علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمود حيدر
عن الكاتب :
مفكر وباحث في الفلسفة السياسية، مدير التحرير المركزي لفصلية "الاستغراب".

ميتافيزيقا المثنَّى؛ دُربة المعرفة إلى توحيد الله وتوحيد العالم (5)

السابع: المثنَّى بما هو الحادث القديم:

 

يميّز ابن عربي بين مرتبتين للوجود: مرتبة الوجود المطلق، وهو وجود الذات، ومرتبة الوجود المقيَّد، وهو الوجود العينيّ الحسّيُّ للعالم. فالوجود المطلق هو الوجود الحقُّ منبع كلِّ موجود، وهو النور الذي يسطع على الممكنات، فيخرجها من حيّز الإمكان إلى حيّز الوجود الفعليّ[1]. إلَّا أنَّ التمييز الذي يجريه ابن عربي بين المرتبتين له تكملة جوهريَّة في منظومته العرفانيَّة.

 

وإنَّما كان الممكن قابلًا للوجود من دون العدم؛ لأنَّ له مرتبة الوجود في العلم الإلهيِّ، ومن ثمَّ ترجح جانب الوجود فيه على جانب العدم؛ لأنَّ له وجهًا إلى الحقِّ، ونسبة تغلب على جانب العدم، فلذلك قبل الظهور بالوجود، وصار وجوده وجودًا إضافيًّا نسبيًّا، وفي هذا المعنى يتنزَّل قوله: «علمنا قطعًا أنَّ كلَّ ما سوى الحقِّ عَرَضٌ زائل، وغَرَضٌ ماثل، وأنه، وأن اتَّصف بالوجود، وهو بهذه المثابة في نفسه، في حكم المعدوم، فلا بدَّ من حافظٍ يحفظ عليه الوجود، وليس إلَّا الله تعالى. ولو كان العالم أعني وجوده لذات الحق لا للنسب لكان العالم مساوقًا للحقِّ في الوجود، وليس كذلك، فالنسب حكم الله أولًا، وهي تطلب تأخُّر وجود العالم عن وجود الحقِّ، فيصح حدوث العالم، وليس ذلك إلَّا لنسبة المشيئة، وسبق العلم بوجوده، فكان وجود العالم مرجّحًا على عدمه، والوجود المرجع لا يساوق الوجود الذاتي الذي لا يتَّصف بالترجيح».

 

وبناءً على ذلك، يصحُّ وصفك العالم بالقِدم إذا نظرت إلى مرتبة الوجود العلميِّ، ويصحُّ وصفك إيَّاه بالحدوث إذا نظرت إلى مرتبة الوجود الحسّيِّ، وكلاهما مرتبتان، ونسبتان إلى حقيقة وجوديَّة واحدة.

 

ولا يني ابن عربي يردِّد أنَّ الأسماء الإلهيَّة، ويجمعها اسم جامع هو الألوهيَّة، ليست إلَّا مجموعة من التعلُّقات والإضافات لا أعيان لها، بمعنى أنَّه ليس لها وجود حسّيٌّ مستقلٌّ، بل وجودها وجود عقليٌّ مفهوم، وممَّا يدعم وعيه هذا التصوُّر الذهنيُّ المعقول للألوهيَّة قوله، تقريبًا لهذا المعنى من الأذهان: «إنَّ الشيء الواحد تثنيه نفسه لا غير، فأمَّا في المحسوس فآدم ثناه ما فتح في ضلعه القصير الأيسر من صورة حواء، فكان واحدًا في عينه، فصار زوجًا بها، وليست سوى نفسه التي قيل بها فيه إنَّه واحد. وأمَّا في المعقول فالألوهيَّة ليست غير ذاته تعالى، ومعقول الألوهة خلاف معقول كونه ذاتًا، فثنت الألوهة ذات الحقِّ وليست سوى عينها».

 

ومن ثمَّ، تكون الألوهيَّة مفهومًا ذهنيًّا معقولًا يتوسَّط بين الذات الإلهيَّة والعالم، أو بين الوجود الحقِّ المطلق والوجود المقيَّد المضاف، ويصعب أن توصف بالوجود أو العدم بمعناهما الحسّيِّ، بل الألوهة فاصلة واصلة في آن، إنَّها أمر ثالث بين الوجود المطلق والوجود المقيّد «لا يتَّصف لا بالوجود، ولا بالعدم، ولا بالحدوث، ولا بالقِدم، وهو مقارن للأزليِّ الحقِّ أزلًا، فيستحيل عليه، أيضًا، التقدُّم الزمانيُّ على العالم والتأخُّر، كما استحال على الحقِّ وزيادة؛ لأنه ليس بموجود، فإنَّ الحدوث والعدم أمر إضافيٌّ يوصل إلى العقل حقيقة ما، وذلك أنَّه لو زال العالم لما أطلقنا على الواجب الوجود قديمًا، وإن كان الشرع لم يجىء بهذا الاسم – أعني: القديم – وإنما جاء بالاسم الأول والآخر؛ إذ الوسط العاقد للأوليَّة والآخريَّة ليس ثم، فلا أول ولا آخر، وهكذا الظاهر، والباطن، والأسماء، والإضافات كلُّها، فيكون موجودًا مطلقًا من غير تقييد بأوليَّة، أو آخريَّة»[2].

 

وهكذا يستبين لنا أنَّ الأسماء الإلهيَّة ليس لها وجود إضافة كالعالم، وإنما هي مجموعة من التعلُّقات التي تصل بين كينونتين؛ الأولى هي الذات الإلهيَّة بوجودها المطلق حتى عن الإطلاق، والثانية هي العالم بوجوده العينيِّ المضاف لا بوجوده العلميِّ الأزليّ[3]. وتلك النسب، والإضافات، والتعلُّقات هي التي تقيّد إطلاق الذات الإلهيَّة، ومن ثم تجمع بينها وبين العالم، وبذلك يكون الله متعاليًا ومحايثًا في آن، والتعالي والمحايثة مظهران للحقِّ، فالتعالي للحقِّ باعتباره ذاتًا إلهيَّة مجهولة العين، والمحايثة باعتبار العالم مجلى لألوهيَّتها؛ أي: مظهرًا لأسمائها، وانعكاسًا لصفاتها.

 

فالوقوف عند التعدُّد – كما يذكر الشارحون لعقيدة التوحيد الوجوديِّ عند الشيخ الأكبر- يعني الوقوف مع كثرة الأسماء الإلهيَّة، والوقوف عند وحدة المسمَّى، يعني: الوقوف مع الذات الإلهيَّة مستقلَّة عن العالم، وعن تعلُّقات أسمائها بالعالم[4]. يقول ابن عربي: «وأعلم أن الله، من حيث نفسه، له أحديَّة الأحد، ومن حيث أسمائه له أحديَّة الكثرة»، لكن الله والعالم متلازمان ضرورة، «فمدلول الله يطلب العالم بما فيه، فهو كالإسم الملك، أو السلطان، فهو اسم للمرتبة لا للذات»[5].

 

نحن، إذًا، إزاء ثلاثيَّة تحلُّ محلَّ الثنائيَّة القديمة (الله/العالم) في الفكر الدينيِّ، والوسيط الفاصل الواصل بينهما هو الألوهة، وهي ذات وجود ذهنيٍّ معقول؛ إذا لا أعيان لها، وليس معنى ذلك أننا إزاء ثلاث كينونات مستقلَّة منفصل بعضها عن بعض، وإنما نحن إزاء مراتب ثلاث لحقيقة واحدة هي الوجود الحقُّ المطلق، إذا نظرنا الى هذه الحقيقة في مرتبة الإطلاق والتجرُّد قلنا: «الذات»، وإذا نظرنا إليها من حيث أحكامها الباطنة المعقولة قلنا «الألوهة»، وإذا نظرنا إليها من حيث ظهور هذه الأحكام في حقائق حسّيَّة كثيرة قلنا «العالم»، فهذه ثلاث مراتب للوجود هي الوجود الذاتي، أو ذات الوجود (الذات الإلهيَّة)، والوجود العقليّ (الألوهة) وهو نفسه يسمّيه ابن عربي الحقَّ المخلوق به، والوجود الحسِّيَّ (العالم)[6]. وقد تنبَّه بعض المستشرقين إلى هذا المعنى، فنفى عن وحدة الوجود عند ابن عربي المعنى المادّيَّ الاندماجيَّ، وعلَّل ذلك بأنَّ الله عنده هو الوجود الطلق، الذي عنه تكوَّنت الموجودات، فليست الموجودات مماثلة لله، متطابقة معه، مماهية له، وإنما هي مجرَّد انعكاسات لأسمائه، وصفاته[7].

 

فالله هو الحقُّ الوحيد، أمَّا العالم فلا وجود له من ذاته، وإنما وجوده موقوف على إيجاد الله إيَّاه، وحفظه الوجد عليه، فلا مجال للحديث عن وحدة وجود مادّيَّة محايثة ترجع الله إلى العالم، وتجعله ماثلًا فيه، ولا عن وحدة وجود فيضيَّة تعدُّ العالم سيلانًا، واندفاقًا من الذات، وإنما هي وحدة عمادها الإيمان بالله الواحد الحقِّ الفرد الصمد الذي لا يتبدَّل، فهو نفسه في حقيقته الغيبيَّة المتعالية، وهو نفسه في المظاهر المتعلقة بالكون المخلوق.

 

الثامن: المثنَّى بوصفه التجلِّي الأوَّل:

 

السؤال الإشكاليُّ الذي يطرحه قرَّاء ابن عربي بإزاء الصلة بين الله والعالم، أو بين الحقِّ والخلق هو التالي: كيف للوجود الحقِّ أن يظهر في مراتب وظهورات مختلفة؟

 

في جوابهم يسعى هؤلاء لمتاخمة ركن بارز في أركان التنظير عند ابن عربي، عنينا به مفهوم التجلِّي، والوظيفة المعرفيَّة المسندة إليه في التوحيد الوجوديّ: يرى هؤلاء أنَّ مفهوم التجلّي هو بمثابة الأداة الإجرائيَّة؛ التي بفضلها يفسِّر ابن عربي تعدُّد المراتب الوجوديَّة، مع أنَّ عين الوجود واحدة، وبفضل هذا المفهوم المفتاح يؤسِّس ميتافيزيقا التجلّي، وهي ميتافيزيقا وحدويَّة تصل بين الله والعالم، فتجعل من العالم مرتبة من مراتب التجلّي الإلهيّ الدائم، ويعتاض بها عن ميتافيزيقا الفيض، كما نظر لها الفلاسفة، وعن ميتافيزيقا الخلق من عدم كما نظر لها المتكلّمون. تلك التي تتأسَّس على مبدأ الإله المفارق المتعالي، والعالم المنفصل عنه؛ ولذلك أتيح له أن يحقِّق مقصوده من تمييز نسق تفكيره الخاص من الفلاسفة والمتكلمين معًا بفضل استصفاء هذا المصطلح.(…) ثم إنَّ ميتافيزيقا التجلّي تجعل المفارق محايثًا من غير أن يفقد مفارقته، وتعاليه، فهو متعالٍ من جهة ذاته، محايث من جهة أسمائه، وهذا التجلّي له جانبان: جانب وجوديٌّ وجانب معرفيٌّ؛ لأنَّه نوعان: «تجلٍّ عامٌّ إحاطيٌّ، وتجلٍّ خاصٌّ شخصيٌّ، فالتجلّي العامُّ تجلٍّ رحمانيٌّ، وهو قوله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)[8]، والتجلِّي الخاصُّ هو ما لكلِّ شخص من العلم بالله، وهو ما يسمَّى (التجلِّي الوجوديُّ) و(التجلِّي الشهوديُّ)، فضلًا عن أنَّ الأسماء الإلهيَّة، على تعدُّدها، وتنوُّع حضراتها، وفاعليَّتها في الأكوان كلِّها، يمكن إرجاع الأفعال المتصلة بها إلى نوعين من التجلّي هما: تجلّي الجمال، وتجلّي الجلال[9].

 

أمَّا من الوجه الوجوديّ فالتجلّي هو حركة الوجود الأزليَّة الأبديَّة، عنها يظهر الوجود في كلِّ آن في ثوب جديد، وتتعاقب عليه الصور التي لا تتناهى عددًا من غير أن تزيد فيه، أو تنقص شيئًا من جوهر ذاته، فإنَّ للحقِّ في كلِّ خلق ظهورًا… فالحقُّ محدود بكلِّ حد[10].

 

وقد ذهب عدد من أقطاب الصوفيَّة المتأثّرين بالشيخ الأكبر إلى تأصيل نظريَّة توحيد الوجود، فميَّزوا بين مراتب الوجود ليؤدُّوا تنزيه الحق الواجد ورعايته بالحقِّ الموجود وفق مبدأ الوصل والوصل. ومثل هذا التمييز سنجده لدى المتصوِّف الكبير الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي الحنفي (1050- 1143هـ) الذي يبيّن في كتابه «الوجود الحق والخطاب الصدق» أن «الوجود الواحد الحقّ، وإن كان في ذاته مطلقًا عن جميع التقادير، والتصاوير، والقيود، والحدود، قد تجلَّى، وانكشف، وظهر بجميع التقادير، والتصاوير، والقيود، والحدود؛ لأنَّه فاعلها، وخالقها، وصانعها على مقتضى ما جرى في علمه، وقرَّرته إرادته، وأنشأته قدرته، فليس ثمَّة إلَّا وجود وقيود وحدود قائمة بالوجود، والقيود والحدود هي المعلومة المشهودة بالحسِّ والعقل، والوجود غيب عن الحسِّ والعقل من حيث ذاته، وشهادة لهما من حيث ظهور القيود، والحدود به[11].

 

وهكذا سنرى أنَّ الخلق في – منظومة ابن عربي العرفانيَّة – ليس إيجادًا لشيء لا وجود له، فذلك مستحيل عقلًا وفعلًا، ولا هو فعل قام به الحق في زمن مضى، دفعة واحدة، ثم فرغ منه، كلَّا، فليس الخالق عنده بمعنى الموجد من عدم، أو المبدع على غير مثال سابق، وإنما الخالق ذاتٌ أزليَّة أبديَّة تظهر في كلِّ آن في صور ما لا يحصى من الموجودات كثرة، فإذا ما اختفت فيه صورة تجلّى في غيرها في الَّلحظة التي تليها، فعمليَّة الخلق هي حركة التجلّي المتجدِّد، والمخلوق هو تلك الصور المتغيّرة الفانية التي لا قوام لها في ذاتها، وإنما قوامها بالحقِّ الذي يوجدها بمقتضى علمه، ويحفظ عليها وجودها على النحو الذي يشاء، بمقتضى قدرته، وإرادته. فـ: «إذا قلت القديم فني المحدث، وإذا قلت الله فني العالم، واذا أخليت العالم من حفظ الله، لم يكن للعالم وجود وفنيٌّ، وإذا سرى حفظ الله في العالم بقي العالم موجودًا، فبظهور وتجلّيه يكون العالم باقيًا… وبهذا يصحُّ افتقار العالم إلى الله في بقائه في كلِّ نفس، ولا يزال الله خلَّاقًا على الدوام[12].

 

إنَّ الخلق عند ابن عربي هو التجلّي؛ أي: إخراج ما له وجود في حضرة من حضرات الوجود إلى حضرة أخرى، بمعنى إخراجه من الوجود في العلم الإلهيِّ الى الوجود في العالم الخارجيِّ، أو هو إظهار الشيء في صورة غير الصورة التي كان عليها من قبل، فالعالم، من حيث بطونه في العلم الإلهيِّ، حقيقة أزليَّة دائمة لا تفنى، ولا تتبدَّل، ولا تتغيَّر إلَّا من حيث صورها، أما حقيقة ذاتها وجوهرها فلا تخضع للكون والفساد، وإنَّما تخضع لهما صورها المتكثرة، ومظاهرها المتعدِّدة[13].

 

ذلك هو الخلق في اصطلاح ابن عربي؛ تجلٍّ إلهيٌّ دائم في ما لا يحصى عدده من صور الموجودات، وتغيُّر دائم في ما لا يحصى من صور الموجودات، وتحوُّل مستمرٌّ في الصور في كل آن، وهو ما يطلق عليه اسم (الخلق الجديد) و(تجديد الخلق مع الأنفاس)[14]، زاعمًا أنه المشار إليه في قوله تعالى:(بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ)[15]. والحقَّ أن مفهوم الخلق المتجدِّد، الخلق المستمرِّ، أو تجدُّد الوجود، أقرَّ به، قبل ابن عربي، الغزالي، ومن قبله المتكلّمون، وهو في الأصل مقالة عريقة في القِدم، لم تكن من إبداع ابن عربي، ولا الغزالي، ولا المتكلّمين، بل ترجع إلى بعض المذاهب في الثقافة الهنديَّة القديمة، وقد تبنَّاها إخوان الصفاء[16].

 

فالله هو الوجود المطلق، وكلُّ موجود من الموجودات صورة من صوره، والصورة إن أخذت في جزئيَّتها ليست هـي الله فـي إطلاقـه، إنَّمـا هـي مجلـى مـن مجاليــه، وإنما (كَفَـرَ الَّذِيـنَ قَالُـوا إِنَّ اللَّه هُـوَ الْمَسِيـحُ ابْـنُ مَرْيَمَ)[17]، في رأي ابن عربي؛ لأنهم حصروا الحق الذي لا تتناهى صوره في تلك الصورة الجزئيَّة بعينها، ولو قالوا: إنَّ المسيح صورة من صورة الله التي لا تتناهى، لما كفروا، فالصورة، وإن كانت من صور الحق، ووجوها العينيّ صورة من وجوده، فإن الله، باعتباره ذاتًا مطلقة ليس من حيث إطلاقه، واستغنائه الذاتيّ عنها، وعن غيرها أي نسبة اليها، ولا لها هي نسبة إليه، فليس فيها من ذلك المطلق شيء، وإنما هي مجرَّد مجلى ومظهر[18].ومن ثم، يمكن القول: أنَّ الموجودات، من حيث حقيقتها الجوهريَّة التي بها قوام وجودها، هي الله، لكن الله ليس هو الموجودات، لا بمعنى أنَّ حقيقته تُقصي الموجودات؛ وإنَّما لأن الموجودات الزائلة الفانية ليست شيئًا مذكورًا أمام إطلاقه، ولا نهائيَّته، فهي ملغاة أمامه.

 

إنَّ مفهوم التجلّي، كما استقرَّ عند ابن عربي، أشبه ما يكون بمفتاح سحريٍّ يفتح المستغلقات، فقد رأينا، من الناحية الوجوديَّة، أنَّه شرط وجود الأشياء واستمرارها في الوجود وبقائها، فالحقُّ يظهر بالتجلّي في صور كلِّ ما سواه من الموجودات، «فلولا تجلّيه لكلِّ شيء ما ظهرت شيئيَّة ذلك الشيء»[19]. ومزيَّة هذا التجلّي الإلهيِّ هي الدوام، «فالتجلّي الإلهيُّ لا ينقطع»[20].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]– الطيب، محمد بن- عقيدة التوحيد الوجودي عند ابن عربي – بحث في إطار كتاب جماعي بعنوان: الإيمان في الفلسفة والتصوُّف الإسلاميين- إشراف: نادر الحمامي- منشورات: مؤمنون بلا حدود – الرباط- المغرب- 2016-  ص 252.

[2]– المصدر نفسه – ص 253.

[3]– م. نفسه – الصفحة نفسها.

[4]– م. نفسه – الصفحة نفسها.

[5]-الفتوحات، الجزء الثالث- ص 101.

[6]– أبو زيد، نصر حامد، فلسفة التأويل، دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي – دار التنوير – ط 1- بيروت 1983.ص 64.

[7]– المصدر نفسه.

[8]– سورة طه – الآية 5.

[9]– الطيب، محمد بن- مصدر سابق.

[10]– فصوص الحكم، 1-68.

[11]– النابلسي، الوجود الحق، ص 30-31.

[12]– ابن عربي – الفتوحات المكيَّة، الجزء الأول مصدر سبق ذكره – ص 454.

[13]– العفيفي، أبو العلا- التعليقات على فصوص الحكم – الجزء الثاني- مصدر سبق ذكره – ص 213.

[14]– فصوص الحكم، الجزء الأول- ص 155.

[15]– سورة ق – الآية 15.

[16]– الطيب، محمد بن – عقيدة التوحيد الوجودي عند ابن عربي- مصدر سبق ذكره – ص 354.

[17]– سورة المائدة – الآية 72.

[18]– عفيفي، التعليقات على الفصوص – الجزء الثاني – ص27-28.

[19]– الفتوحات، ت. عثمان يحيى، الجزء الثالث- ص 193-194.

[20]– المصدر نفسه، 10-287.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد