
إيمان شمس الدين ..
المنهج السياسي في بناء الدولة العادلة:
الوثيقة صادرة من حاكم للدولة الإسلامية هو الإمام علي (ع)، لمن اختاره كوال على أحد الأمصار التابعة للدولة، وهنا عدة أبعاد أهمها:
1. الشخصية التي تم اختيارها للحكم هي شخصية مالك الأشتر وهي من الشخصيات التي نقل لنا التاريخ عنها ثباتها وصلابتها في الحق وتطبيق شرع الله، ونزاهتها ومستوى أخلاقياتها العالي الذي عكسته أحداث تاريخية موثقة حول هذه الشخصية، إذًا هو شخصية كفوءة لا تنتمى لعائلة الحاكم ولا إلى وجهاء الدولة، بل انتماؤها للحق ومدى القرب منه، (مبدأ الكفاءة لا العصبيات).
2. وأي شخصية تكون قريبة من حاكم ك علي (ع)، ويتم تكليفها بمهمة من قبل الإمام كمهمة الحكم يلاحظ تشديد الإمام (ع) على تلك الشخصيات في التوصيات والتوجيهات خاصة التي تتولى مناصب عالية في الدولة (مبدأ التكليف لا التشريف)، حيث تركز توصيات وتوجيهات الإمام على عدة جوانب :
- الجانب النفسي والتركيز على عدالة النفس واعتدالها، وعلى الضبط وفق قواعد الحق والإنصاف.
- الجانب الاجتماعي المتمثل بالشعب والمحيط الخارجي للحاكم، حيث يتم التركيز على المساواة في أدق تفاصيلها، لدرجة طلب الإمام من مالك المساواة في النظر بين الجميع، حتى لا يظن أحدهم بتفاضله على الآخر فيحدث في نفسه أثرًا يوهمه بتميزه عن غيره، وعلى تحقيق العدالة الشاملة في كافة مستوياتها، وبناء مجتمع متضامن يشكل نواة الجماعة الصالحة التي تعاضد الأنوية الأخرى المنتمية للدولة الإسلامية، لتشكل بمجموعها الأمة الهادية والمهدية.
- الجانب القضائي الذي يمارس دوره في حل مشاكل الناس، ويفصل في منازعاتهم، وأيضًا يستقبل شكاوى الناس عن الحاكم وجهازه وينظر فيها بإنصاف وعدالة، وكيف يجب تحصين جبهة القضاء سواء تحصين ذاتي لأفرادها بتوفير الاكتفاء المادي، واختيار القضاة وفق معايير دقيقة تنظر لتقوى القاضي وانضباطه الشرعي وفق حكم الله لا فقط لشهادته وحصيلته العلمية والخبروية، أو على المستوى الخارجي بتوفير الأمن والحماية والتحصين الذي يقلل من مخاطر الاختراق وشراء الذمم وتحريف الأحكام عن مسار الحق والعدالة.
- الجانب الاقتصادي المتمثل ببيت مال المسلمين، وكيفية الحفاظ على هذه الأمانة، وأهمية نزاهة كف الحاكم في ردع الآخرين عن التسلق على أموال المسلمين.
3. عدم محاباة الإمام لمالك رغم قربه منه، واعتماد معيار. الحق والباطل وتحقيق العدالة وفوقهما رضا الله مرجعية في تقريب هذا الوالي وتثبيته أو عزله وتنحيته بشكل صريح( مبدأ الثواب والعقاب).
4. التركيز على النهوض بوعي الجمهور ليمارس دوره الرقابي على الحاكم وجهازه، ويمارس دوره في المحاسبة أو بشكل أدق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر( الرقابة والتشريع).
العدالة والتمييز: قراءة في الآثار
العدالة:
التشديد على هدف العدالة وإقامتها من قبل جميع من أرسله الله تعالى، بل تركيز الله في القرآن على هذا المبدأ يكشف عن محوريته وأهميته في انتظام الحياة البشرية على الأرض، بل انتظام الكون، كون العدالة لا تقتصر على تعامل الإنسان مع الإنسان، بل العدالة لها مراتب عديدة تحقيقها مجتمعة يحقق ميزان العدالة المطلوب:
1. العدالة الداخل نفسية، وهي وصول الإنسان في صفاته النفسية إلى الاعتدال بحيث يصبح نفسيًّا لا مفرطًا ولا مفرّطًا، ويمتلك ميزانًا قويمًا يقيس وفقه الأمور، وإحراز العدالة النفسية يتطلب مرحلة قبلية منطقية وهي بوابة العدالة النفسية أي اتزان ميزان الأفكار العقلية، والتي تحتاج نظمًا لمصادر هذه الأفكار ومنبعها، أي نظم لمصادر المعرفة، هذا النظم له بعدان:
- بعد إلهي معصوم ولا محدود يتمثل في القرآن والسنة الموثوقة الصدور.
- بعد بشري غير معصوم ومحدود، يتمثل في العقل والحس والتجربة.
وهذه المرتبة هي مفتاح ومقدمة قاعدية لإحراز مراتب العدالة الفوقية.
2. العدالة السلوكية: وهي المعنية بسلوك الفرد مع محيطه:
- مع نفسه وفق موازين دقيقة أسسنا لها في المرتبة الأولى.
- مع جسده وضبطه وفق ضوابط العقل المنتظمة في معارفها وفق مصادر معتمدة.
- مع الإنسان الآخر سواء كان فردًا ارتبط به برابطة حقيقية كالأرحام، أو رابطة حقوقية كالزوجية وباقي صلاته الاجتماعية والدولتية.
- مع الطبيعة والمقصود بها العدالة في التعاطي مع الطبيعة واكتشافاته لها، وكيفية توظيف هذه الطبيعة بما يحقق مبدأ العدالة وعمارة الأرض بالعدل في صالح كمال الإنسان وتكامله.
3. العدالة الوظيفية: وهي المتعلقة بكل موقع يمكن للإنسان أن يتم تنصيبه به، سواء في الأسرة أو في المجتمع أو في الدولة. وهو ما يتطلب إحاطة أشمل في القوانين، والحقوق، والنظم التي من شأنها تحقيق العدالة ومنع الظلم، ولكل وظيفة مرتبة في تحقيق العدالة، فليست العدالة المتحققة في الخارج بمرتبة واحدة، بل لكل مرتبة وظيفية عدالة متعلقة بها وخاصة بمرحلتها.
وتحقيق العدالة في كافة المستويات كفيل بتهيئة قابليات المجتمع جميعا وتوجيهها نحو الأهداف الإلهية، في تحقيق العمارة على الأرض، وتشييد بناء متكامل يفجر طاقات الإنسان العقلية والعملية، ويحقق له القدرة على التكامل وفق مراتب الكمال المختلفة، ويشيع أجواء التعاون على البر، والتنافس في تحقيق الرضا الإلهي، وحتى الرفاه الإنساني، وتوفير فرص واحدة لجميع البشر بما يكفل لهم تفجير طاقاتهم التي أودعها الله تعالى بالتساوي فينا جميعًا، ويبقى أمام تساوي الفرص لجميع البشر تحت مظلة العدل، سعي كل إنسان واجتهاده، وحينما يكون هناك تنافس إيجابي سيخلق ذلك عند الجميع الهمة والعزيمة للسعي وسيعلي من مستويات الإرادة في تحقيق ما من شأنه حفظ القيم العليا كالكرامة والحرية والعزة، في مضمار العبودية لله فقط وهو ما يثبت أركان التوحيد في الأرض، كون العدالة تنفي كل أنواع الظلم، بما فيها ظلم الإنسان لنفسه بعبوديته لمثيل له أو لما هو أقل شأن منه.
ستقنن العدالة إدارة الموارد والثروات، وتحد من سلطة الحاكم وحاشيته عليها، بل ستفرض منهجًا اقتصاديًّا مانعًا للهدر والفساد والطبقية ومؤسسا للرفاهية والاكتفاء الذاتي وتحقق مبدأ الكفاية. وهذا يعالج كثيرًا من مشاكل الفقر والعوز وعدم تكافؤ الفرص.
ـــــــ
ورقة قدَّمَتْها الكاتبة في منتدى الإمام علي (ع)
                    
                        حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)                    
                    
                        محمود حيدر
                    
                        كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟                    
                    
                        السيد عباس نور الدين
                    
                        الذنوب التي تهتك العصم                    
                    
                        السيد عبد الأعلى السبزواري
                    
                        كلام في الإيمان                    
                    
                        السيد محمد حسين الطبطبائي
                    
                        شكل القرآن الكريم (1)                    
                    
                        الدكتور محمد حسين علي الصغير
                    
                        الإسلام أوّلاً                    
                    
                        الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
                    
                        لا تجعل في قلبك غلّاً (2)                    
                    
                        السيد عبد الحسين دستغيب
                    
                        معنى (لمز) في القرآن الكريم                    
                    
                        الشيخ حسن المصطفوي
                    
                        التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي                    
                    
                        عدنان الحاجي
                    
                        {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}                    
                    
                        الشيخ مرتضى الباشا
                    
                        اطمئنان                    
                    
                        حبيب المعاتيق
                    
                        الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين                    
                    
                        حسين حسن آل جامع
                    
                        أيقونة في ذرى العرش                    
                    
                        فريد عبد الله النمر
                    
                        سأحمل للإنسان لهفته                    
                    
                        عبدالله طاهر المعيبد
                    
                        خارطةُ الحَنين                    
                    
                        ناجي حرابة
                    
                        هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال                    
                    
                        أحمد الرويعي
                    
                        وقف الزّمان                    
                    
                        حسين آل سهوان
                    
                        سجود القيد في محراب العشق                    
                    
                        أسمهان آل تراب
                    
                        رَجْعٌ على جدار القصر                    
                    
                        أحمد الماجد
                    
                        خذني                    
                    
                        علي النمر
                    
                        حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
                    
                        كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
                    
                        (قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
                    
                        مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
                    
                        شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
                    
                        نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
                    
                        الذنوب التي تهتك العصم
                    
                        (ما بين العواصف والرّمال) إصدار تأمّليّ لحسن الرّميح
                    
                        كلام في الإيمان
                    
                        شكل القرآن الكريم (1)