قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد جواد مغنية
عن الكاتب :
الشيخ محمد جواد مغنية، ولد عام 1322ﻫ في قرية طير دبّا، إحدى قرى جبل عامل في لبنان، درس أوّلاً في مسقط رأسه ثمّ غادر إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته الحوزوية، وحين عاد إلى وطنه، عُيّن قاضيًا شرعيًّا في بيروت، ثمّ مستشارًا للمحكمة الشرعيّة العليا، فرئيسًا لها بالوكالة. من مؤلّفاته: التفسير الكاشف، فقه الإمام الصادق(ع)، في ظلال نهج البلاغة، الفقه على المذاهب الخمسة، علم أصول الفقه في ثوبه الجديد، الإسلام والعقل، معالم الفلسفة الإسلامية، صفحات لوقت الفراغ، في ظلال الصحيفة السجادية، وسوى ذلك الكثير. تُوفّي في التاسع عشر من المحرّم 1400ﻫ في بيروت، ثمّ نُقل إلى النجف الأشرف، وصلّى على جثمانه المرجع الديني السيّد أبو القاسم الخوئي، ودُفن في حجرة 17 بالصحن الحيدري.

أَإِذا كُنَّا عِظاماً ورُفاتاً ؟!

وقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً ورُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (49) قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً (50) أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ ويَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً (51) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً (52) [ الإسراء: 49- 52]

 

اللغة:

 

الرفات هو الذي بلي حتى صار فتاتًا. وفسينغضون إليك رؤوسهم أي يحركونها استهزاء.

 

الإعراب:

 

أئذا كلمتان: همزة الاستفهام، وإذا، وهي ظرف متعلق بمحذوف أي أنبعثُ في ذلك الوقت. والذي فاعل لفعل محذوف أي قل يعيدكم الذي فطركم. واسم عسى ضمير مستتر يعود إلى الوقت الذي دل عليه سياق الكلام. وبحمده في موضع الحال أي فتستجيبون حامدين. وجملة تظنون خبر لمبتدأ محذوف أي وأنتم تظنون، والجملة من المبتدأ وخبره حال من فاعل فتستجيبون. وإن نافية بمعنى ما.

 

المعنى:

 

(وقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً ورُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً). هذه هي حجة من ارتاب بالبعث قديمًا وحديثًا: كيف يعود الإنسان إلى الحياة بعد أن يصبح هباء منثورًا؟. والجواب هو: من قدر على خلق الشيء وإيجاده فبالأولى أن يقدر على جمعه بعد تفرقه. وقد ذكر سبحانه شبهة المنكرين هذه، وجوابها هذا في العديد من الآيات، بعبارات شتى، منها الآية 78 من يس : «قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ».

 

(قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ). يقول سبحانه لمنكري البعث: لو كنتم حجارة أو حديدًا، أو ما هو أكبر عندكم من ذلك - لخلقنا منكم إنسانًا حيًّا مثلكم، ومن يخلق من الحجارة والحديد ومما هو أصلب وأصعب إنسانًا حيًّا فبالأولى أن يعيد الحي بعد موته إلى ما كان عليه من قبل، لأن جمع الشيء بعد تفرق أجزائه أيسر من أن يخلق منه طبيعة جديدة مباينة لطبيعته الأولى.. واختصارًا إن إحياء الإنسان بعد موته أيسر من جعل الحديد إنسانًا، فمن قدر على هذا فبالأولى أن يقدر على ذاك.

 

(فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا) إلى الحياة بعد أن نصبح هباء منثورًا؟. وهذا السؤال يحمل جوابه معه وهو (قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ). فالمعيد هو المبدئ، ونسبة البدء والإعادة إليه واحدة، بل الإعادة بطبعها أيسر لأنها إرجاع ما كان إلى ما كان، أما البدء فخلق وإيجاد.. نقول هذا مع علمنا بأن اللَّه يخلق القليل والكثير، والعظيم والحقير بكلمة «كن فيكون».

 

(فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ) يحركونها استهزاء وتكذيبًا (ويَقُولُونَ مَتى هُوَ) هذا البعث؟. ومرادهم من السؤال الاستبعاد والاستنكار (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) والمراد بالقرب هنا التحقق والوقوع لأن كل آت قريب.

 

(يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ). المراد باليوم يوم البعث، وبالدعاء النفخ في الصور والاستجابة هنا كناية عن خروجهم من القبور، وبحمده أي طائعين منقادين: «ونُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ - 51 يس (وتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) حين يخرج الناس من القبور يظنون أنهم ما أقاموا في دار الدنيا إلا يومًا أو بعض يوم: «قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ» - 113 المؤمنون.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد