الشيخ محمد صنقور ..
المسألة:
ورد في الكثير من المصادر أنَّ الله تعالى كلَّم رسولَه الأعظم (ص) في جملةٍ من الأمور فكيف كانت طريقةُ الكلام أي كيف دار الحوارُ؟ فهل هو نفس كلام الآدمييِّن أم ماذا؟
الجواب:
نعم ورد في العديد من الروايات أنَّ الله تعالى كلَّم نبيَّه محمدًا (ص) ليلة المعراج مشافهةً، فمن ذلك ما ورد في مُعَاوِيَةَ بن عمَّار عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (ع) قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (ص) لَقَدْ أَسْرَى رَبِّي بِي فَأَوْحَى إِلَيَّ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ مَا أَوْحَى وشَافَهَنِي إِلَى أَنْ قَالَ لِي يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَذَلَّ لِي وَلِيًّا فَقَدْ أَرْصَدَنِي بِالْمُحَارَبَةِ ومَنْ حَارَبَنِي حَارَبْتُه قُلْتُ: يَا رَبِّ ومَنْ وَلِيُّكَ هَذَا فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ مَنْ حَارَبَكَ حَارَبْتَه؟ قَالَ لِي: ذَاكَ مَنْ أَخَذْتُ مِيثَاقَه لَكَ ولِوَصِيِّكَ ولِذُرِّيَّتِكُمَا بِالْوَلَايَةِ"(1).
ومعنى تكليم الله تعالى نبيَّه (ص) مشافهةً هو أنَّه خاطبَه بكلامٍ مسموع دون توسُّط مَلَكٍ من الملائكة كما خاطَب موسى (ع) بكلامٍ مسموعٍ عند جبل الطور، وليس معنى تكليمه لنبيِّه (ص) أنَّ الكلام قد صدَرَ عن جارحةِ لسان كما هو شأنُ الإنسان، تعالى اللهُ عن ذلك علوًّا كبيرا، فالكلامُ عن جارحةِ اللسان إنَّما يليقُ بمَن له جسمٌ، واللهُ جلَّ وعلا مُنزَّهٌ عن التجسُّم، فمعنى صدورِ الكلامِ عن اللهِ تعالى هو إحداثه للكلام وإيجادُه له ابتداءً، كما هو الشأنُ في خلقه للأشياء، فكما أنَّ خلقه للإنسانِ والشمسِ والقمر والسماءِ والأرض لا يعني أنَّه اعتمد في ذلك يدًا أو جارحةً وإنَّما كان خلقُه للأشياء بمعنى إحداثه وايجادِه لها، يقولُ تعالى: ﴿كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾(2) ويقولُ جلَّ وعلا: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾(3) فهو تعالى تعالى إذا أراد أن يُكلِّم عبدًا من عباده أوجدَ الكلام إيجادًا من غير جارحةِ لسانٍ وشفةٍ كما أفاد أميرُ المؤمنين (ع) في نهج البلاغة: "الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا وأَرَاه مِنْ آيَاتِه عَظِيمًا بِلَا جَوَارِحَ ولَا أَدَوَاتٍ ولَا نُطْقٍ ولَا لَهَوَاتٍ"(4).
وكما أفاد الإمام الرضا (ع): ".. ومعاذ الله أنْ يُشبهَ خلقَه، أو يتكلَّمَ بمثل ما هم به مُتكلمونَ، ولكنَّه تبارك وتعالى ليس كمثلِه شيءٌ، ولا كمثلِه قائلٌ ولا فاعل. قال السائلُ: كيف ذلك؟
قال: كلامُ الخالقِ لمخلوقٍ ليس ككلامِ المخلوقِ لمخلوقٍ، ولا يلفظُ بشقِّ فمٍ ولسانٍ، ولكن يقولُ له: (كنْ) فكاَن بمشيتِه، ما خاطبَ به موسى (عليه السلام) من الأمرِ والنهيِّ من غيرِ تردُّدٍ في نفَسٍ.." (5).
فنسبةُ الله تعالى الكلامَ لنفسِه كنسبتِه لنفسه وصفَ الزارع في قوله تعالى: ﴿أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾(6) فكما أنَّ هذه النسبة لا تعني أنَّ له تعالى يدًا حرثت الأرض وبذَرت البذور وغرست الأشجار وإنَّما أراد من هذه النسبة الإشارةَ إلى أنَّه المُوجد للزرع كذلك هو الشأنُ في نسبة الكلام لنفسِه فهو تعالى قد أراد من ذلك أنَّه أوجد الكلامَ إيجادًا وأحدثه ابتداءً دون أنْ يكونَ ذلك الكلامُ معتمِدًا في صدوره على جارحةِ لسانٍ أو شفةٍ بل هو صوتٌ قد خلقَه اللهُ تعالى بإرادتِه فتلقَّاه النبيُّ (ص) وفهِم معناه.
____________________________________
1- الكافي - الشّيخ الكليني: ج2 / ص353.
2- آل عمران/47.
3- النحل/40.
4- شرح نهج البلاغة - ابن ميثم البحراني: ج3 / ص382.
5- الاحتجاج - الشّيخ الطّبرسي: ج2 / ص158.
6- الواقعة/64.
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ حسن المصطفوي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الفيض الكاشاني
السيد جعفر مرتضى
الشيخ جعفر السبحاني
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
أيها الشباب احذروا
التشاور مع الشباب
آيات الله في خلق الجبال (1)
معنى (عضد) في القرآن الكريم
الشّيخ صالح آل إبراهيم: إصلاح النّفس أساس كلّ تغيير إيجابيّ
(سباحة في بحر الوجود) جديد الكاتب فاضل الجميعي
(فنّ التّخطيط الإستراتيجيّ بعدسة هندسة الفكر) جديد الكاتب عبد المحسن صالح الخضر
تشخيص المجاز العقلي في القرآن وعند العرب
معنى قوله تعالى: ﴿فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي﴾
إنجاز دوليّ جديد للفنّان أمين الحبارة