هو ثالث الأصول الأربعة في الحديث عند الشيعة الإمامية، المتواترة النسبة إلى مؤلّفيها بنحو القطع، وهو مشتمل على عدّة من كتب الفقه كما صرّح بذلك الشيخ الطوسي نفسه في كتابه الفهرست، إذ ترجم لنفسه، وعدّ مصنّفاته بقوله: «.. له مصنّفات، منها: كتاب تهذيب الأحكام وهو مشتمل على عدّة كتب من كتب الفقه» (الفهرست : 159 - 160 رقم 699).
ثمّ ذكرها ابتداءً بكتاب الطهارة، وانتهاءً بكتاب الديات، فكانت ثلاثة وعشرين كتاباً، وهي في المطبوع كذلك.
وقد أحصى العلّامة النوري في كتابه خاتمة المستدرك عدّة أبواب وأحاديث التهذيب، فبلغت (393) باباً ، و (13590) حديثاً (خاتمة مستدرك الوسائل 6 : 415 ، من الفائدة السادسة)، وهناك بعض التفاوت اليسير بين هذا الإحصاء، وبين ما في المطبوع، وقد وقع نظيره في عدّة أبواب وأحاديث الاستبصار....
وهذا الكتاب.. يُعدّ أوّل مؤلّفات الشيخ الطوسي قاطبة؛ لأنّه أرجع في أغلب كتبه إليه، ولم يُرجع فيه إلى أيّ منها، كما أنّه ابتدأ به عند عدّ مؤلّفاته في الفهرست، زيادة على أنّه شرع بتأليفه في حياة أستاذه الشيخ المفيد أبان فترة تلمذته عليه كما هو ظاهر من نقل عبارات الشيخ المفيد في كتابه المقنعة مقرونة بالدعاء له والتأييد، كما في سائر العبارات المنقولة عنه في الجزء الأوّل وبداية الثاني من التهذيب، ثمّ بدأ بالترحّم على روح شيخه المفيد في باب فرض الصلاة في السفر، وهكذا إلى آخر الكتاب، وهذا يعني وفاة الأستاذ والشيخ بعدُ لم يتمّ كتاب الصلاة.
وبما أنّ عمره يوم وفاة أستاذه المفيد ثمانية وعشرون عاماً - وهو لا يكفي لأكثر من التهذيب مع التلمذة -، فيعلم منه أنّه شرع في تأليف التهذيب وهو دون هذا السنّ، ولكن لا يعلم بالضبط في أيّة سنة من السنوات الخمس التي قضاها تحت رعاية الشيخ المفيد، ولعلّ احتمال السنة الأولى، أو الثانية هو الأرجح من السنوات الثلاث الأخر؛ بلحاظ ما يتقدّم - عادة - على التصنيف من وقت كثير لجمع مادّته، وهو غالباً ما يستنزف الجهد الكثير لتتبّع المصادر، لا سيّما إذا كان مشروع البحث الحديث، لكثرة موارده وشوارده، فكيف لو كان الأمر متعلّقاً بكتاب مثل التهذيب الذي لم يكن مجرّد شرح لمتن فقهي؟ وإنّما كان لأغراض وأهداف كبيرة.
وإذا ما نظرنا إلى ما في تهذيب الأحكام من ميزات، زيادة على ما فيه من لفتات الاستدلال البارعة مع التفنّن بطرق الجمع والترجيح المتعدّدة، وتتبّع آلاف الروايات المتّفقة والمختلفة، وروايتها عن عشرات المشايخ وربط حديثهم بمصادره عبر سلاسل الرواة؛ تعلم عبقرية الشيخ الطوسي وهو في هذه المرحلة المبكّرة من العمر.
وغرضنا من التعرّض لمثل هذه الأمور ونظائرها التي قد تبدو قليلة الأهمية في بيان دور شيخ الطائفة في الحديث وعلومه، إنّما هو لأجل اكتمال الصورة حول توجّهه الكامل إلى خدمة الحديث الشريف في حياته العلمية كلّها، ابتداء من الشروع بتأليف التهذيب في سنّ التلمذة على يد الشيخ المفيد، ثمّ الإبداع النادر في الاستبصار في عهد السيّد المرتضى.
ومع الالتفات إلى أهميّة موضوع الإمام المهدي عند الشيعة، نفهم سبب تأليف الطوسي لكتاب الغيبة أثناء زعامته الدينية المطلقة ببغداد، ولم تتعبه السنوات العجاف التي سادت فيها الفوضى بدخول السلاجقة إلى بغداد، فهاجر إلى النجف ليواصل عطاءه العلمي، فترك لنا من الحديث - بعد أن قارب السبعين خريفاً - كتابه الأمالي أو المجالس في الأخبار.
وفي الاستبصار رأى أن يجمع الأخبار المختلفة والمتعارضة ليبيّن حقيقتها وواقعها بطريقة جديدة، حتّى أصبح الاستبصار فريداً في بابه، بشهادة أهل الحديث وأربابه. وأما التهذيب، فنجد الشيخ فيه يجمع بين الحديث والفقه وبين الرواية والدراية. فمع كونه كتاباً حديثياً، إلّا أنّه ضمّ بين دفتيه دفاعاً محكماً عن آرائه في سائر الفروع الفقهية ابتداءً من الطهارة وانتهاءً بالديات، وذلك بجمع أدلّتها من الحديث الصحيح المسند مع تضعيف ما خالفها أو تأويله بكل دقّة وتفصيل.
ومن هنا وقف فحول العلماء إزاء التهذيب والاستبصار معاً موقف الإعجاب الشديد، ولا بأس بنقل ما قاله واحد منهم، وإن لم يكن الغرض تفصيل أقوالهم.
قال السيّد بحر العلوم في الفوائد الرجالية عن دور الشيخ الطوسي في الحديث: وأمّا الحديث، فإليه تُشد الرحال، وبه تبلغ غاية الآمال، وله فيه من الكتب الأربعة - التي هي أعظم كتب الحديث منزلة، وأكثرها منفعة -: كتاب التهذيب وكتاب الاستبصار، ولهما المزيّة الظاهرة باستقصاء ما يتعلّق بالفروع من الأخبار، خصوصاً التهذيب، فإنّه كافٍ (كان) للفقيه فيما يبتغيه من روايات الأحكام مغنياً عمّا سواه في الغالب، ولا يغني عنه غيره في هذا المرام، مضافاً إلى ما اشتمل عليه الكتابان من الفقه والاستدلال، والتنبيه على الأصول والرجال، والتوفيق بين الأخبار، والجمع بينها بشاهد النقل أو الاعتبار (الفوائد الرجالية 3 : 229).
ومن هنا اعتمد التهذيب بشكل مباشر فطاحل الفقهاء، قال السيّد محسن الأمين العاملي عن هذه الظاهرة: «وكفى أنّ العلّامة الحلّي جعله موضع اعتماده وحده في نقل الأحاديث في كتاب التذكرة إلّا ما شذّ» (أعيان الشيعة 9 : 161).
الشيخ محمد جواد البلاغي
د. حسن أحمد جواد اللواتي
الأستاذ عبد الوهاب حسين
محمود حيدر
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد منير الخباز القطيفي
عدنان الحاجي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
السيد محمد باقر الحكيم
الشيخ محمد هادي معرفة
عبدالله طاهر المعيبد
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
امتياز القران عن غيره من المعجزات
لماذا نقرأ؟
إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا
بين تفكيكيَّة دريدا وعرفانيَّة دو سارتو
من سيرة الإمام الكاظم عليه السلام
الاستشعار بالمسؤولية في كلام الإمام الكاظم عليه السلام
سبب تأخّر ظهور الحيوانات والنّباتات البرّيّة
الإمام الكاظم (ع) في مملكة هارون الرشيد (2)
العزلة والرهبنة
سيرة الجسر