قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إيمان شمس الدين
عن الكاتب :
باحثة في الفكر الديني والسياسي وكاتبة في جريدة القبس الكويتية

وقفة بين الواقع والقرآن

في قصة نبي الله موسى (ع)، منهج جميل في طرح الحقيقية المخالفة للمألوف والمشهور الذي فرضه فرعون، واتّبعه الناس دون إعقال، ومكّنته النخب بما تمتلكه من قدرات وعلم في زمانها.

فحينما جاء موسى (ع) بحقيقة التوحيد، وصفه فرعون  – الإله – بداية بالجنون، (إسقاط اجتماعي)، لكن موسى استمر بطرح حقائقه مطالبًا إدراكها بالعقل (استخدام العقل ودوره في ادراك الحقائق)، ثم هدده فرعون بالسجن، لكن موسى (ع) رد عليه بأن لديه دليلًا مبينًا، ومبين هنا تعني أنه قطعي، يدركه العقل والقلب والوجدان والفطرة ( دليل محيط راسخ).

هذا فضلًا عن أن منهج موسى (ع) مع فرعون (الإله)، كان ”"وقل لهم قولا لينًا"، وهي الطريق الأولي الأساسي في تذليل العقبات أمام أعتى سلطة، حتى تُطْرَحْ الحقائق في جو حواري هادئ غير متشنج، يمكن للعقل فيه أن يركز على طبيعة ما يطرح.

أدلة موسى (ع) كانت حسية مناسبة للزمان والمكان، ولدور الحس في معارف العقل، ثم استمر فرعون باتهاماته لموسى وإسقاطه اجتماعيًّا.

ثم قام فرعون بحشد كل السحرة لمواجهة فرعون، بدل أن يحشد العقول والبراهين، كان هدفه أسقاط موسى، مرسّخًا منهجًا على أساس الغلبة العددية، لا الغلبة النوعية بالدليل العقلي.

 

السحرة الذين هم من طبقة اجتماعية لها وجودها الاجتماعي المؤثر، طلبوا أجرًا مقابل غلبتهم، فأجابهم بالرض،ا بل أغراهم بتقريبهم إليه، لكن أدلة موسى (ع) وبراهينه العقلية وحقيقته غلبت أوهامهم، وأول من آمن بموسى (ع) كان السحرة لإدراكهم حقيقته.. كونهم الأجدر بمعرفة أن ما لديهم هو وهم.

لو قمنا بمقاربة بين هذه القصة والواقع في كل تمظهراته السياسية والفكرية والدينية سنجد التالي:

على المستوى السياسي نجد المنهج الفرعوني قائمًا بكل تجلياته، حيث ترميز كثير من السياسيين وتصنيمهم، والتفاف مثقّفي السلطة حول أصنامهم مقابل المال والمنصب، لتكريس سلطتهم رغم فسادها، ومواجهة كل محاولات الإصلاح ومحاربة الفساد بالإسقاط بأشكاله كافة وبالسجن، وبمحاولة الاغتيال والقمع والإغراء المادي.

على المستوى الفكري، هناك حالة تضخيم تحوّل الأفكار إلى أصنام خارج دائرة النقد والتقييم، وتحوّل الأشخاص إلى آلهة، وتواجه الأفكار المخالفة للمشهور أو غير المألوفه لعموم الناس.

مواجهة شخصانية تسقط صاحب الفكرة دون أن تناقش أفكاره بالدليل والبرهان. ومن ثم يجتمع سحرة الفكر لمواجهة ذلك الشخص بكل ما يملكون من أدوات معرفية، لكن ليس بمطارحة البرهان بمثله، وإنما بإثبات فساد وجهل صاحب هذه الأفكار.

في المؤسسات الدينية تتجلى الحالة على أشدها، حيث فتاوى التضليل ومواجهة ما يخالف المشهور والمألوف، بالإسقاط الاجتماعي غالبًا، وبفتاوى تمنع قراءة بعض الكتب، وبمواجهات بعيدة عن المنهج المعرفي القائم على "قل هاتوا برهانكم" ولعلهم يعقلون.

لذلك تعدّ الفرعونية منهجًا وليس فقط شخصًا، وتكرار هذه القصة مرارًا، يوجه العقل لمنهجها، ويوضح آليات مواجهة الحالة الفرعونية.

والله أعلم.

 

المنهج في الحوار:

الحوار القائم على الدليل المبين

التسليم على أساس البرهان لا الكثرة.

استخدام العقل

 

منهج مواجهة الحقيقة:

الإسقاط الاجتماعي.

الكثرة

مواجهة الأشخاص بكل الإمكانات المتاحة لا مواجهة الأفكار.

تعطيل العقل والإرهاب الفكري والجسدي، ومحاصرة الحقيقة بالقوة والوهم.

 

دور نخب السلطة:

الإغراء المالي

المناصب

تكريس ما تتبناه السلطة على حساب الحقيقة

مواجهة الحقيقة بتزويقات لغوية وأوهام تسقط عند أول دليل عقلي منطقي.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد