الشيخ محمد هادي معرفة ..
الراسخون في العلم هم من لمسوا من المتشابه وجه التشابه فيه أولاً، ثم تمكنوا من الوصول إلى وجه تخريجه الصحيح في نهاية الأمر، لأن فهم السؤال نصف الجواب كما قيل.
إذ الراسخون في العلم هم من عرفوا من قواعد الدين أسسها المكينة، ودرسوا من واقع الشريعة أصول مبانيها الرصينة، ومن ثم إذا ما جوبهوا بما يخالفها في ظاهر اللفظ، عرفوا أن له تأويلاً صحيحاً، يجب التوصل إليه في ضوء تلكم المعارف الأولية، ومن جد في طلب شيء، وكان من أهله، تحصله في نهاية المطاف. أما الجاهل الأعمى فلا يعرف من الدين شيئاً سوى ظواهره، من غير أن يميز بين محكماته والمتشابهات.
والخلاصة: أن العلماء الصادقين، بما أنهم واقفون على قواعد الشريعة، وعارفون بموازين الشرع ومقاييسه الدقيقة، إذا ما عرضت عليهم متشابكات الأمور هم قادرون على استنباط حقائقها وعلى أوجه تخريجاتها الصحيحة.
ومن ثم فإنهم يعلمون تأويل المتشابهات بفضل رسوخهم في فهم حقيقة الدين بعناية رب العالمين ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾، ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى﴾، ﴿الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ﴾، وقد قال تعالى: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا﴾. أوليس العلم بحقائق الشريعة البيضاء من الماء والغدق؟ إنها شربة حياة العلم، يفيضها الإله تعالى على من يشاء من عباده المؤمنين، ويطلعهم على أسرار الملك والملكوت في العالمين.
وأول الراسخين في العلم هو رسول الله صلى الله عليه وآله. قال الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام): (أفضل الراسخين في العلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد علم جميع ما أنزل الله في القرآن من التنزيل والتأويل، وما كان الله لينزل عليه شيئاً لم يعلمه تأويله). ثم باب مدينة علمه أمير المؤمنين (عليه السلام) والأوصياء من بعده (صلوات الله عليهم أجمعين). قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): (إن الله علم نبيه التنزيل والتأويل، فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله علياً عليه السلام وعلمنا).
وهكذا استمر بين أظهر المسلمين- عبر العصور- رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فثبتوا واستقاموا على الطريقة فسقاهم ربهم ماء غدقًا. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين.
وقد جاء التعبير عن علماء أهل الكتاب الربانين بالراسخين في العلم ﴿لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ﴾ دليلاً على أن العلماء العاملين، الذين ساروا على منهج الدين القويم، وكملت معرفتهم بحقائق الشريعة الطاهرة، هم راسخون في العلم، ويعلمون التأويل. قال الإمام الصادق عليه السلام: (نحن الراسخون في العلم، فنحن نعلم تأويله).
وعن ابن عباس تلميذ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: (أنا ممن يعلم تأويله). وفي وصية النبي صلى الله عليه وآله (فما اشتبه عليكم فاسألوا عنه أهل العلم يخبرونكم). فلولا أن في أمته علماء عارفين بتأويل المتشابهات، لما أوصى صلى الله عليه وآله بمراجعتهم في حل متشابكات الأمور والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
الشيخ مرتضى الباشا
إيمان شمس الدين
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطهراني
الفيض الكاشاني
الشيخ محمد هادي معرفة
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ عبد الجليل البن سعد: القيم والتقوى: ركائز الأمان والتمييز في بحور النفس والمجتمع
عبور لنهر هيراقليطس، أمسية لهادي رسول في الخبر
برنامج أسريّ بعنوان: (مودّة ورحمة) في جمعيّة تاروت الخيريّة
المشكلة الإنسانية، جديد الدكتور حسن العبندي
الأسرة الدافئة (2)
السّيادة والتّسيّد وإشكاليّات التّغيير، الزهراء عليها السلام نموذجًا (2)
حبيبة الحبيب
السيدةُ الزهراءُ: دُرّةَ تاجِ الجَلال
السّيادة والتّسيّد وإشكاليّات التّغيير، الزهراء عليها السلام نموذجًا (1)
نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته