
هناك الكثير من الروايات التي تؤكد، على علم سلمان الفارسيّ وفضله، ومقامه الشامخ في الإيمان، والإسلام، والمعرفة.. وعلى زهده، وتقواه، وعلى كريم خصاله، وحميد فعاله..
وهناك أيضاً أحداث، وقضايا، ومواقف كثيرة تثبت ذلك، وتؤكده، كما وتثبت بُعد نظره رحمه الله، وثاقب فكره، ونفاذ بصيرته..
ولا نريد هنا: أن نستقصي ذلك كلّه بالدراسة والتحليل، فانه أمر متعسر، بل متعذر علينا فعلاً، وإنما نريد ذكر نموذج من ذلك، تذكرة لأنفسنا، ووفاء منّا للحقيقة وللتاريخ، ونترك سائر ذلك إلى جهد الباحثين، وعناء الدارسين.. فنقول:
إذا اقتتل القرآن والسلطان:
قال سلمان لزيد بن صوحان: كيف أنت يا زيد إذا اقتتل القرآن والسلطان؟!
قال: أكون مع القرآن.
قال: نعم الزيد أنت إذن.
إن هذا النص يعطينا: أن سلمان قد وضع إصبعه على أمر دقيق، وهام للغاية، وله دور أساس ورئيس في تكوين شخصية الإنسان المسلم، وله تأثير مباشر، وقوي فيما يتخذه من مواقف، وفيما يقوم به من أعمال.
ثم هو يمسّ بالتالي، مستقبل الأمة الإسلامية، ومصيرها، ومستوى ومنطلق ونوع تعاملها في القضايا الكبرى، التي تواجهها، هذا.. عدا عن مساسه بالتركيبة السياسية، التي لا بد وأن تترك آثاراً كبيرة وعميقة على المجتمع المسلم، وعلى جميع خصائصه، وأوضاعه بصور عامة.
وذلك لأن إلقاء نظرة فاحصة على حالات الناس وأفكارهم، وخصوصاً في تلك الفترة، توضح لنا: أن الناس كانوا على حالات شتى.
ففريق منهم لا يرى الحق والخير، إلا من خلال ذاته، ونفسه، فهو المعيار، والميزان، والمحور لذلك، فبمقدار ما يجلب له نفعاً، ويدفع عنه ضرّاً في هذه الحياة الدنيا، فهو خير، وحق، وحسن ومقبول، تجب نصرته على كل أحد، ولا ضير في أن يضحي الآخرون بكل غالٍ، ونفيس، ـ حتى بأنفسهم ـ من أجله، وفي سبيله.. شرط أن لا تصل النوبة إلى شخص هؤلاء بالذات، لأن المفروض هو أن المسؤولية، كل المسؤولية، تقع على عاتق الآخرين دونهم.
وهكذا.. فإن القرآن والإسلام لا يمثلان لهذا النوع من الناس شيئاً، إلا بالمقدار الذي يتفق مع هذه النظرة، ويحقق لهم هذه النتائج، حتى إذا رأوا: أن مصالحهم الخاصة ومآربهم الشخصية تتعرض للخطر، فإن على القرآن، والإسلام، والحق التراجع، والاعتراف بالخطأ، والإسراف فيه، وحيث لابد من احترام القرآن والإسلام، فلا أقل من اتهام المسلمين، والعلماء، وغيرهم بالخطأ، أو بتعمد الخطأ في فهمهما..
وفريق آخر: يرى: أن الحق كل الحق دائماً في جانب القوي، ومعه؛ فلابد من إعطاء الحق لذي الحق مهما كلّف الأمر، ومهما تكن النتائج.
وذلك بسبب ضعف في نفوس هذا النوع من الناس، وانهزام في ذواتهم وشخصياتهم..
وفريق ثالث: قد أحاط الحاكم بهالة من الاحترام والقداسة، لا لشيء إلا لأنه حاكم ومتسلط، ويدين الله بالخضوع له، والالتزام بأوامره، والانتهاء إلى نواهيه؛ وذلك لأنه قد خدع بما حاول الحكام أن يشيعوه، من أن سلطتهم سلطة إلهية، مفروضة على الناس، لا يمكن لهم الخلاص منها، لأن تلك هي إرادة الله سبحانه ومن هنا.. فإن الله سبحانه قد طلب من الناس أن يُدخلوا في عقائدهم وأحكامهم، عقيدة عدم جواز الخروج على السلطان، من كان، ومهما كان، لأنه يمثل إرادة الله سبحانه على الأرض، فمعصيته، والاعتراض عليه يوجب العقاب والعذاب الأليم يوم القيامة.. بل لقد حاول البعض أن يقول: إنه ليس على السلطان ـ الخليفة ـ عذاب ولا عقاب يوم القيامة، مهما فعل من موبقات، ومهما اقترف من جرائم.
وبعد ذلك كله.. فقد كان سلمان يعي وجود هذه التيّارات المنحرفة في المجتمع الإسلامي، ويعرف في المسلمين ما يعطي أن كثيراً منهم يتعامل مع الأمور من خلال هذه النظرة، أو النظرية، أو تلك..
وهو يعتبر: أن ذلك انحراف عن الخط الإسلامي القويم، لأن الإسلام يرفض: أن يعتبر الإنسان نفسه وذاته كشخص، محوراً للحق والباطل، والخير والشر.
ويرفض أيضاً: أن يصبح الإنسان المسلم على درجة من الضعف والانهزام، إلى حدّ أن يعتقد: أن الحق للقوي، ومعه..
ويرفض كذلك: تقديس الحاكم لمجرد كونه حاكماً، فإن القداسة ما هي إلا بالتزام طريق الاستقامة والتقوى، والعمل الصالح..
كما ويرفض أيضاً: نظرية الجبر الإلهي، في حاكمية الطغاة، والجبارين، والمستبدين، والمنحرفين..
نعم.. إن سلمان يعي ذلك كله.. فينطلق من موقع المربي، والمسؤول، في محاولة اكتشاف أي خلل أو خطل حتى في مثل شخصية زيد الرجل العظيم، والمتميز، فيحاول أن يثير فكره ووعيه، وأن يرصده بدقة ليعرف إن كانت شخصيته قد تلوثت بهذه الأوبئة، وتأثرت بهاتيك الانحرافات.. من أجل أن يعالجه بالدواء الناجع، بعد معرفة الداء، إن كان.
شكل القرآن الكريم (2)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
محمود حيدر
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
معنى (لمز) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي
عدنان الحاجي
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)
الهداية والإضلال
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
(قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
الذنوب التي تهتك العصم