية. انسحاب نتائج هذه الدراسات المخبرية على البشر ليس واضحًا دائمًا، ولكنها طريقة جيدة لمعرفة ما إذا كانت بودرة التلك قد تسبب السرطان.

دراسات على البشر: تناولت دراسات أخرى احتمال الإصابة بالسرطان بين مجموعات مختلفة من الناس. قد تقارن مثل هذه الدراسات احتمال الإصابة بالسرطان في مجموعة تعرضت لبودرة التلك باحتمال الإصابة بالسرطان في مجموعة من الناس لم تتعرض لها، أو مقارنتها بما هو متوقع في عموم السكان. لكن في بعض الأحيان قد يكون من الصعب معرفة ما تعنيه نتائج هذه الدراسات، لأن العديد من العوامل الأخرى قد تؤثر في النتائج أيضًا.

في معظم الحالات، لم يقدم أي نوع من هذه الدراسات لوحده وبمعزل عن غيره ما يكفي من الأدلة، لذلك يأخذ الباحثون عادة في الحسبان الدراسات المخبرية والدراسات التي جرت على البشر عند محاولة معرفتهم ما إذا كانت مادة التلك مسببة للسرطان.

 

دراسات جرت في المختبر

الدراسات التي عرضت حيوانات المختبر (الجرذان والفئران والهامستر) لبودرة التلك الخالية من الأسبستوس بطرق مختلفة كانت لها نتائج غير قاطعة، حيث أثبتت بعض الدراسات تكوّن أورام سرطانية، والبعض الآخر منها لم يجد أيًّا من هذه الأورام.

 

دراسات على الناس: سرطان المبيض

لقد أفادت الأبحاث أن بودرة التلك قد تسبب سرطان المبيض إذا كانت جسيماتها تنتقل عبر المهبل والرحم وقناتي فالوب إلى المبيضين.

وقد تناولت الكثير من الدراسات التي أجريت على النساء العلاقة السببية المحتملة بين بودرة التلك وسرطان المبيض. وكانت النتائج غير حاسمة، حيث أفادت بعض الدراسات عن زيادة طفيفة في نسبة احتمال الإصابة بالسرطان وبعضها لم يفد عن أي زيادة في نسبة احتمال الإصابة بالسرطان.

-  وجدت الكثير من دراسات الحالات والشواهد (3) زيادة طفيفة في نسبة احتمال الإصابة. لكن هذه الأنواع من الدراسات يمكن أن تكون متحيزة لأنها غالبًا ما تعتمد على ذاكرة الشخص ما إذا كان قد استخدم بودرة التلك قبل سنوات مديدة.

- دراسات الأتراب الطولية (4)، التي تتميز بمستوى منخفض من التحيز، لم تجد زيادة كبيرة في نتائج فحص إصابة المبيض بالسرطان بشكل عام. فقد أفات بعض الدراسات بارتفاع في نسبة احتمال الإصابة بالسرطان في مجموعات معينة من النساء أو في أنواع معينة من سرطان المبيض.

إحدى المشكلات في دراسة هذه المشكلة هي أن سرطان المبيض ليس شائعًا. ولهذا السبب، حتى أكبر الدراسات التي أجريت حتى الآن ربما لم تكن كبيرة بما يكفي حتى تكتشف ارتفاعًا طفيفًا جدًّا في نسبة احتمال الإصابة، إن وجد هذا الاحتمال.

وقد حاول الباحثون التعرض لهذه المشكلة وذلك بالجمع بين نتائج دراسات مختلفة (المعروفة باسم التحليل التلوي)، ولكن حتى هذا النوع من الأبحاث كان له نتائج غير حاسمة. على سبيل المثال، في تحليل تلوي يجمع نتائج دراسات الأتراب الطولية الرئيسة، لم يكن هناك زيادة عامة في نسبة احتمال الإصابة بسرطان المبيض، بينما في تحليل كل من دراسات الحالات والشواهد ودراسات الأتراب الطولية، الاستخدام المتكرر لبودرة التلك (والذي حدد بمرتين على الأقل في الأسبوع) كانت له علاقة بزيادة احتمال الإصابة بسرطان المبيض.

بالنسبة لأي امرأة، إذا كان هناك نسبة احتمال مرتفعة، فمن المرجح أن تكون الزيادة الإجمالية بسيطة جدًّا. ومع ذلك، تستخدم بودرة التلك على نطاق واسع في العديد من مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية، لذلك من المهم معرفة ما إذا كان احتمال الإصابة المرتفع احتمالًا حقيقيًّا. ولا تزال الأبحاث في هذا المجال قائمة.

 

سرطان الرئة

أشارت بعض الدراسات التي أجريت على عمال مناجم مادة التلك وعمال مطاحن التلك إلى ارتفاع في نسبة احتمال الإصابة بسرطان الرئة وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى، في حين لم تجد دراسات أخرى أي ارتفاع في نسبة احتمال الإصابة بسرطان الرئة. وقد شهدت هذه الدراسات بعض التعقيدات بسبب حقيقة أن بودرة التلك في شكلها الطبيعي يمكن أن تحتوي على كميات متفاوتة من الأسبستوس والمعادن الأخرى، بعكس بودرة التلك المنقاة المضافة إلى المنتجات الاستهلاكية الأخرى. عند العمل تحت الأرض في مناجم مادة التلك، يمكن أن يتعرض عمال المناجم أيضًا لمواد أخرى قد تؤثر في احتمال الإصابة بسرطان الرئة، مثل غاز الرادون المسبب لسرطان الرئة. ولا بد  أيضًا من أخذ عوامل احتمال الإصابة بسرطان الرئة الأخرى، مثل التدخين، في الحسبان.

لم يُبلغ عن ارتفاع في نسبة احتمال الإصابة بسرطان الرئة عند استخدام بودرة التلك المستخدمة في مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية.

 

سرطانات أخرى

لم يوجد دليل قوي على أن استخدام بودرة التلك له علاقة بسرطانات أخرى، على الرغم من أن جميع احتمالات علاقة بودرة التلك بالإصابة بأنواع سرطانات أخرى لم تخضع إلى دراسات مفصلة.

أفادت إحدى الدراسات بأن استخدام بودرة التلك على المواضع التناسلية قد يرفع بشكل طفيف من احتمال الإصابة بسرطان بطانة الرحم لدى النساء اللاتي تجاوزن سن اليأس. لكن دراسات أخرى لم تجد مثل هذه العلاقة السببية. هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لاستكشاف هذه العلاقة السببية بشكل أكثر تفصيلًا.

وقد تناولت بعض الأبحاث المحدودة أيضًا في وجود علاقة سببية محتملة بين استنشاق غبار بودرة التلك في العمل وأنواع السرطانات الأخرى، مثل سرطان المعدة وسرطان الظهارة المتوسطة (5) الجنبي (أي سرطان البطانة المحيطة بالرئتين). لكن لا يوجد هناك دليل قوي على مثل هذه العلاقات السببية في الوقت الحالي.

 

مادا تقول الوكالات المتخصصة

تقوم الكثير من الوكالات الوطنية والدولية بدراسة المواد المنتشرة في البيئة لمعرفة ما إذا هي من مسببات السرطان. (المادة المسرطنة هي المادة التي تسبب السرطان أو تساعد على نمو الأورام السرطانية). وتتطلع جمعية السرطان الأمريكية إلى هذه الوكالات لتقييم الاحتمالات بناءً على أدلة من دراسات بحثية مختبرية وحيوانية وبشرية.

الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)(6) هي جزء من منظمة الصحة العالمية (WHO). أحد أهدافها الرئيسة هو التعرف على مسبّبات السرطان.

- تصنف الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) بودرة التلك التي تحتوي على مادة الأسبستوس على أنها مادة مسرطنة للبشر.

- تصنف الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) بودرة التالك على أنها "من المحتمل أن تكون مادة مسرطنة للبشر"، بناءً على أدلة "محدودة" على سرطان (المبيض) الذي يصيب النساء، وأدلة "كافية" على أنها مسببة للسرطان في حيوانات المختبر، وأدلة مخبرية "قوية" على أنها تحتوي على بعض الخصائص الرئيسة للمادة المسرطنة.

- برنامج علم السموم الوطني الأمريكي (NTP) هو برنامج مشترك بين عدة وكالات حكومية مختلفة، بما فيها المعاهد الوطنية للصحة (NIH)، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، وإدارة الغذاء والدواء (FDA). لم  يقم هذا البرنامج بمراجعة بودرة التلك بشكل كامل (سواء أكانت البودرة المختلطة بمادة الأسبستوس أو الخالية منها) باعتبارها مادة مسرطنة محتملة.

(لمزيد من المعلومات حول أنظمة التصنيف التي تستخدمها هذه الوكالات، راجع موقع الجمعية الأمريكية للسرطان لتتعرف على ما إذا كانت مادة من المواد مسرطنة ومسرطنة للبشر سواء أكانت معروفة بأنها كذلك أو محتملة أن تكون كذلك (7)).

 

هل يمكنني تجنب أو الحد من تعرضي لبودرة التلك؟

نتائج الدراسات التي أجريت على الاستخدام الشخصي لبودرة التلك لم تكن نتائج قاطعة، على الرغم من وجود بعض الاقتراحات التي تشير إلى نسبة احتمال مرتفعة للإصابة بسرطان المبيض. هناك بعض الأدلة القليلة جدًّا حاليًّا على أن هناك بعضًا من الأشكال الأخرى من السرطانات لها علاقة سببية باستخدام بودرة التلك.

وإلى أن تتوفر معلومات كافية، الذين يشعرون بالقلق إزاء العلاقة السببية المحتملة بين استخدام بودرة التلك والإصابة بالسرطان قد يختارون تجنب استخدام المنتجات الاستهلاكية التي تحتوي على هذه البودرة أو الحد من استخدامها.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

مصادر من داخل النص وخارجه

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/طلق_(معدن)

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/أسبست

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/دراسة_الحالات_والشواهد

4- https://ar.wikipedia.org/wiki/دراسة_التعرض

5- https://ar.wikipedia.org/wiki/ورم_المتوسطة

6- https://ar.wikipedia.org/wiki/الوكالة_الدولية_لبحوث_السرطان

7- https://www.cancer.org/cancer/risk-prevention/understanding-cancer-risk/known-and-probable-human-carcinogens.html

المصدر الرئيس

https://www.cancer.org/cancer/risk-prevention/chemicals/talcum-powder-and-cancer.html

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد