الشيخ علي الكوراني
لماذا الوحي في طريق المدينة.. والصحراء، والظهيرة؟
والجواب: إن الله تعالى قال بذلك لرسوله: المدينة أيها الرسول مثل مكة، فإن بلَّغت ولاية عترتك فيها، فقد تعلن قريش معارضتها، ثم رِدًّتها! فموقفها من عترتك جازم، ومستميت.. وبما أن واجبك التبليغ مجرد التبليغ، وإنما بعثت للتبليغ، فهو ممكنٌ هنا.. والزمان والمكان هنا مناسبان من جهات شتى، فبلغ ولا تؤخر.
ومن أجل أن تكمل التبليغ وتفهمهم رسالتي.. سوف أعصمك من قريش، وأمسك بقلوبها وأذهانها، وألجم شياطينها الحاضرين، وأعالج آثار التبليغ، وأحفظ نبوتك فيها.. ثم أملي لها بعدك، فتأخذ دولتك وتضطهد عترتك.. حتى يتحقق في أمتك وفي عترتك ما أريد! ثم أبعث المهدي فيهم فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً! ولا أسأل عما أفعل، وهم يسألون.
والسؤال هنا: كيف تمت عصمة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله من قريش، فلم يحدث تشويش، ولم يقم معترض..؟!
صحيح أن ثقل زعماء قريش كانوا في مكة، لكن بعضهم كان في قافلة الرسول صلى الله عليه وآله، وكان فيها قرشيون مهاجرون مؤيدون لهم! فكيف سكتت قريش وضبطت أعصابها، وهي تسمع تبليغ الرسول في علي والعترة؟! ثم أشهدها النبي صلى الله عليه وآله على تبليغ ذلك.. فشهدت. ثم طلب منها أن تبلغ الغائبين.. فوعدت. ثم جاءت إلى خيمة علي وهنأته بالولاية، وإمرة المؤمنين؟!
الجواب: أنه تعالى أراد للرسالة أن تصل، وللحجة أن تقام، وأن يبقى رسوله صلى الله عليه وآله محفوظ الشخصية، سالم النبوة.. فأسكت الله قريشاً بقدرته المطلقة، وكمَّمَ أفواهها في غدير خم.
والظاهر أن قريشاً أخذت تقنع نفسها بأن المسألة في غدير خم، ليست أكثر من إعلانٍ وإعلامٍ، يضاف إلى إعلانات حجة الوداع.. وأن النبي صلى الله عليه وآله ما زال حياًّ.. فإن مات، فلكل حادثٍ حديث..
وعندما أرادت قريش أن تخرج عن سكوتها، وتخطو خطوةً نحو الردة.. أنزل الله على ناطقها الرسمي النضر بن الحارث حجراً من سجيل فأهلكه، وأرسل على آخر ناراً فأحرقته! فزاد ذلك من قناعة قريش بالسكوت فعلاً عن ولاية العترة! أما النبي صلى الله عليه وآله فكان تفكيره رسولياً، وليس قرشياً..
لقد ارتاح ضميره بأنه بلغ رسالة ربه كما أمره، واتقى غضب ربه وعذابه.. واغرورقت عيناه بدموع الفرح والخشوع، لأن الله رضي عنه بإعلان ولاية علي، وأنزل عليه آية إكمال الدين وإتمام النعمة، فأخبره بأن مهمته وصلت إلى ختامها..
كان النبي صلى الله عليه وآله في عيد، لأنه أدى رسالة من أصعب رسالات ربه، فرضي عنه، وقد تكون أصعب رسالة عليه في عمره النبوي على الإطلاق!
وتمت المسألة بسلامٍ ولم تقم قائمة قريش، ولم يصب جابر بن سمرة وغيره بالصمم من لغط الناس عند سماع كلمة عترتي أهل بيتي، أو كلمة علي، أو بني هاشم. ولم تحدث حركة عصيان منظمة، كما حدثت في المدينة عندما طلب النبي صلى الله عليه وآله قبل وفاته بأربعة أيام، أن يأتوه بدواة وقرطاس ليكتب لهم كتابًا لن يضلوا بعده أبداً.. ولم تحدث حركة ردة نهائياً، والحمد لله.
ارتاح ضمير النبي صلى الله عليه وآله بأنه بلغ رسالة ربه كما أمره.. وهذه هي الرسالة التي روى الحسن البصري أن الله أمر رسوله بها فضاق بها صدره، فتوعده ربه بالعذاب إن لم يبلغها، فخاف ربه وصدع بها.. ولكن الحسن البصري كما قال الراوي راغ عنها، ولم يخبرهم ما هي!
وكل غلمان قريش إخوة الحسن البصري الفارسي، يراوغون فيها وفي أمثالها، ويخفون ما أنزل الله تعالى في عترة نبيه صلى الله عليه وآله! كان النبي صلى الله عليه وآله يفكر ربانياً بمستوى أعلى من البيعة.. يفكر على مستوى الأمر الإلهي والاختيار الإلهي، الذي لا خيرة فيه لأحد، ولا محل فيه للبيعة، إلا إذا طلبها من الناس النبي أو الوصي، فتجب. فهذا هو منطق التبليغ، وحسب!
ولذلك لم يشاورهم النبي صلى الله عليه وآله في بيعة علي، لأن اختيار الله تعالى لا يحتاج إلى مشورتهم، ولا بيعتهم، ولا رضاهم.. لقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله أن يشاورهم ليتألفهم، ويسيروا معه في الطريق الصحيح.. وأمره: إذا عزمت فتوكل، ولا تسمع لكلام مخلوق لأنك تسير بهدى الخالق!
أما إذا عزم الله تعالى واختار للأمة ولياً بعد نبيه صلى الله عليه وآله، وقال لنبيه بلغ ولا تخف، ولست مسؤولاً عن إطاعة من أطاع ومعصية من عصى.. فهل يبقى للمشاورة محل من الإعراب؟! وهل يبقي للبيعة محل من الإعراب؟!
لقد طلب منهم الرسول صلى الله عليه وآله تهنئة علي عليه السلام إقراراً بالاختيار الإلهي، وهي تهنئةٌ أقوى من البيعة، وألزم منها للأعناق.. ثم ليفعلوا بعدها ما يحلو لهم.. فإنما على النبي صلى الله عليه وآله أن يبلغهم، وحسابهم على من يملك كل الأوراق، ويملك الدنيا والآخرة، ويفعل ما يريد.. سبحانه وتعالى.
وتدل رواياتنا على أنه صلى الله عليه وآله طلب منهم مع التهنئة البيعة، فيكون معناها أنه طلب منهم أيضًا إعلان التزامهم بإطاعة علي عليه السلام.. فأعلنوا.. ولكن الأمر لا يختلف من ناحية شرعية وحقوقية، فسواء أمرهم النبي صلى الله عليه وآله ببيعة علي عليه السلام أم أمرهم بتهنئته فقط.. فإن تبليغ الولاية أقوى من التهنئة، والتهنئة أقوى من البيعة.. فالتبليغ اصطفاء، والتهنئة اعتراف وتبريك.. والبيعة تعهد بالالتزام.
لقد سكتت قريش آنياً بسبب أنها لم تكن حاضرةً كلّها في الجحفة.. وبسبب عنصر المفاجأة، وظرف المكان والزمان! ولعلها كانت تقنع نفسها بأن منطق التفكير النبوي يبقي لها مساحة للعمل.. ذلك أن التبليغ وإتمام الحجة كلام تركيٌّ عند قريش الناطقة بالضاد!
وحتى التهنئة بالولاية والبيعة المأمور بها من النبي صلى الله عليه وآله يمكن لقريش أن تجعلها مثل المراسم الدينية الأخرى الشكلية، وتجردها من معنى إمامة علي وقيادة عترة النبي صلى الله عليه وآله من بعده! فالباب في تصور قريش ما زال مفتوحاً أمامها للتصرف!
السيد عباس نور الدين
السيد محمد حسين الطهراني
حيدر حب الله
محمود حيدر
الشيخ علي رضا بناهيان
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الفيض الكاشاني
الشيخ علي المشكيني
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
وراثة رسول الله تعني قيادة المشروع الإلهيّ من بعده
يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات
ما نُوديَ بشيء مثلَ ما نُوديَ بالولاية
حقيقة الولاية: غديريّة السيّد علي القاضي
لماذا الجحفة وغدير خم؟
الغدير: يوم حاكميّة الإسلام
الغدير في عيون الشعراء
أرسل هواك إلى الغدير
الرؤية الكونية
كيف يمكن إثبات القصص القرآني؟