السيد عباس نورالدين
إنّنا نعتقد بأنّ الإمام المهدي (عج) سيُغيّر العالم ويُصلحه من خلال إقبال الناس على قيادته أكثر من أيّ شيء آخر.. فحين ترى شعوب العالم أنّ هذا الإنسان يُمثِّل أجمل ما عندها من قيم، ويرونه تجسيدًا لتلك المبادئ الإنسانية الرفيعة التي آمنوا بها، سيُقبلون عليه وسرعان ما يتخذونه قائدًا لهم؛ وهذا الأمر بحدّ ذاته هو أحد أهم الأعمال التي سيقوم بها هذا الإمام لإثبات موقعه القيادي لهذه الشعوب في العالم كله.
وبخلاف الصورة النمطية السائدة التي نتصوّر معها أنّ هذا الإمام سيحمل السيف ويفرض الإسلام على شعوب العالم، فإنّ ما سيحصل في الواقع هو أنّ هذه الشعوب ستجد في هذا الإمام القيادة والقدوة التي تحلم بها.. ولكي يتحقّق هذا الأمر، سيقوم الإمام بتفعيل خطاب القيم من داخل منظومة وثقافة كل شعب أو أمة؛ فيكون خطابه مع المسيحي مثلًا وكأنّه البابا الذي يستنبط من التراث المسيحي تلك القيم التحرّرية والتقدمية والإصلاحية التي هي أساس الانطلاق نحو تغيير العالم؛ ومع اليهودي كذلك ومع أتباع الديانات والمذاهب الأخرى.
حين ننظر في الديانات والمذاهب المختلفة، نجد أنّ القيم الإيجابية هي التي تمثّل العناصر الجاذبة في هذا الدين أو ذاك بالنسبة لأتباعه؛ وقد تكون هذه القيم اتخذت طابعًا خاصًا وتغلّفت ببعض الوقائع والقضايا التاريخية، لكنها ستبقى في جوهره العامل الجاذب. فلا يمكن لأي دين أن يجذب ما لم يخاطب عمق الفطرة الإنسانية.
فعلى سبيل المثال، لو لم يكن صلب المسيح ـ الذي يعتقد به المسيحيّون ويراه أكثرهم كمحور أساسي للديانة المسيحية ـ قائمًا على قيم مهمة كالفِداء والتضحية والخلاص وممتزجًا بها، لما كان له هذا الرواج ولما كان لأتباعه مثل هذا التمسك به.
لقد استطاعت الكنيسة على مدى التاريخ أن تربط فكرة الصلب بمجموعة من القيم الكبرى العظيمة التي تمثّل الخلاص وتُضيء على حياة أتباعها بصورة مُلهمة ومشرقة. فكل عنصر من عناصر هذه الديانات المختلفة ما كان ليبقى ويستقر داخل هذه الديانة لولا ارتباطه بتلك العناصر القيمية الإيجابية. فإذا فهمنا هذه النقطة، يمكن أن نقترب من فهم طبيعة المشروع الذي سينهض به الإمام، حيث سيبرز لأتباع هذه الديانات والثقافات في كل العالم ممثلًا أعلى للقيم التي شاهدوها في دياناتهم وبنوا عليها ثقافاتهم.
وإلى جانب الإمكانات البيانية الرائعة التي يتمتع بها الإمام وما يمتلكه من قدرة على مخاطبة شعوب العالم بلسانها ووفق ثقافتها وأساليب بيانها وتاريخها، فإنّه سيحوز على كل عناصر الجذب والاستقطاب التي تؤهّله لأن يصبح قائدًا فعليًّا؛ فكيف إذا أضفنا ما يتمتع به من شجاعة لا نظير لها وهو يقود أعظم مشروع لإصلاح العالم ويعرض أطروحة شاملة علمية دقيقة مستوعبة للتغيير.
كما أن الإمام سينجح في تحقيق أنموذج أعلى للحكم والقيادة في إحدى بقاع العالم يكون أفضل ما يخاطب به العالمين؛ فلا شيء يجذب الناس ويقنعهم مثل التجربة الناجحة.. فإنّ نجاح الإمام على ما يبدو، سيكون أوّلًا وسط البيئة التي آمنت به من جميع الجهات وانتظرته طوال هذه القرون واعتقدت به وهيأت له؛ وذلك من خلال إقامة مجتمع نموذجي متفوّق في جميع العناصر الحضارية، يكون عنصرًا جاذبًا لبقية المسلمين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم أوّلًا، ليؤسس بذلك لقيام الأمة الإسلامية الواحدة، التي ستصبح بدورها مهوى أفئدة العالمين.
لن يكتفي هذا القائد بإنجاح التجربة الحضارية وسط الأمة الإسلامية وشعوب المسلمين فحسب، بل سيكون قادرًا على مخاطبة كل أتباع الديانات أينما كانوا انطلاقًا من التفوق الحضاري.. وهذا لا يعني أنّه لن يجري هناك نقاش داخل البيئة نفسها التي تؤمن به وتحبّه. فقد جاء في الحديث: "وإن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله يحتج عليه به"، بمعنى أنّه سيخوض نوعًا من النقاش الواسع على المستوى الفكري لإثبات أفكاره ومبادئه. إلا إنّ تفوّقه من جميع الجهات، وتفوّق الحقيقة التي يمتلكها والبيان العجيب الذي سيتميّز به، كل ذلك سيكون أحد العناصر الحاسمة التي ترسّخ قيادته.
لذلك نحن نعتقد بأنّ الإمام المهدي (عج) سيقود شعوب العالم بمختلف مشاربها ومذاهبها ودياناتها وثقافاتها نحو تلك الثقافة والديانة العالمية الكبرى، التي نؤمن بأنّ جميع جذورها وأصولها ومبادئها متوفرة في كتاب الله العزيز بصورة لا مثيل لها.
الشيخ محمد الريشهري
الدكتور محمد حسين علي الصغير
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد جواد البلاغي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد عبد الأعلى السبزواري
محمود حيدر
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العقيدة، المعنى والدور
المرتدون في زمن النبي (ص)
طبيعة الفهم الاستشراقي للقرآن (1)
حين تصبح المرأة المثيرة هي القدوة، ما الذي جرى وكيف تُصنع الهوية؟
الحب في اللّه
العرفان الإسلامي
جمعية العطاء تختتم مشروعها (إشارة وتواصل) بعد 9 أسابيع
الرؤية القرآنية عن الحرب في ضوء النظام التكويني (2)
قول الإماميّة بعدم النّقيصة في القرآن
معنى كون اللَّه سميعًا بصيرًا