مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشهيدة بنت الهدى
عن الكاتب :
ولدت الشهيدة آمنة بنت آية الله السيد حيدر الصدر (بنت الهدى) عام 1356هــ 1937م في مدينة الكاظمية، عرفت بالذكاء الوقاد، وسرعة الحفظ، وقد لعبت دوراً فعالاً وملموساً في هداية الفتيات، مارست عملها التبليغي عبر إلقاء المحاضرات والكتابة في مجلة "الأضواء" ثم مارست كتابة القصة لمخاطبة الجيل الناشيء بأسلوب قصصي بسيط، من مؤلفاتها: الفضيلة تنتصر، ليتني كنت أعلم، امرأتان ورجل، صراع مع واقع الحياة، لقاء في المستشفى، الخالة الضائعة، الباحثة عن الحقيقة ،كلمة ودعوة، ذكريات على تلال مكة، بطولة المرأة المسلمة، المرأة مع النبي (ص) . استشهدت مع أخيها السيد محمد باقر الصدر عام 1980.

المرأة والحجاب

الحِجاب ليس كما يتوهّم البعض من أنّه ختم ملكيّة المرأة للرجل، فإنّ المرأة والرجل من الناحية الإنسانية سَواء، لم يخلق أحدهما ليملِك الآخر، بل خلَق أحدهما ليتمّم الآخر ويُكمّله، ولكلٍّ منهما جانبان مزدوجان: فالرجل إنسانٌ وذكَر والمرأة إنسانٌ وأُنثى، وكلٌّ منهما بوصفه إنسان يسمح له بالمشاركة في خِدمة المجتمع، على أنْ يظهَر في مجال الخِدمة كإنسان لا أكثر ولا أقل.

 

إذن فعدَم تظاهِر المرأة بأُنوثتها لا يُؤخَذ دليلاً على أنّ الإسلام أراد أنْ يَحجبها من المجتمع، فهي عندما تتّصل بالمجتمع، تتّصل به لحساب كونها إنسانًا طبعاً، فكما أنّ للرجل أنْ يثبت إنسانيّته في الوجود، للمرأة أيضاً أنْ تُثبت وجودها الإنساني، حالها في ذلك حال الرجل سَواءٌ بسواء.

 

وفي النواحي التي يتحتّم على المرأة التستّر فيها يتحتّم على الرجل ذلك أيضاً، فكما أنّ المرأة لا يُمكن لها أنْ تتظاهر بأُنوثتها وبكونها الجِنس الناعم، عن طريق الخلاعة والتبرّج، لا يمكن للرجل أنْ يتظاهر برجولته وذكورته، ولا يُمكن له أنْ يعيش في المجتمع الواسع إلاّ كإنسان، كالمرأة التي لا يُمكن لها أنْ تعيش في المجتمع الواسع إلاّ كإنسانة، وفي الـمَواطِن التي يظهر فيها الرجل كرجل علاوة على كونه إنساناً، يُمكن للمرأة، بل ويجب عليها أنْ تظهَر بمظهر الأُنثى علاوة على كونها إنسانة.

 

وبما أنّ جاذبية المرأة وسِحرها أقوى وأشدّ تأثيراً من جاذبيّة الرجل وسحره، كان حِجاب المرأة أوسَع وأشمَل من حِجاب الرجل، فالمرأة التي تظهَر في المجتمع بمظهر إنسانة بدون إشارات وهوامِش تشير إلى أُنوثتها، تكون مساوية للرجل، على العكس تماماً من المرأة الغربيّة، التي إنْ قال لها الرجل أنّها حرَّة في تصرّفاتها وفي كلّ شيءٍ، تكون في الواقع مقيّدة بإرضاء الرجل أي رجلٍ كان وإشباع رغباته، إذ فرَض عليها تظاهرها بأُنوثتها باسم الحرّية على ما يتطلّب ذلك من تعَبٍ وجُهد وعلى ما يستنفذ ذلك مِن وقت المرأة.

 

فهل من الإنسانية أنْ تكون المرأةُ سِلعةً تُعرَض لعيونِ الرجال المتعطّشة؟ وهل أنّ مِن مستلزمات أنانية المرأة أنْ تَصرف الساعات الطِوال في محلاّت (الكوافير) وتحت أيدي المواشِط مع ما يَلزم ذلك من استهلاك وقتٍ مادّي ومعنوي؟

 

كلّ هذا لأجل أنْ تُرضي الرجل، فهل يمكن لهؤلاء النساء أنْ يظهرْنَ ولو مرّةً واحدة فقط بدون علامات تدلّ على أُنوثتهن معتمدات على شخصيّتهنّ أو على معارفهن؟ وهل خطَر لإحداهن مرّة في أنّها لو دُعيَت إلى الحفل الفلاني سَوف تكون الـمُبرزة بين لِدَاتها لما تملك من معرفة أو لِما تتمتّع به من شخصيّة؟ بل إنّ أفكارهن تتّجه أوّل ما تتّجه في أمثال هذه المناسبات إلى أناقتهن وإلى تحصيل الأسباب التي تجعل إحداهن أكثر جاذبية وفتنة من الأُخرى.

 

وأنا لا أُريد أنْ أقول أنّ مستلزمات الأناقة التبرّج، أو أنّ التبرّج من مستلزمات الأناقة، ولا أُريد أنْ أدعو إلى التقشّف ولكنّي أُريد أنْ أُنبّه اللاتي جعلْنَ في التبرّج والتأنّق عِماد شخصيّتهن، أنّ الواقع يؤكّد أنّ هذا شيء ثانوي لا يعدو كونه إرضاءً للرجل ولو بسبعين واسطة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد